"مهمل أم سوبر بابا".. خبراء يفسرون تضارب الأوصاف للأب في واقعة القطار
اختلاف الوعي والخبرات الحياتية سبب رئيسي للتضارب وكلٌ له وجهة نظره
لحظة احتضان الأب لابنته أسفل عجلات القطار
الوعي والخبرات والتجارب الحياتية، هي سبب التناقض في الأوصاف التي ترددت في الشارع المصري ليلة أمس، بعد مطالعة مقطع فيديو لأب يحتضن ابنته أسفل عجلات القطار، يفديها بجسده، بعد أن داهمها قطار بضائع دخل محطة قطار الإسماعيلية، أثناء مغادرتها قطار قادم من السويس، ومحاولة صعود رصيف آخر عبر القضبان الحديدة بدلا من الأنفاق للوصول إلى الرصيف المتجه إلى الزقازيق، فالبعض وصف الأب بأنه مهمل والبعض أطلقوا عليه لقب "سوبر بابا" لشجاعته.
وكان ياسر عبدالحميد، مشرف قطارات بمحطة الإسماعيلية، قد علق على واقعة القطار، بأن وصف الأب بالمهمل، حيث لم يستخدم وابنته المكان المخصص للعبور ومرَّ من أمام القطار، وذلك في مداخلة له في برنامج "من مصر"، مع الإعلامي عمرو خليل، على شاشة "cbc"، في حين تبيانت تعليقات المتابعين للقصة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن شجاع ولم يفكر في الموت وإنما أصر على أن يفدي ابنته.
سامية خضر: لا توجد قواعد صارمة فتحدث فروق فردية
عدم وجود قواعد صارمة يتعلمها المواطنون منذ نعومة أظفارهم ويكبرون على احترامها هو السبب الرئيسي في أن تتغير الأوصاف بين كل فريق، وذلك بحسب الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لذلك فإن الفعل الواحد يوصف تارة بالصحيح وتارة أخرى بالخطأ، متابعة أن فريق الـ"سوبر بابا" يرون أنه يفدي ابنته وهو حدث رغم أنه طبيعي إلا أن انتشار الجريمة وخصوصا بين الآباء والأمهات لذلك كان التعاطف، فالمجتمع في حاجة لنشر مزيد من الإيجابيات الحقيقية.
هناك مشكلة في الاختلاف الكبير في الفروق الفردية بين الأشخاص نابع من فقدان القواعد، لذلك يحدث عدم توحد في الأحكام، فالشخص الذي يرى التصرف بالإهمال يختلف وعيه عن الآخرون، فهو شخص لديه وعي كامل بقواعد المرور السليم، يختلف في حياته وخبراته العملية والاجتماعية عن غيره، ويرى أن الإيجابية هو أن لا يترك الأب ابنته تسلك الطريق غير السلم في العبور، بينما برى الفريق الآخر الإيجابية في فدائها بجسده، وكلهم صحيح في رأيه، لكن يجب نشر الوعي بالقواعد أكثر، وذلك بحسب "خضر" في حديثها لـ"الوطن".
جمال فرويز: الموروثات والخبرات الحياتي والعملية تتحكم في الموقف
ويوافقها الرأي الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، موضحا أن لكل شخص في رأيه وجهة نظر شخصية يكونها بعيدا عن الموقف، وذلك بحسب درجة ولاؤه وانتمائه وخبراته وموروثاته ومواقف أخرى شبيهة كان قد مر بها، فتختلف الحتمية النفسية في الأحكام، موضحا أن التصرف العشوائي للأب في ترك ابنته تعبر أمام القطار هو ما يجعل البعض يصفونه بالمهمل، في حين كان الطرف الآخر يصفه بالشجاع لتصرفه في محاولة الانقاذ التي دفعه إليها غريزته وفطرته كأب، وهو تصرف صحيح بحسب فرويز.
ووصف استشاري الطب النفسي في حديثه لـ"الوطن" اختلاف الأحكام بأن كليهما صحيح، فهناك لحظات يتحدث بها العقل ولحظات أخرى للعاطفة التي أصبحنا نفتدقها كثيرا، وكان هذا الموقف من المواقف التي ينتظرها الناس كي يتأكد لهم أن الخير لا يزال موجودًا.