من الحجاب للنقاب.. حالة الجدل حول ارتداء الأزياء الدينية تبحث عن نهاية
"سعيد" يرجعه لثقافة ذكورية.. و"زايد": بساطة فكر في المجتمع
حظر النقاب في الجامعات
"حظر ارتداء النقاب"، قرار اتخذه الدكتور محمود المتيني، رئيس جامعة عين شمس، ليسري على عضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات الجامعة ومعاهدها، وذلك بعد أيام من إعلان جامعة القاهرة تنفيذ القرار ذاته على عضوات هيئة التدريس بالجامعة، وذلك في أعقاب تأييد المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة لحكم حظر النقاب، ورفض طعن 80 باحثة منتقبة بالجامعة.
مسألة ارتداء الأزياء الدينية من عدمه، شكلت، في الآونة الأخيرة، حالة من الجدل لم تجد فاصلا أكيدا لإنهائها، حيث جرت العديد من المناوشات والمشادات الكلامية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حول فرضية ارتداء الحجاب، بل ذهب البعض، وعلى رأسهم الكاتب شريف الشوباشي، إلى المطالبة الصريحة بخلع الفتيات للحجاب، وهو ما رفضه بعض علماء الأزهر، ومن بينهم الشيخ إبراهيم رضا في تصريحات تليفزيونية، معتبرا الحجاب فريضة منصوص عليها في آيات القرآن الكريم، بحسب قوله.
قرار منع ارتداء النقاب لعضوات هيئات التدريس في الجامعات مثل حلقة جديدة من مسلسل الجدل حول ارتداء الأزياء الدينية، حيث انتشرت العديد من الآراء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول مؤيد أو معارض لذلك القرار، حيث كتبت إحدى مستخدمي "فيسبوك" تنتقد القرار مستشهدة بالدكتورة شيماء صفوت، المحاضرة المنتقبة بجامعة مونتريال الكندية، والدكتورة حنان لاشين، التي لم يمنعها النقاب من أن تكون إحدى الكاتبات البارزات في مصر، بينما أيد مستخدم آخر لـ"فيسبوك" القرار متمسكا بأن "النقاب ليس حرية شخصية ولكنه شكل من أشكال الاستعباد، وأن المرأة لا تختاره بإرادتها".
علماء الأزهر أنفسهم تباينت آراءهم حول فرضية ارتداء النقاب، حيث كان رأي الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن "النقاب ليس فريضة ويدخل فى دائرة المباح"، فيما ذهب الدكتور عبدالفتاح الشيخ، أحد علماء الأزهر الشريف، إلى أن "النقاب عبادة وليس عادة ولايجوز منعه"، بينما كان للدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، رأي واضح في الأمر، حيث رأى أن النقاب عادة وليس عبادة وقرر منعه في المؤسسات التعليمية بشروط.
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أرجع حالة الجدل المستمرة حول مسألة ارتداء الأزياء الدينية، مثل الحجاب أو النقاب، إلى ما وصفه بـ"الثقافة الذكورية" التي تطغى على المجتمع المصري، موضحا أن أغلب الرجال الذين يدافعون عن فكرة ارتداء الفتيات للنقاب، لا يحبذون فكرة المساواة بين الجنسين، ويستحبون الشعور بأنهم مميزون، دائما، كذكور عن كل النساء المحيطين بهم، لافتا إلى أن السيدات اللائي يدافعن عن ارتداء النقاب تشبعن بنفس الثقافة الذكورية التي غزت المجتمع.
ظهور بعض الشيوخ، "المتطرفين"، عبر وسائل الإعلام خلال فترة طويلة وبثهم أفكار خاطئة للمجتمع، هو سبب آخر لاستمرار حالة الجدل الدائرة حول ارتداء الأزياء الدينية، بحسب تصريحات "صادق"، لـ"الوطن"، مؤكدا أن هذا الأمر لا يجب أن يدور حوله أي جدل من الناحية الدينية، لأن المرجعيات الدينية، في مصر، أجمعت على أن ارتداء النقاب ليس فرضا نص عليه الإسلام، ويفترض أن ينهي ذلك أي جدل حول ذلك الأمر.
لا مجال للمقارنة بين الجدل حول ارتداء الأزياء الدينية وارتداء الأزياء الملفتة، بحسب "صادق"، لأن تلك الملابس، مثل "المايوه" وغيره، لها أماكن أو أوقات مخصصة تستخدم فيها، بعكس الأزياء الدينية التي يمكن أن يرتديها أي شخص، بأي طريقة، وتؤدي لبعض الاضطرابات الأمنية، لذا لا يجب أن تستمر حالة الجدل بشأنها. الحل في وجهة نظر أستاذ علم الاجتماع يتمثل في وجود ما وصفه بـ"القوانين التقدمية"، التي تنتشل المجتمع من بعض الأفكار الخاطئة التي تسيطر على المجتمع، والإصرار على تنفيذ تلك القوانين دون النظر لاي حالة جدل، متطرفة، تثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام.
الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، اتفق مع سابقه، مفسرا حالة الجدل الدائرة، دائما، عن مسألة ارتداء الأزياء الدينية، إلى عدم وجود فكر واعي لدى بعض أفراد المجتمع، وأنه من الأولى أن تكون تلك المناقشات في إصلاح بعض الأمور الفاسدة، بشكل صريح، داخل المجتمع والتغلب عليها.
زايد أضاف لـ"الوطن" أن أصحاب الفكر في المجتمع، سواء رجال الدين أو غيرهم، عليهم دور كبير في إنهاء حالة الجدل حول مسألة الأزياء الدينية، وخاصة النقاب، موضحا أن ارتداء الملابس حرية شخصية لأي فرد في بيته أو مكان يخصه، ولكنه من الطبيعي أن يكون هناك ضوابط للملابس التي ترتدى في الأماكن العامة أو الجامعات، ولا يجب الخروج عنها أو الجدل في تطبيقها.