لعقود من الزمن، كان السائد في عمليات فقدان الوزن أنه طالما نتناول كميات أقل من السعرات الحرارية ونحرقها، من المؤكد أننا نفقد وزنا، ومع ذلك، أثبتت دراسات عديدة، أنه عندما يتعلق الأمر بالصحة الجيدة، فإن القضية لا تتعلق فقط بماذا نأكل، ولكن متى نأكل أيضًا.
قد يكون هذا كله بسبب إيقاعاتنا اليومية، أي دورة الـ24 ساعة، والتي تتحكم في كل شيء، بداية من وقت الشعور بالنعاس، إلى متى تكون خلايا المناعة لدينا أكثر نشاطًا، مرورا بما يمكّن أجسامنا من الاستعداد للأحداث المنتظمة، بما في ذلك تناول الطعام، كما أنها تساعد أعضاءنا وأنسجتنا على تبديل المهام والتعافي، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
كفاءة الجهاز الهضمي تقل خلال فترات الليل
والجهاز الهضمي لدينا، بحسب الدراسات، ليس استثناء من هذه القاعدة، فنحن ننتج لعابا وعصائر هضمية أقل في الليل، وأيضا تقل تقلصات الأمعاء التي تنقل الطعام من خلال أحشائنا؛ ونكون أقل حساسية للأنسولين الهرموني، الذي يزيل الجلوكوز من مجرى الدم لدينا حتى يتمكن من دخول خلايانا ويستخدم كوقود.
كل هذا منطقي، لأنه في معظم تاريخ البشرية، تناول الطعام يكون أثناء النهار والليل للنوم فقط، لذلك تكيفت أجسامنا لمعالجة الطعام بشكل أكثر كفاءة خلال النهار.
ويقول البروفيسور ساتشين باندا، الباحث في إيقاعات الساعة البيولوجية في معهد سالك في كاليفورنيا: "كنا نعيش بسلام طوال هذه الفترة، ومع ذلك، فإن اختراع الضوء الكهربائي سهل السهر وإمكانية تناول الطعام بعد غروب الشمس، ولذلك عواقب سلبية محتملة على صحتنا".
على سبيل المثال، كشفت الأبحاث التي تم تقديمها مؤخرًا في مؤتمر لجمعية القلب الأمريكية، أنه كلما تناولت المرأة طعاما بعد الساعة 6 مساءً، كانت صحة قلبها أسوأ، مع زيادة خطر ارتفاع ضغط الدم ومؤشر كتلة الجسم، وضعف التحكم على المدى الطويل في السكر بالدم.
ووجدت دراسات أخرى، أن الأشخاص الذين يتناولون الطعام في وقت متأخر لديهم استعدادا أكبر للإصابة بالسمنة ومرض السكري من النوع 2.
بالإضافة إلى ذلك، أجريت دراسات عديدة على الحيوانات، أثبتت نتائجها، أن تناول الطعام بعد الـ6 مساء، له عواقب سلبية عديدة.
في إحدى التجارب، أطعم البروفيسور "باندا"، مجموعتين من الفئران من خلال نظام غذائي غني بالدهون والسكر العالي، والفرق الوحيد هو أن مجموعة حصلت على الغذاء على مدار الساعة طوال اليوم، بينما لم تتمكن المجموعة الأخرى من تناول الطعام خلال 8 ساعات في "النهار" .
اكتسبت المجموعة الأولى من الفئران التي خضعت لهذه التجربة، وزناً حيث ارتفعت نسبة الكوليسترول والسكري من النوع 2، في حين أن المجموعة التي تناولت الطعام متبعة نظاما غذائيا مقيدًا بالوقت، ظلت محتفظة بوزنها وصحية نسبيًا، على الرغم من استهلاك نفس عدد السعرات الحرارية.
وأشارت الأبحاث الأولية، إلى أن توقيت الوجبة قد يكون مهمًا لصحة الإنسان، حيث وجدت الدراسات، أن الأشخاص الذين يتناولون العشاء قبل ساعة من النوم، يعانون من تحكم أقل في نسبة السكر في الدم، من أولئك الذين يتناولون الطعام في وقت مبكر، وأن من يستهلكون الجزء الأكبر من السعرات الحرارية قبل الساعة 3 مساءً، يفقدون وزنهم بنسبة 25% أكثر من أولئك الذين يحرقونها في وقت لاحق.
ومع ذلك، يقول الباحثون، إنه من السابق لأوانه إصدار نصيحة مفصلة بشأن مواعيد الوجبات، وهذا لسبب واحد، هو أنه لا نفهم بعد السبب في أن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل أو تمديده قد يكون سيئًا بالنسبة لنا.
وأشارت الدراسات إلى أن ما يصل إلى عُشر الخلايا في أحشائنا تتضرر كل يوم بسبب تكرار الهضم في المسار المعتاد، وتناول وجبة في وقت متأخر من الليل تليها وجبة فطور مبكرة، يترك القليل جدًا من الوقت لإجراء أي إصلاحات.
تعليقات الفيسبوك