دعم التنمية ومكافحة الإرهاب وإسكات البنادق.. ثالوث القوة لحل أزمات القارة
رؤساء دول القارة خلال منتدى أسوان للتنمية
اتخذت مصر من مبدأ «الحلول الأفريقية للأزمات الأفريقية»، منهجاً للتعامل مع أزمات القارة خلال توليها رئاسة الاتحاد الأفريقى العام الماضى، مع إعطاء أولوية لقضايا الأمن والسلم ومكافحة الإرهاب والتنمية، فساهمت من خلال العديد من الآليات مثل القمم التشاورية، منتدى أسوان للسلام، مؤتمرات الاستثمار بأفريقيا، فى حشد الدعم الدولى لقارة المستقبل الزاخرة بالموارد والفرص والمكبلة بالمشكلات والتحديات أيضاً.
وتواجه دول القارة العديد من التحديات التنموية والسياسية والأمنية المزمنة والصراعات الممتدة، وبعضها مستمر لعقود منذ استقلالها عن الاستعمار الغربى، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت العديد من الأزمات المؤثرة على العالم، وأبرزها الاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وانتشار الإرهاب فى العديد من البلدان الأفريقية، خاصة منطقة الساحل والصحراء وشرق ووسط أفريقيا، وهو ما فتح المجال أمام تدخلات دولية أعادت للأذهان شبح الاستعمار فى ثوب جديد، بحسب مراقبين.
"حجازى": فعَّلت مبدأ "الحلول الداخلية لأزمات القارة" بإشراك أبنائها فى حل مشاكلهم وإطلاق المبادرات الثنائية
وقال السفير الدكتور محمد حجازى، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن «مصر وضعت أولويات محددة خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى، وعلى رأسها قضايا الأمن والسلم والاستقرار فى أفريقيا والتنمية، وأكدت دائماً أن الأمن مرتبط بالتنمية، حيث عبرت عن رؤيتها بالقمم والمحافل الدولية التى شارك فيها الرئيس السيسى، حيث كانت المعبر الأهم عنها، ونقلتها على الساحة الدولية»، وأوضح «حجازى»، أن مصر أكدت أهمية دور الشركاء الدوليين وشركاء التنمية فى مساعدة دول القارة على مواجهة تحديات الأمن والتنمية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، والتعامل مع جذور هذه المشكلات، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى الذى شارك كمتحدث رئيسى فى منتدى ميونخ للأمن على سبيل المثال، ليؤكد الرؤية المصرية القائمة على أن «الأمن مرتبط بالتنمية وبالتالى خروج مصر بمبادرة منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة الذى عقدت النسخة الأولى له فى ديسمبر الماضى، كانت أصدق تعبير عن هذا التوجه، فضلاً عن مبادراتها التنموية بعد النجاح فى إقرار منطقة تجارة أفريقية حرة والسعى لتعزيز البنى التحتية، حتى تتاح للدول الأفريقية الاستفادة المشتركة من فرصها ومواردها»،
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إلى أنه «ضمن رؤية مصر الأمنية فى تحقيق الاستقرار وتسوية النزاعات من أجل تحقيق هدف (إسكات البنادق فى أفريقيا) الذى يتبناه الاتحاد الأفريقى، والأهم دعوة الشركاء لدعم السلام بالقارة، بالمشاركة الفعالة فى قمم (روسيا - أفريقيا) التى عقدت للمرة الأولى، و(الصين - أفريقيا)، و(ألمانيا - أفريقيا)، و(بريطانيا - أفريقيا) وقمة التيكاد فى طوكيو».
