رئيس جامعة القاهرة: يجب العمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان
"الخشت": لن تستطع التأثير في إنسان يعتقد أفضليته عند الله على العالمين
الدكتور محمد عثمان الخشت .. رئيس جامعة القاهرة
قال الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، إنه إذا أردنا إحداث نهضة، لا بد من الرجوع إلى فلسفة التاريخ، مضيفا: "وضح أن عصور الانتقالات الكبرى، لا تتم إلا بتغيير طرق التفكير، وهو ما فعله الأنبياء الكبار، والفلاسفة والمصلحون الدينيون، والقادة السياسيون الكبار".
معركة "صراع التأويلات"، لن تحسم إلا لمن يتمكن من الانتصار فى معركة تغيير "طرق التفكير"
وأضاف "الخشت" في حديثه مع الـ"الوطن"، إذا كانت المعركة بين العقل القديم والعقل الجديد، تقوم فى أحد مظاهرها على "صراع التأويلات"، فإنها لن تحسَم إلا لمن يتمكن من الانتصار، فى معركة تغيير "طرق التفكير"، فالمعارك فى كل عصور الانتقال، من عصر قديم إلى عصر جديد، كانت معارك بين طرق التفكير التقليدية، وطرق التفكير الجديدة.
وأكد أن الإنسان لن يستطيع نشر التعقل والتسامح بين الناس، قائلا: "لن تستطيع أن تجعل طائفة متسامحة، وهى تعتقد أن الكون يقوم على لون واحد، وليس ألوانا متعددة، ولن تستطيع أن تقنع إنسانا بالتسامح، وهو يعتقد أن الله يريد أن يكون الناس كلهم نسخا من بعضهم، أو أن مشيئة الله تعالى، تريد الناس متطابقين وليسوا مختلفين، ولن تستطيع أن تؤثر فى إنسان، يعتقد أنه مفضّل عند الله على العالمين، لمجرد نطقه وتلفظه ببعض الكلمات أو لمجرد ولادته ضمن طائفة معينة.
"الكون" كتابا مقدسا يجب ألا يختلف عليه اثنان
وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أنه يجب العمل على تغيير رؤية العالم، وتجديد فهم العقائد فى الأديان، مضيفا أن رؤية العالم لن تتغير، إلا إذا جعلنا الكون نفسه كتابا مقدسا واحدا مشتركا بين الأديان المختلفة بكتبها المقدسة، قائلا: "إذا كانت الكتب المكتوبة المقدسة متنوعة بين الأديان، فإن هناك كتابا مقدسا يجب ألا يختلف عليه اثنان، وهو الكون نفسه بوصفه صناعة إلهية".
وتابع أن أعمال الله البادية فى كتابه الكوني، تكشف عن التنوع والتعددية إلى ما لا نهاية، بقدر اتساع الألوهية إلى ما لا نهاية، مضيفا أنه لا توجد فى هذا الكتاب الكوني مخلوقات أو ظواهر، تشكل نسخا واحدة متطابقة، بدرجة مائة فى المائة، ما يدل على أن التنوع والاختلاف والتعددية، هي الأساس فى الكون.
ولفت إلى أن قوانين الله فى الطبيعة، تقوم على التنوع، لكن لا يوجد قانون يعارض قانونا آخر، كلها تعمل فى منظومة نسقية خلاقة (وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ)، مضيفا أن الرؤية الفلسفية للأعمال الإلهية فى كتابه الكونى المقدس، إذا ما تمكنت من العقول، ستفتح أبوابا واسعة، ليس فقط على مستوى رؤية العالم، بل على مستوى تجديد فهم العقائد فى الأديان.
"إدارة الاختلاف" في منظومة نسقية خلاقة تؤدي إلى ارتقاء الشعب وتقدمه
وأكد أن هذا الأمر، يؤدي بالضرورة إلى فتح العقول والنفوس والضمائر، أمام فكرة تقبُّل الآخر مهما يكن مختلفاً، ويؤدى لاتساع "سبل السلام" أمام التسامح مع التعددية والتنوع الثقافى والحضارى والدينى والعرقى، وغلق الطرق أمام الكراهية لمجرد الاختلاف، وسد المنعطفات أمام العنف لمجرد المنافسة.
وأوضح: بقدر ما فى الكون من تعددية، يكون اتساع عظمة الخلق الإلهى، وبقدر ما فى الوجود من تنويعات لا حصر لها، يكون تنوع إبداع الألوهية اللامتناهى، وبالمثل يمكن التأكيد أنه بقدر ما يكون فى المجتمع من انفتاح وتنوع واختلاف، تكون قوة المجتمع، وتكون قوة الدولة، ويكون ارتقاء الشعب وتقدمه، بشرط قدرة المجتمع على "إدارة الاختلاف" في منظومة نسقية خلاقة.