خبراء: السلفيون يناقضون أنفسهم باستمرار.. ودخول العمل السياسي أكبر خطاياهم
بعض الشيوخ استخدموا مناصريهم فى أعمال العنف
قدم عدد من الشيوخ والجبهات السلفية العديد من المراجعات الفكرية تحت ضغط الواقع عليهم بسبب تشددهم، الأمر الذى يوضح أن الحالة السلفية فى تقلب مستمر، وكان فى مقدمة المراجعين الداعية محمد حسان، الذى أيد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ثم عاد ليؤيد ثورة يناير، ثم أيد الإخوان وحكمهم ودعمهم بكل قوة، ثم ما لبث أن أيد خلعهم فى 30 يونيو، بل وأصبح وسيطاً بين الإخوان والدولة، وبعد سنين من الصمت خرج الشيخ ليعلن أن «الإخوان» هى من سعت للدم، وأن الدولة قدمت كافة الضمانات، ولبت كل طلبات الجماعة إلا أنهم أبوا إلا الدماء.
وخرج الشيخ فى حلقة من برنامجه فى 2016 وبصحبته كل من الشيخ جمال المراكبى والشيخ عبدالله شاكر ليؤكد من جديد سعى الإخوان للصدام مع الدولة. وقدم شهادته عن اعتصام رابعة وما دار بينه وبين الرئيس عبدالفتاح السيسى الرافض للفض، وكانت شهادة لله ثم للتاريخ وللأجيال القادمة، ولم يهتم بهجوم الإخوان عليه بسبب هذه الشهادة. وأوضح حسان فى حلقة مسجلة له على قناة «الرحمة» أنه يعانى منذ ثلاثة أعوام من سب جماعة الإخوان وأنصارها له، مضيفاً أنه فضل ألا يتكلم متصدقاً على من سبوه.
أما الشيخ عبدالله شاكر، رئيس جمعية أنصار السنة، فقال إنه رفض الحديث أو التعليق على فض رابعة والأحداث التى شهدتها مصر طوال 3 سنوات رغم الهجوم عليه، مضيفاً أن بعض المشايخ طالبوه بعمل مؤتمر صحفى للحديث حول شهادته حول الأحداث لكنه رفض. وأضاف شاكر فى شهادته: «أقر بكل ما جاء فى شهادة الشيخ محمد حسان وجمال المراكبى وما دار مع الرئيس السيسى حول موافقته على عدم فض الاعتصام بالقوة والإفراج عن المعتقلين، ونحن لا نكذب، لكنى أوضح للحق بأننى ما قلت أبداً إن الدكتور عمرو دراج قال لى لا، أنا لم أقل هذا لأننى لم أشرف بسماعه قط ولا بلقائه قط وإنما قلت لقد سمعت الدكتور عمرو دراج فى حوار له مع الدكتور حمزة زوبع فى برنامج «إنى أعترف» فى شهر رمضان الماضى يقول إنهم التقوا «كاترين أشتون» ثلاث مرات، فى كل مرة كانت تقول لهم كلمة واحدة، وقالت هذه الكلمة للدكتور محمد مرسى: «ارضوا بالأمر الواقع».
وتعددت مراجعات السلفيين، حيث سعت جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية لتبرئة ساحتها من الوصم بالإرهاب وصناعة وترويج الفكر المتطرف، عبر سلسلة من المقالات والحوارات والمحاضرات، كما شنت خلالها الهجوم على الجماعات الإرهابية المسلحة، ومحاولة تفكيك خطابها العنفى. وطالب الدكتور ياسر برهامى بـ«معالجة حقيقية لأفكار التكفير عبر الزاوية الفكرية والمنهجية» واستعراض النصوص التى يستعملونها وتوضيح معانيها الصحيحة، واستعراض كلام العلماء الذى يستدلون به، وتوضيح المعنى الصحيح له، وليس العلاج بالطعن فى الشخصيات العظيمة، مثلما يحلو للبعض، فينصبون المعارك مع ابن تيمية، رحمه الله، أو محمد عبدالوهاب، رحمه الله، أو غيرهما من الرموز السلفية عبر التاريخ».
وقال «برهامى» إن نصب المعارك مع رموز الاتجاه السلفى، سبب من أسباب زيادة المنتمين للفكر المنحرف، وتواصلهم مع التنظيمات الإرهابية الصدامية، وبالتالى التحول إلى ألغام تنفجر كل حين فى وجه أو جسد الأمة، على حد تعبيره. وقد مرت الدعوة السلفية التى يتزعمها عدد من شيوخ السلفية فى الإسكندرية، أبرزهم محمد إسماعيل المقدم، وياسر برهامى، بعدد من المراجعات بدخولها لمعترك العمل السياسى، بعد ثورة 25 يناير، حيث ظلت رافضة له طيلة حياتها منذ تأسيسها فى أواخر السبعينات من القرن الماضى، وقد كانت المشاركة السياسية أبرز مراجعات تلك الدعوة، وعقد السلفيون جميعاً مؤتمراً حاشداً لهم بمسجد عمرو بن العاص فى 1 أبريل 2011، تحت عنوان «مؤتمر الدعوة السلفية»، وخرجوا بأفكار مختلفة حول السياسة والعمل السياسى، وتلتها مراجعة أخرى أثناء ثورة 30 يونيو عام 2013، بعدما انحاز السلفيون لقرار عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، المدعوم من جميع أبناء الكتلة الإسلامية، ودعت قيادات الدعوة أتباعها للامتناع عن مشاركة الإخوان فى اعتصامهم الذى ضربوه فى ميدان رابعة العدوية «شرق القاهرة»، وهو الأمر الذى جلب عليها عداوة أغلب التيارات الإسلامية، التى وصفوها بالمتراجعة والمتخاذلة، ما أدى إلى انشقاقات كبرى ضربت صفوف القيادة العليا، كان أحد مظاهرها انشقاق أحد المؤسسين للجماعة، وهو الشيخ سعيد عبدالعظيم، وانحيازه لمعسكر «رابعة».
