توقعات بارتفاع العملة الأمريكية إلى مستوى 7 جنيهات قبل نهاية العام الجارى
أكد مصرفيون وخبراء أن نزيف الاحتياطى النقدى خلال الفترة الماضية أدى إلى تراجع قدرة البنك المركزى على ضبط سوق الصرف مقارنة بقوته فترة ما قبل الثورة، وفيما أكد البعض أن المركزى أساء فى تقديره للأمور عندما وضع دعم الجنيه صوب عينيه كهدف أساسى، إلا أن آخرين أشادوا بتلك الطريقة فى ضبط إيقاع سوق الصرف خلال الفترة الماضية وحمى الجنيه من انهيار مذهل.
قالت بسنت فهمى رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة المشورة للاستشارات المالية، إن قدرة البنك المركزى المصرى المستمدة من الاحتياطى النقدى الأجنبى لديه فى السيطرة على سوق الصرف انخفضت بتراجع رصيد الاحتياطى.
وأشارت إلى أن البنك اتبع أساليب خاطئة خلال الفترة الماضية مما كلف مصر فقدان أكثر من 20 مليار دولار من رصيد الاحتياطى النقدى لدعم الجنيه أمام الدولار.
وأضافت أن الأفضل هو الحفاظ على رصيد ما تملكه الدولة من احتياطى وليس دعم العملة المحلية، لافتة إلى أن سعر الصرف ليس هدفاً بينما الهدف الأساسى هو خلق منظومة اقتصادية قوية عبر سياسات مالية نقدية أكثر فاعلية، مشيرة إلى دولة الصين التى تمتلك أكبر فائض واحتياطى نقدى فى العالم وعملتها منخفضة جداً.
وأشارت إلى أن الاستمرار على نفس الوتيرة السابقة فى السياسات النقدية والمالية وشكل الموازنة الحالى سيؤدى إلى تدهور الأمور بشكل لا يمكن لمحدود الدخل تحمله، ومن المتوقع أن يرتفع الدولار خلال الشهور القليلة المقبلة إلى ما يتجاوز 7 جنيهات قبل نهاية العام الجارى.
وأكدت أن الوضع سيكون إلى الأفضل إذا تمت استعادة الأمن، وهو الملف الذى يشهد تحسناً سريعاً وتطوير منظومة النقل وتحقيق الاستقرار الاجتماعى، من خلال إعادة صياغة الموازنة العامة للدولة وهيكلة منظومة الدعم ليصل إلى مستحقيه، مؤكدة أنه إذا تم توفيق تلك الأوضاع فإن محدود الدخل لن يتأثر بانخفاض سعر الجنيه.
وأشارت إلى أن صندوق النقد يطلب عادة تحقيق سياسة نقدية أكثر مرونة، ولا يجب القلق عندما يرتفع الدولار إلى مستويات عالية لأنه سيعكس الوضع الاقتصادى الحقيقى ولست قلقة من ذلك لأنه لا يزال هناك الوقت الكافى لخلق منظومة اقتصادية مترابطة وسوية وهيكلة الدعم على نحو أفضل.
وأضافت أنه يتعين على الدولة أن تتبع أساليب ترشيد الإنفاق الحكومى الذى يستحوذ على ثلث الموازنة العامة، لافتة إلى أن الدولة فيها 93 ألف مستشار يحصلون على 16 مليار جنيه مصرى سنوياً، وهو ما لا يمكن تحمله فى ظل تلك الأوضاع ويجب الإبقاء على ما تحتاجه الحكومة منهم فقط.
