عرضت ملف الفيروس على الأمم المتحدة.. هكذا تحارب الصين كورونا
الرئيس الصيني شي جين بينج
منذ بداية العام الجاري، تتجه أنظار العالم أجمع، بخوف وترقب لمتابعة تطورات فيروس كورونا الجديد، الذي حصد العديد من الأرواح بالصين، حيث سجلت بكين أول إصابة بالفيروس الجديد في 12 ديسمبر 2019، قبل أن يرتفع أعداد الوفيات إلى 258 شخصا، وتأكد وقوع 2000 إصابة جديدة في جميع أرجاء البلاد.
وفي محاولة لاحتواء كورونا، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس كورونا في الصين، يشكل الآن حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، بعد اجتماع لجنة الطوارئ بالمنظمة، وهي لجنة خبراء مستقلة، وسط أدلة متزايدة على انتشار الفيروس في حوالي 18 دولة.
وتخوض الصين، معركة قوية مع الفيروس القاتل، لذلك جهود ضخمة لاحتوائه، وتقدم البعثة الدائمة للصين في مقر الأمم المتحدة، إحاطة كاملة حول الوضع الحالي في البلاد، واستعراض الجهود التي تبذل من أجل الوقاية والسيطرة على فيروس "كورونا المستجد".
وناشد المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير تشانغ جيون، المجتمع الدولي، بالتضامن مع بلاده في مواجهتها لفيروس كورونا، موضحا أن بلاده تمر حاليا بمرحلة مهمة للغاية في التصدي للفيروس، محذرا دول العالم من "رد الفعل المفرط"، بخصوص مسألة التجارة والرحلات إلى الصين.
بينما أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينج، أن الصين لديها كامل الثقة والقدرة على الفوز بالحرب ضد الوباء الناجم عن فيروس كورونا الجديد، مضيفة: "منذ تفشي وباء فيروس كورونا الجديد، اتخذت الحكومة الصينية أكثر تدابير الوقاية والسيطرة شمولا وصرامة بإحساس كبير بالمسؤولية، عن صحة الناس، وأن العديد من هذه التدابير، تتجاوز بكثير متطلبات اللوائح الصحية الدولية".
وتابعت: "لدينا كامل الثقة والقدرة على الفوز في هذه المعركة ضد الوباء"، موضحة أن الصين أبلغت الأطراف المعنية وتقاسمت تسلسل جينوم فيروس كورونا الجديد بشكل منفتح وشفاف ومسؤول، وهو ما اعترفت به منظمة الصحة العالمية والعديد من الدول وأثنت عليه.
إيجاد لقاح بالتعاون مع روسيا.. وتدشين مستشفى في 7 أيام فقط
وقبل ساعات، أعلنت فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد الروسي "الغرفة العليا للبرلمان"، أن بلادها تعمل مع الصين لإيجاد لقاح ضد فيروس "كورونا"، مضيفة أن: "هناك دراسة روسية صينية مشتركة لإيجاد مصل ضد هذا الفيروس، حيث انضمت مؤسساتنا العلمية والطبية بالفعل إلى جانب الخبراء الصينيين في هذا المجال".
أضافت ماتفيينكو أن: "العمل المكثف لتطوير اللقاح ضد هذا الفيروس الجديد يجرى في الوقت الراهن وقادرون بشكل مشترك على صنع مثل هذا المصل لأنه ضروري للغاية"، مشيرة إلى أن السلطات الصينية تتخذ إجراءات جادة للغاية وأن وزارة الصحة الروسية على اتصال وثيق مع نظيرتها في الصين.
وفي الساعات الأولى من صباح الخميس، افتتحت السلطات الصينية، أول مستشفى لمكافحة فيروس كورونا في موقع بالقرب من مدينة "ووهان"، وذلك بعد سبعة أيام فقط من بدء العمل في بناء المستشفى، حيث قضى العمال والمتطوعون يومين فقط في تحويل المبنى الفارغ إلى مرفق للطوارئ يضم 1000 سرير، ومعد بكل التجهيزات الطبية، حسب ما ذكرت وسائل إعلام المحلية.
وعقب الافتتاح، تم نقل الدفعة الأولى من مرضى فيروس "كورونا" إلى المركز الطبي الإقليمي في جبل دابي، حيث اكتمل المشروع في غضون 48 ساعة بفضل الجهود المشتركة لموظفي شركات البناء وشركات المرافق وضباط الشرطة شبه العسكرية، حسب ما ذكرت سلطة المدينة، وتبلغ مساحة المستشفي 7.4 فدان، وستضم 1500 سرير وأكثر من ألفين من الأطباء والباحثين والممرضين وفنيي المعامل والعمال الذين سيعملون بها.
الجيش الصيني يساهم في المعركة ضد "كورونا"
الأربعاء الماضي، أصدر الرئيس الصيني شي جين بينج، أمرا لجيش الشعب الوطني الصيني، بالمساهمة في جهود منع تفشي ومكافحة وباء الالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس "كورونا الجديد"، حيث طالبه بإبقاء مهمته راسخة في الأذهان وتحمل مسؤوليته في الإسهام في كسب المعركة ضد وباء فيروس كورونا الجديد.
وباليوم نفسه، أعلنت بكين إلغاء منافسات كأس العالم للتزلج الألبي، التي كانت مقررة في مدينة يانجتشينج الصينية، فبراير المقبل، بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث أكدت أنه على الرغم من أن معدلات الخطر في يانجتشينج منخفضة، فإن الأولوية لصحة الرياضيين وكل المشاركين.
وبذلك انضمت منافسات كأس العالم للتزلج الألبي إلى مجموعة من الأحداث الرياضية التي تأثرت بانتشار الفيروس، حيث شهدت الأيام الماضية نقل منافسات في التصفيات المؤهلة لكرة القدم وكرة السلة والملاكمة في أولمبياد "طوكيو 2020" إلى خارج الصين.
