بالمستندات.. الإهمال يضرب مخزن أدوية "فيروس سي" في سيدي سالم
6591 عبوة "سوفالدى ودكلانزا" معرضة للتلف بسبب سوء التخزين
مخزن أدوية سيدي سالم
قبل 7 أعوام من الآن لم يكن هناك دواءً لمرضى "فيروس سى"، كان المئات من المواطنين يموتون على أعتاب المستشفيات بسبب الالتهاب الكبدى المُسمى بـ"فيروس c" إلى أن وُجد علاج "سوفالدى"، وكان بمثابة بادرة أمل لشفاء ملايين البشر حول العالم، ومع توافر العلاج حالياً فى المستشفيات هناك اتهامات لمديرية الصحة بمحافظة كفر الشيخ، بسوء تخزين نحو 6591 عبوة دواء تُقدر قيمتها بمليون و757 ألف جنيه بمخزن الأقراص التابع للإدارة الصحية بسيدى سالم، والموجود بوحدة منشأة عباس الصحية، على الرغم من احتياج بعض المرضى له.
في مكان أشبه بجراج سيارات لا تتعدى مساحته الـ12 متراً، منخفض في ممر ضيق تحيطه القاذورات ومواسير الصرف الصحى المتآكلة، يقف "عمرو الشرقاوى"، الطبيب المسؤول عن مخزن الأدوية الخاص بحفظ الأقراص التى توزع على نحو 48 وحدة صحية، حائراً بعدما طرق كل الأبواب لإنشاء مخزن نموذجي أو نقله حفاظاً على الأدوية الخاصة بالمرضى وخاصة دواء "سوفالدى" الخاص بمبادرة 100 مليون صحة.
وإلى جانب الطبيب المسؤول ترى الآلاف من عبوات الأدوية، بعضها موضوع على "استنادات خشبية"، والبعض الآخر مُلقى على الأرض، فالمخزن الذى يوزع آلاف عبوات الدواء يفتقد للحد الدنى من الاشتراطات الصحيحة لتخزين الأدوية، بعض كراتين الدواء تعرضت للتلف بسبب سوء حالة المخزن، ما جعل المسؤول يخاطب مديرية الصحة والإدارة الصحية بسيدى سالم، آملاً بوجود حل لحفظ الأدوية التى يبلغ ثمنها نحو مليون و700 ألف جنيه.
فى عام 2013، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" على اختراع شركة "جيلياد" العالمية وهو أول دواء قادر على الشفاء من "الفيروس" بشكل تام، وهو سوفوسبوفير المعروف بـ"سوفالدى"، وكان بمثابة بادرة أمل لشفاء ملايين البشر حول العالم، ومع تطور الشركة وغيرها من الشركات أصبحت مصر رائدة فى تصنيع النسخة المصرية لهذا الدواء وفى 30 سبتمبر عام 2018 أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى حملة للقضاء على الفيروس.
مسؤول المخزن يخاطب "الصحة" لسرعة استرجاع الأدوية.. ومدير الإدارة يهدده بالنقل
ووفقاً لـ"فاطمة.م.ا" البالغة من العمر نحو 57 عاماً، فإنها ذهبت لمركز أبحاث الكبد بكفر الشيخ فى يوليو عام 2018، واكتشفت أنها مُصابة بفيروس سى وتحتاج لجرعات علاج "سوفالدى"، فى هذا التوقيت انتظرت السيدة الخمسينية دورها فى جرعات العلاج، ومثلت مبادرة الرئيس السيسى بادرة أمل لها، حيث جرى توقيع الكشف الطبى عليها مرة أخرى فى نهايات العام نفسه، وتوجيهها لصرف العلاج الفورى من مستشفى كفر الشيخ الجامعى.
الطبيب المسؤول عن مخزن الأدوية فى سيدى سالم، أكد أن المخزن لا تتوفر فيه أى اشتراطات صحيحة لتخزين الدوية، وأن سوء التخزين أشد خطورة من الأدوية المنتهية صلاحيتها، ففى الخامس من أغسطس العام الماضى، استلم الطبيب الشاب نحو 2197 جرعة علاج بواقع 6591 عبوة من دواء "سوفالدى ودكلانزا" الثنائى، وذلك من البنك الدولى وفقاً لمناقصة جرى إنهاء إجراءاتها عن طريق وزارة الصحة، على أن يتم تسليم هذه الجرعات لمستشفى كفر الشيخ الجامعى، لكن الأخير رد على مديرية الصحة بأن المستشفى ليست بحاجة إلى هذه الدفعة من الدواء، كما رد مركز أبحاث الكبد بنفس الرد، وخاطبت المديرية مخزن أدوية الإدارة للتحفظ عليها لحين إشعار آخر.