وأتوقع أن يظل سعر صرف الدولار عند مستويات مرتفعة خلال فترة تصل إلى عام ونصف على أقصى تقدير، ثم يتحرك الجنيه إلى الأعلى ليسترد خسائره بل ويحقق نمواً إيجابياً أمام العملة الأمريكية وباقى العملات الرئيسية كنتيجة للاستثمارات الأمريكية والصينية والعربية والتركية المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
خالد السيد مدير عام إدارة الخزانة بأحد البنوك العاملة فى السوق المحلية قال إن قوة البنك المركزى فى الحفاظ على سعر الجنيه لم تعد كسابق عهدها، لافتاً إلى أن قوته كانت أكبر عندما كان يدير احتياطياً أجنبياً قيمته 36 مليار دولار، فيما خارت قواه مع نزيف الاحتياطى إلى أن وصل لمستوى 15.1 مليار دولار تقريبا.
وأشار إلى أن الزيادات الأخيرة التى طرأت على الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى كانت نتيجة ودائع ومساعدات عربية بالإضافة إلى رصيد الحوالات الصفراء، لافتاً إلى أنها جميعاً زيادات طارئة فى شكل مساعدات فقط، وليست نتيجة ما كسبته اليد المصرية، لذا لا يمكن تصور بناء سياسة مالية ونقدية واضحة على تلك التطورات التى لا تعكس أى توجهات حتى الآن إلى النمو، والأهم أن نبدأ بالعمل وتتوقف المظاهرات الفئوية وأن تعود السياحة إلى العمل مرة أخرى بنفس النشاط المعهود لها.
وأشار إلى أن حجم الطلب الاقتصادى على الدولار داخل السوق المحلية يسير وفقاً لمعدلاته الطبيعية، وأن الزيادات الأخيرة فى سعر الدولار «أشم فيها رائحة مضاربة»، مشيراً إلى أنه يجرى خفض قيمة الجنيه بالتدريج وفقاً لتعليمات صندوق النقد الدولى مشيراً إلى أنه بعد تصريحات الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بعدم خفض قيمة الجنيه نهاية الشهر الماضى خسر الجنيه يومها 1.5 قرش.
وأشاد السيد بدور البنك المركزى خلال الفترات الماضية فى مساندة سعر العملة المحلية، مؤكدا أنه لولا سياسته الحكيمة لقفذ الدولار إلى 8 جنيهات، مشيراً إلى أن تدخلات المركزى تتركز فى إجهاض المضاربات على الدولار لإخضاع سعر الصرف إلى الطلب الحقيقى عليه، لكن قوته أصبحت حالياً أضعف مما كانت عليه قبل الثورة.
وتوقع أن يصعد الدولار ليتجاوز مستوى 6.5 قبل نهاية العام الجارى، لافتاً إلى أن المركزى لن يستطيع الاستمرار فى دعم الجنيه فترة أطول من 3 شهور ما إذا ظلت معدلات أداء الاقتصاد عند مستواها الحالى.
وأشار مدير إدارة الخزانة إلى أن استمرار الأوضاع على ما هى عليه ستحدث ثورة جياع وما تحتاجه الدولة فى الوقت الحالة وزراء اقتصاديون أقوياء يساعدهم كل فى مكانه، مشيرا إلى أن الدولة تحتاج متخذ قرار قوياً يبنى توجهاته على رؤية سليمة بما يخدم الاقتصاد الوطنى.
من جهته حذر سليمان الجابرى رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الصرافة من استمرار نزيف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة، قائلا إن السوق يحتاج إلى عودة العمل والإنتاج فى أسرع وقت كما يحتاج إلى استعادة قطاع السياحة عهده القديم لتوفير سيولة دولارية أكبر تحتاجها الدولة فى دعم احتياطياتها النقدية من ناحية وتلبية التزاماتها من ناحية أخرى؛ حتى لا ينعكس ذلك على أداء سوق الصرف.
وأشار إلى أن الدولار متوافر حتى الآن فى البنوك والصرافات، محذراً من أن ارتفاع الدولار نصف جنيه سيتسبب فى كارثة اقتصادية ستنعكس على واردات مصر من السلع وخاصة الاستراتيجية بالسلب وهو ما سيحمل الدولة تكلفة إضافية لتوفير تلك الاحتياجات الدورية.