م الآخر| للخروج من الأزمة.. الحل الأمني غير كافي
عن الإرهاب أتحدث.. لا أحد يستطيع أن ينكر حجم الإرهاب والعنف الموجود في مصر في هذه الفترة، ولا مقارنة بين إرهاب التسعينات والإرهاب الموجود الآن.
ففي السابق.. كان الإرهاب من الجماعات المسلحة وهم أشخاص متطرفين تكفيرين هدفهم زعزة أمن الوطن، وكانت الشرطة تسعى جاهدة للتصدي لهم والشعب كله كان يقف مستنكرًا ما يحدث من عمليات إرهابية.
أما الأن فقد تطورالإرهاب ليأخذ شكل آخر شكل خطير ومختلف، فأصبح الإرهاب يأتي من طالب الجامعة ومن بعض فئات الشعب، لم يعد الإرهاب المقتصر على الجماعات الإرهابية لا بل أصبح لدينا شباب مصري جامعي على استعداد أن يحرق العربات، ويهدم جدران الجامعة، ويستهدف منازل الضباط.. شباب على استعداد أن يلقي بالقنابل في الطرقات ويروع الآمنين، شباب محترف في صناعة "الملوتوف" شباب نشط في عمليات الكّر والفّر.
وفي حديثي هنا أتحدث عن طائفة كبيرة من الشباب المنتشرين في جامعات مصر، أعتقد أننا نعيش في خطر متصاعد، وأخشى على جيل الشباب من هذا التطرف الفكري الذي يشبه الوباء، ولكنه وباء متطور يقتل الوطنية ويدمر فكرة الانتماء للوطن، وللخروج من الأزمة كان لابد من توجيه رسالتين(رسالة للشباب.. ورسالة أخرى للدولة).
الرساله الأولى للشباب..
عزيزى الشاب...أعلم أنك في سن صغير كطالب جامعى.. وأعلم أن التظاهرات تلبي جميع احتياجاتك النفسية.. ففي المظاهرات تتحقق رغبتك في (حب الظهور والشعور بالرجولة بل ويصل الأمر لظهورك على الفضائيات) كما أن المظاهرات تساعدك على تفريغ الطاقة الكامنة بداخلك وإرضاء حماسك.. أعلم ذلك وأرى الفرحة في عينك بعد حرقك عربة للشرطة أو بعد هروبك من قنابل الغاز أو بعد تراشق الحجارة.. فكل هذه الأمور تسبب لك حالة من النشوى والإحساس بالرجولة والإنجاز.. لكن للأسف أنت بذلك أصبحت مجرد أداة في يد بعض الفصائل السياسية التي تستخدمك لتحقيق أهدافها مع إيهامك بأنك البطل الثائر.
الرسالة الثانية للدولة وللنخب السياسية..
وأقول أن محاربة الإرهاب الفكري والجهل والرجعية واجب على كل عاقل، وهنا لا أتحدث عن حرب على الإرهاب بالرصاص والملوتوف، ولكن أتحدث عن حرب بالكلمات والحروف، بالحجة والمنطق بالدين والموعظة الحسنة، ليست هذه مثالية في كلماتي، ولكن هذا هو السبيل للقضاء على المنهج الفكري المتطرف، فإذا كان من الضروري مواجهة التطرف بالقانون الصارم.. فهذا أمر ضروري ولا أحد ينكر أن الحل الأمني هو من أهم الحلول للقضاء أشكال الإرهاب، ولكن لابد من حل آخر بجانب الحل الأمني فالحل الأمني يقضي على الشكل الظاهري للتطرف، ولكن تبقى جذور المشكلة في المنهج الموجود بداخل عقل الإنسان المتطرف.. مثل الشجرة التي نقلمها من الخارج وتبقى جذورها ثابتة في الأرض، لكن بالعقل والمنطق يمكننا تغيير الفكر المتطرف، بالاهتمام بالشباب في التعليم، بتغيير المناهج التي تعتمد على الحفظ والتلقين تلك المناهج التي أسهمت في بناء عقل يحفظ بدون فهم..عقل يسهل التأثير عليه بالشعارات الرنانه والخطب الجوفاء مناهج حطمت البنية الفكرية وجردت العقل من التفكير وحولت الإنسان إلى تابع منقاد، مناهج رسخت لتجريد الفكر من الإبداع مناهج أصبحت تهدد البناء الفكري للأمة وتساهم في تفاقم الأزمة؛ لذلك فإن الدولة عليها الدور الأكبر في تبني هذه الحلول الفكرية بجانب الحلول الأمنية.
أرى أن الأمر يزداد خطورة ولا يحتمل أي تأخير، وعلى الدولة أن تحافظ على الأجيال القادمة من خطرالتشويه الفكري، ولو بدأنا بزراعة الفكر المستنير بالتاكيد سوف نجني ثمار مانزرعه.