"خاطبنا وزارة الصحة ورفعت مذكرات للمديرية والإدارة الصحية، بعدم كفاءة مخزن ادوية سيدى سالم لحفظ هذه الأدوية غالية الثمن، إلا أنهم لم يستجيبوا، قلت لهم المخزن غير صالح فنياً ولا أمنياً، وخاطبت مدير الإدارة اكثر من مرة بمذكرات رسمية بشأن عدم كفاية وكفاءة القواعد الخشبية لحفظ أدوية السوفالدى، وطالبت بإنشاء مخزن نموذجى أو نقله بحجرة فى المستشفى، كان الرد مفيش فلوس، ونتيجة الأمطار بعض الأدوية لحق بيها ضرر من الرطوبة العالية، فخاطبت وكيلة الوزارة مرة أخرى، فانزعج مدير الإدارة الصحية بسيدي سالم وقال لي المخزن كويس، وهددني أنه هينقلني لو خاطبت وكيلة الوزارة مرة أخرى، ولحد دلوقتي الدواء في مخزن غير صالح فنيا ولا أمنيا"، عبارات يقولها الطبيبي المسؤول عن المخزن فى حزن وحسرة متخوفاً من تعرض باقى الدوية للتلف.
وتشترط منظمة الصحة العالمية WHO مقاييس صارمة لأماكن تخزين الأدوية والعقاقير الطبية، أهمها "ألا تزيد درجة الحرارة على 30 درجة مئوية"، وأن يكون مكاناً جيداً للتهوية ولا يقل عن 25 مترا مربعا، وإنشاء استاندات غير خشبية لضمان حفظ الأدوية الجيد.
وتواصلت "الوطن"، مع الدكتور تامر حجازى، مدير إدارة الصيدلة بمديرية الصحة بكفر الشيخ، أكد أنه علم بالشكوى وقرر تشكيل لجنة من إدارة التفتيش الصيدلى بالمحافظة لفحص المخزن الاسبوع المقبل، مشيراً إلى أنه من أهم اشتراطات حفظ الأدوية هو التهوية الجيدة وعدم وجود رطوبة عالية.
الطبيب المسؤول عن المخزن، أكد أن صلاحية الدواء ستنتهى فى يونيو 2021، وأنه من المقرر التصرف فى الكميات قبل انتهاء تاريخ صلاحيتها، إلا أنه لم يجد من يسمعه فلجأ لإرسال شكوى للبوابة الإليكترونية الخاصة بالشكاوى الموحدة التابعة لمجلس الوزراء، في 22 ديسمبر عام 2019، عقب طرقه كل أبواب مديرية الصحة بالحافظة دون مجيب، رغم لجوئه لتحرير أكثر من مذكرة لمدير الإدارة الصحية ووكيل وزارة الصحة، مطالباً بإنقاذ الأدوية من التلف، حيث إن المخزن وُجد به قطط ميتة وذات رائحة كريهة تفوح من دورة المياه غير الآدمية ومواسير الصرف الصحى.
"الوطن"، واجهت الدكتورة سوسن سلام، وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ، حيث أكدت أن الحملة الخاصة بالفيروس انتهت فى شهر نوفمبر وأنها ليست على علم بتلك المشكلة، "محدش قدملى مذكرات، الحملة كانت فى عهد وكيل الوزارة السابق، ولو عندى علم بيها كنت هحلها فوراً، وأنا هشكل لجنة مكبرة لفحص المخزن على الطبيعة وإذا ثبت صحة الكلام سيتم نقل الأدوية فوراً إلى مكان ملائم، ولن أسمح بإهدار المال العام".
الطبيب المسؤول عن المخزن أكد أنه تقدم بمذكرة منذ أسبوع، لمكتب السكرتارية الخاص بوكيل الوزارة، ومرفق بها صور فوتوغرافية للمخزن توضح سوء حالته، وأكد مكتبها أنه سيعرض المذكرة على وكيل الوزارة أو الدكتور عمرو النحاس، وكيل المديرية.