وعلى الرغم من اهتمام مصر البالغ بدور الشركاء الدوليين، وحشد دعمهم كشركاء من أجل التنمية فى أفريقيا، فقد حرصت مصر، انطلاقاً من مبدأ «الحلول الأفريقية للأزمات الأفريقية»، على إشراك أبناء القارة فى حل مشكلاتهم، وكان من هنا نشأة «منتدى أسوان»، حيث جاء كمؤتمر لتحقيق الاستقرار والأمن فى القارة برؤية أفريقية وبالتعاون مع الشركاء الدوليين، وخلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى حرصت على إطلاق العديد من المبادرات الثنائية، مثل مبادرة الصحة وعلاج مليون أفريقى من «فيروس سى»، ومبادرة تكنولوجيا المعلومات لأبناء القارة خلال منتدى شباب العالم بحسب «حجازى»، وتابع: «المجتمع الدولى اعترف بدور مصر فى التنمية وتحقيق الاستقرار، وهو ما ظهر أخيراً بمنح الرئيس السيسى وسام (سان جورج)، الذى حصل عليه من الحكومة الألمانية، فالرئيس السيسى له تحركات واسعة لدعم قضايا التنمية والاستقرار فى القارة، وبدأ بوطنه فرأينا المشروع القومى للطرق على سبيل المثال يرتبط أيضاً بتحقيق الترابط الأفريقى، عبر 7 آلاف كم من الطرق، والسعى لربط القارة من خلال طريق القاهرة كيب تاون، والربط الكهربائى مع السودان وغيرها». وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية حول جهود الدبلوماسية المصرية خلال عام 2019، فقد حرصت مصر على استكمال جهودها لتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة، وتأكيد دورها الريادى فى القارة، الذى تزامن مع عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى، حيث واصلت التعاون على المستوى الثنائى مع كافة دول القارة، وتابعت وتفاعلت بإيجابية مع التطورات بالقارة، الأمر الذى انعكس على حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوى بين مصر والدول الأفريقية، كما تم عقد عدة اجتماعات ومباحثات رسمية حول موضوعات التعاون الطبى، ومتابعة ملف المزارع المصرية النموذجية المشتركة مع عدد من الدول الأفريقية، إضافة إلى تنظيم عدة جولات لرئيس مجلس النواب المصرى إلى دول أفريقية، مثل «جنوب السودان، نيجيريا، رواندا»، واستقبالها لكل من رئيس البرلمان التنزانى والأوغندى والبوروندى والتوجولى والغانى.
وقدمت وزارة الخارجية الدعم للعديد من رجال الأعمال المصريين، وشركات القطاع الخاص واتحاد الصناعات لتعريفهم بالفرص الواعدة، التى أسفرت عن إقامة الشركات المصرية لعدد من المشروعات التنموية فى القارة، مثل سد «نيريرى» فى تنزانيا، الذى تنفذه شركات مصرية لتوليد 2000 ميجاوات من الطاقة لتنزانيا، بتكلفة تفوق 3 مليارات دولار، وهو ما يمثل مساهمة كبيرة فى جهود التنمية فى تنزانيا، إحدى دول حوض النيل.
"الشويمى": أقنعت العالم بدورها المحورى فى تحقيق أمن واستقرار المنطقة.. ودورها كان ريادياً من خلال تحقيق شراكات مع الجميع
وقال السفير إبراهيم الشويمى، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، لـ«الوطن»، إن «ما رأيناه خلال الفترة الماضية من حضور مصرى فى القارة، وتكثيف نشاط الدبلوماسية يأتى لتعزيز العلاقات وانطلاقة نحو علاقات غير مسبوقة ودور ريادى فى القارة بالشراكة مع الجميع»، وأشار «الشويمى»، إلى «أن مصر أكدت مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية فى العديد من الأزمات والمناسبات، خاصة من خلال مؤتمر القمة التشاورية للشركاء الإقليميين لليبيا والسودان فى أبريل الماضى، فى إطار تبنى مصر مبدأ الحل السياسى للأزمات عن طريق الحوار والابتعاد عن الحلول العسكرية والعنف، وهو ما أدى إلى قناعة راسخة لدى القوى العالمية بدور مصر المحورى فى تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقتها وقارتها الأفريقية».