إجراءات غير مسبوقة.. عزل "ووهان" وتأجيل الدراسة
ومنذ انتشار الفيروس، اتخذت الصين إجراءات عدة للحد من تفشي انتشار المرض، حيث زار رئيس الوزراء بزيارة مدينة ووهان، التي توصف بأنها بؤرة انتشار المرض، وجرى عزل البعض في قسم الحمى بالمستشفيات، وتعليق تجارة الحيوانات البرية، وتأجيل دورة الألعاب الشتوية الصينية الوطنية، وتمديد عطلة الربيع حتى الثاني من فبراير، وتأجيل موعد استئناف الدراسة إلى منتصف الشهر المقبل، وإغلاق دور رعاية المسنين الذين ينتقل إليهم الفيروس سريعا.
كما اتخذت إجراءات غير مسبوقة لمواجهة الفيروس، إذ عزلت مدينة ووهان، منشأ الفيروس، عن العالم الخارجي، والتي تعد أبرز المعالم السياحية في العاصمة الصينية، التي يزورها يوميا 80 ألف شخص، وألغت الرحلات الجوية إليها وقطعت الشوارع والسكك الحديدية المؤدية إليها، والتي تعد أكبر عملية حجر صحي في العالم.
وفرضت قيود سفر على 35 مليون صيني، الذين كان أغلبهم بصدد الاحتفال بالسنة القمرية خارج الصين، وتقييد سفرهم حرم دولا وشركات طيران من نفقاتهم، كما ألغت العديد من الاحتفالات العامة الكبرى بهذه المناسبة، وهو ما يعتبر خسارة فادحة للتجار والمرافق الترفيهية.
كما اتخذت مدينة شانتو الساحلية الواقعة في إقليم قوانغدونغ الصيني من إجراءات الرقابة على انتشار المرض مثل جهود التطهير والتعقيم، وتعليق دخول حافلات الرحلات الطويلة إلى أراضيها، ما لم تتخذ إجراءات لقياس حرارة المسافرين، بعدما أعلنت ثلاث مدن هي تيانجين وبكين وتشيان، إجراءات من هذا النوع.
وبتوجيهات من الرئيس الصيني، أرسلت بكين 450 من الأطباء العسكريين إلى المدينة، التي تفشى فيها المرض وتفشى خارج حدود الصين، بحسب الوكالة الرسمية.
وفي شنغهاي، أعلنت مدينة ملاهي "ديزني لاند" إغلاق أبوابها، وفي مونتريال، ألغى "سيرك دو سولاي" الكندي عرضا آخرا، وأصدرت أوامر بارتداء الأقنعة الواقية إلزاميا على أن يجري تحرير محضر ضبط بحق الشخص المخالف.
بينما أعلنت مقاطعة خوبي "منطقة طوارئ صحية من الدرحة الأولى" وهو أشد مستوى في حالات الطوارئ، ما يعني أن الاستجابة ستكون مركزية بإشراف من مجلس الدولة في العاصمة بكين، ولذلك حضت الحكومة الناس على الإبلاغ عن أي استجابة طبية ضعيفة في منصة "التفتيش الصحي" على الإنترنت.
وأصدرت الحكومة المحلية بيانا تدعو المواطنين إلى التبرع لجهود مواجهة تفشي الفيروس، بما في ذلك أقنعة الوقاية، وأغلقت 21 حديقة حيوان أبوابها أمام الزوار للحد من انتشار الفيروس.
وأعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية، بداية الأسبوع الماضي، علاج أول مصابة بفيروس كورونا القاتل، وهي سيدة صينية، تبلغ من العمر 56 عاما، تعيش منذ فترة طويلة في مدينة ووهان، تحسنت خلال رحلة العلاج، ولم ترتفع درجة حرارة جسدها لمدة ستة أيام، وأصبحت تتنفس بشكل أفضل، وأظهرت اختبارات رد فعل الأحماض النووية نتائج سلبية، بعد ذلك قررت لجنة الخبراء أن تخرجها من المستشفى.
أيضا، أمرت الصين بفرض إجراءات على مستوى البلاد للكشف عن حالات الإصابة المشتبهة بفيروس "كورونا"، في القطارات والطائرات والحافلات، موضحة أنه سيجري وضع محطات للكشف عن الإصابات، وسينقل الركاب الذين يُشتبه بإصابتهم "فورا" إلى مركز صحي، بعد أن أغلقت السلطات خمس مدن جديدة فيها نحو 56 مليون نسمة السبت الماضي، في محاولة لاحتواء المرض.
كما أعلنت الجمعة، وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية، تأسيس فريق بحث وطني يتألف من 14 خبيرا، للمساعدة في الوقاية ومراقبة تفشي فيروس "كورونا" الجديد في الصين، والذي يعتبر جزءا من مشروع علمي- تكنولوجي عاجل للوزارة، تم إطلاقه بشكل مشترك مع لجنة الصحة الوطنية وإدارات أخرى في اجتماع عقد مؤخرا، لتوفير دعم علمي في 10 ميادين بحثية، بما فيها تعقب الفيروس وانتقاله وطرق التعقب والتغير الجيني وتطوير لقاح يقضي عليه.
وأعلنت اللجنة في بيانها الثلاثاء الماضي، خطة تجريبية جرى تحديثها لتشخيص وعلاج الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد، أنّ الخطة أضافت 3 خصائص وبائية للفيروس، مقارنة بالنسخة السابقة، مشيرة إلى أنّ المصدر الرئيسي للعدوى في الوقت الحالي، هم الأشخاص المصابين بالفيروس.