محمد حسان أيّد "مبارك" ثم عاد ليؤيد ثورة يناير.. ودعم الإخوان خلال حكمهم لمصر بكل قوة ثم أيد خلعهم فى "30 يونيو"
وقال الشيخ محمد حسان، فى تصريح له، إن المراجعات الفكرية السلفية موجودة ولا بد أن تظل موجودة على مدى الزمان والمكان، فما دامت الفتوى تتغير فالمراجعات تتغير، وحول العمل السياسى للسلفيين بعد الثورة، أضاف: كل السلفيين كانوا يرون أن المشاركة فى العملية السياسية قبل ثورة يناير ضرب من المجازفات واللهو واللعب، لأنها لم تكن تسمن أو تغنى من جوع، فاللعبة كانت محسومة وهذا واضح للجميع، لكن لما وجدنا أن للصوت قيمة ويستطيع أن يغير، رأى الكثير من إخواننا من أهل العلم أن نكون إيجابيين وأن نشارك مشاركة مثالية، نضمن من خلالها الحفاظ على هوية مصر والعمل على أرض الواقع لخدمة البلد، ولا ينبغى أن يكون الإسلاميون سلبيين، وَمَنْ يُثْنِى الأَصَاغِرَ عَنْ مُرَادٍ وَقَدْ جَلَسَ الأَكَابِرُ فِى الزَّوَايَا. وتابع: «لقد صدرت بيانات كثيرة لتوضيح حكم العمل السياسى من علماء السلفية، ونعتبر هذه البيانات الشرعية هى المرجعية فى العمل وسندات المراجعة، ولكن لم تلق ترويجاً إعلامياً، ولكنها موجودة، ولا يمكن أن يصدر عن الأخوة السلفيين بند فى بيان شرعى دون سند من كتاب أو سنة».
"عيد": تحولاتهم دليل على البراجماتية والاستغلال الدينى
من جانبه، قال سامح عيد، خبير الحركات الدينية: لا يوجد مراجعات للسلفيين، فهذا محض هراء، وإنما تحولات من أجل الاستمرار، فالسلفية ليست مذهباً ولا فكراً وإنما حالة من البرجماتية والاستغلال الدينى المستمر، فهم يستغلون الناس بالدين، ويستغلون الدين للصعود إلى أعلى الدرجات الدنيوية، فهى عملية استغلال، ولكى تستمر المصلحة لا بد من تحولات، فهم يناقضون أنفسهم كل يوم، ويأتون بنصوص دينية تدل على صحة ووجوب هذا التناقض»، وأضاف: «السلفيون أخطر ألف مرة من الإخوان، ولا يغر أحد أنهم يتراجعون بسرعة، فحينما يقوون لن يوقفهم أحد، فهم الآن فى وضع الإخوان منذ عقود، حيث الدعوة والكمون لحين امتلاك أدوات القوة ومن ثمة يسيطرون ويطالبون بالحكم والدولة كلها، وعلى الجميع مواجهة هذا الخطر فى بدايته، وقد نجحت الدولة فى السيطرة على بعض أدواتهم مثل الجمعيات الخيرية، ولا بد من وقف ظهورهم للناس، وإبعاد شرهم عن المواطن العادى الذى يهيئون له أنهم الدين والصواب والحق ليستقطبوه إلى صفهم».
"حلمى": السياسة فضحتهم.. وعقود ادعاء الإيمان ضاعت هباء
وأوضح عبدالله عبدالناصر حلمى، أمين عام اتحاد القوى الصوفية، أن الإسلاميين تورطوا فى مستنقع السياسة وكان هذا أكبر خطاياهم، وبدا واضحاً أن عقوداً من الادعاء بأن التربية الإيمانية طريق للمجتمع الإسلامى ثم الدولة الإسلامية قد ضاعت هباء منثوراً، فمع بعض من الحرية لم نجد لا تربية ولا إيماناً، لقد فضحتهم ألسنتهم وأوضحت ضعف عقولهم وفساد أرواحهم، لقد كان ظهورهم وما زال أمراً مخزياً جداً للدين.
وتابع: «السلفية شر وخطر ووبال على الإسلام والمسلمين، ولن يكون لها مراجعة حقيقية أبداً، لأن التشدد هو قوام الفكر والمذهب، وهم يحاولون مسك العصا من المنتصف، بحيث يضمنون عدم الصراع مع الدولة وعدم فقد القاعدة التى أنشأوها على التشدد، ويجنون الآن ثمار ما زرعوا فى بر مصر من تشدد، بعد انعدام ثقة المواطن العادى فيهم، بل والنظر إليهم بسوء، ولن تسعفهم عمليات «الترقيع» الفكرى التى يقومون بها»، واستطرد: «ما زالت الأساليب السيئة فى الدعوة من سب المخالفين وتكفيرهم إلى الاستعلاء على الجميع موجودة، وليرجعوا الخطب وندوات أبوإسحاق الحوينى ومحمود المصرى ومحمد حسين يعقوب ليروا حجم الإهانات التى ألقوا بها الجميع، فهذه ليست دعوة وإنما تجارة خاسرة ردت إليهم.