انخفاض النفط وارتفاع الذهب.. رعب يسود العالم بسبب انتشار "كورونا"
"بدرة": الأمراض والأوبئة وعدم الاستقرار المجتمعي يؤثرون على الاقتصاد
فيروس "كورونا" الجديد
على مدار أقل من شهر، تسارعت وتيرة انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين، لينتقل إلى دول أخرى، ويسقط له مئات الضحايا، لتسود أجواء مرعبة بالعالم، لم تقتصر على الموت فقط، وإنما انعكست أيضا على أسواق المال والاقتصادات العالمية بشكل عام، والصينية بشكل خاص.
تفاقمت الأزمة الاقتصادية، خلال الأيام الماضية، وشهدت الأسواق العالمية تراجعات كبيرة بسبب المخاوف من كورونا، حيث انخفضت المؤشرات الأمريكية وسط عمليات بيع واسعة النطاق ليسجل المؤشر S&P500 أكبر انخفاض أسبوعي له في ستة أشهر، كما هبطت أسعار الدولار وتراجعت الأسهم بالأسواق الأمريكية وسط موجة من عمليات البيع أمس بفعل المخاوف المتنامية من مدى انتشار الفيروس.
انخفاض للنفط وارتفاع بالذهب
وهوت أسعار النفط لتسجل أشد خسارة أسبوعية لها منذ عام، حيث خسرت أكثر من 2 % أمس، وتكبد خام برنت خسارة أسبوعية هي الأسوأ منذ أكثر من عام حيث أنهى تعاملات الأسبوع منخفضا بنسبة 6.4%، كون الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وفقا لوكالة "رويترز".
وتوقع بنك "جولدمان ساكس" أن أسعار النفط من الممكن أن تنخفض 3 دولارات لكل برميل إذا انتشر فيروس "كورونا"، حيث إن أسواق النفط ستتأثر بفيروس "كورونا" المنتقل من شخص لآخر، مثلما تأثر وقود الطيران أثناء وباء سارس في عام 2003.
وفي المقابل، ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى لها منذ أسبوعين، عالميا ومحليا، حيث صعدت أسعا أوقية الذهب لـ1571 و1573 دولارا للأوقية، وفي المعادن النفيسة الأخرى، تراجع البلاديوم 1.8% فى المعاملات الفورية إلى 2417.10 دولار للأوقية، بعد أن فقد أكثر من 3% فى وقت سابق، ويتجه المعدن لتسجيل أول تراجع أسبوعى له في 5 أسابيع، وبنحو 2.6%.
ما هو فيروس كورونا؟
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية هي مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تسبب مرضًا يتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى أمراض أكثر حدة، لذلك أعراضها تشمل الحمى وصعوبة التنفس، ويمكن أن يسبب العدوى الالتهاب الرئوي والمتلازمة التنفسية الحادة والفشل الكلوي وحتى الموت.
وتضم فيروسات كورونا أكثر من 30 فيروسا، مكونة من قسمين فرعيين، والذي جرى اكتشافه لأول مرة عام 1965، ومن أشهر أنواعها والمنتشر حاليا في الصين، هو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، المعروف باسم "سارس"، الذي تفشى في آسيا في عام 2003، وانتشر في بلدان في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 650 شخصا في الصين قبل احتوائه بنجاح.
وتنتقل "كورونا" بين الحيوانات والأشخاص، وصنفته وسائل الإعلام الصينية بأنه "قذر وفوضوي"، حيث سجلت بكين أول إصابة بالفيروس الجديد في 12 ديسمبر 2019، وحتى أمس الأحد أعلنت الصين اكتشاف 218 حالة من حالات الالتهاب الرئوي الفيروسي في المدينة، بينها 198 في مدينة ووهان، و5 في بكين، وحالة واحدة في شنغهاي، و14 حالة في مقاطعة وسط الصين.
وبسبب ذلك الأمر وانتشار الفيروس لعدة دول أخرى، تم تقييد حركة وحرية السفر والتجارة بين البلدان، ورفع الإنفاق على العملية الاحترازية للحد من انتشاره، وإذا استمر تفاقمه سيؤثر على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط، على غرار ما حدث في العام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذي أودى بحياة نحو 800 شخص في الصين، وأدى إلى انكماش الناتج المحلي للبلاد بنحو 5%.
خبير اقتصادي: الأسواق العالمية تتأثر بمجريات السياسة
الدكتورة مصطفى بدره، الخبير الاقتصادي، أوضح أن أي تأُثير بمجريات السياسة العالمية تؤثر بشدة على الأسواق الدولية، ومن بين تلك المجريات، هي الصحة، حيث إن انتشار الأمراض والأوبئة وعدم الاستقرار المجتمعي والحروب مثل ما يحدث بليبيا وسوريا، يؤثر فورا وبقوة على الاقتصاد حيث يسحب رجال الأعمال استثماراتهم من تلك الدول.
وأضاف بدره، لـ"الوطن"، أن رجال الأعمال يحرصون على تجنب الاستثمار بالبلدان التي تعاني من المجريات السياسية، وتحديدا الأمراض، حيث يتجهون بأموالهم إلى الملاذات الأمنة وهي "الذهب"، لاقتنائه ما يؤدي إلى رفع ثمنه، وفي المقابل ينخفض النفط وأسعار الشركات بالبورصة.
وأوضح أن تلك الأموال التي تتوقف وتنسحب من الصين، تؤدي لهبوط الشركات بالبورصة، لخروج المستثمرين وانتظارهم لهبوط الأسعار ومن ثم العودة لشراء المنتجات بأسعار أقل لحين استقرار الأوضاع، مؤكدا أهمية ربط كافة الأمور ببعضها البعض في الاقتصاد العالمي.
رئيس شعبة الذهب: رجال الأعمال يقبلون على المعدن النفيس لحماية رؤوس المال
من ناحيته، قال رفيق عباسي، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، إن ارتفاع أسعار الذهب مؤخرا يرجع إلى تأثير الاقتصاد العالمي، الذي انعكس عليه الفيروس سلبا، لذلك هرب رجال الأعمال إلى اقتناء الذهب حفاظا على رؤوس الأموال.
وأشار عباسي، لـ"الوطن"، إلى أن الأوضاع المحلية بمصر تتأثر سريعا بنظيرتها العالمية، متوقعا استمرار ارتفاع الذهب في حال انتشار الفيروس القاتل بصورة أكبر وزيادة الاقبال على المعدن النفيس.