زوجها الله لنبيه من فوق سبع سموات.. قصة أم المؤمنين زينب بنت جحش
دار الافتاء - صورة أرشيفية
زوجها الله تبارك وتعالى لنبيه الكريم، بأمر إلهي نزل من سبع سموات، فأنزل الله تعالي قوله «فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها»، فتباهت بذلك بين نساء النبي الكريم، وكانت أولى زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم لحوقا به بعد مماته، إنها السيدة زينب بنت جحش أم المؤمنين.
تقول دار الإفتاء المصرية في تقرير لها: "السيدة زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر الأسدي، أمها أمية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأخوها عبد الله بن جحش رضي الله عنه، أول أمير في الإسلام، ولدت السيدة زينب في الجاهلية لعام 33 قبل الهجرة، وكان اسمها "برة"، فسماها النبي زينب، وكانت تكنى أم الحكم، وهي إحدى المهاجرات الأول".
وعن زواجها بالنبي، قالت الدار: "تزوجت زينب من زيد بن حارثة، مولى النبي الكريم، ثم بعد ذلك طلبت الطلاق منه، فطلقها، ثم زوجها الله تبارك وتعالى من السماء لنبيه سنة ثلاث من الهجرة، وأنزل الله فيها قوله «وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا».
تابعت الدار: "كان رسول الله قد تبنى زيدا، فكان يدعي زيد بن محمد، فلما نزل قوله تعالى «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن طلقها زيد، وهدم ما كان معروفا في الجاهلية من أمر التبني".
وتابعت: "منذ اختارها الله لرسوله، وهي تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول، كما ثبت في "البخاري": «زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات»، وسماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الزواج زينب، وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما".
وفي شأنها أنزل الله تعالى الأمر بإدناء الحجاب، وبيان ما يجب مراعاته من حقوق نساء النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت رضي الله عنها من سادة النساء، دينا وورعا، وجودا ومعروفا، محضن اليتامى ومواسية الأرامل، قد فاقت أقرانها خلقا وخلقا، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزور السيدة زينب، ويمكث معها، ويشرب العسل عندها، فغارت بعض نسائه، وأردن أن يصرفنه عن ذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة: أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير، فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك، فقال: «لا، بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له»، فنزل "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" إلى قوله "إن تتوبا" لعائشة وحفصة"وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" لقوله «بل شربت عسلا» رواه البخاري ومسلم.
ومن مناقبها رضي الله عنها، أنها أثنت على عائشة أم المؤمنين خيرا، عندما استشارها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حادث الإفك؛ ففي الحديث قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمري: «ما علمت؟ أو ما رأيت؟» فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعصمها الله بالورع.
ومن مناقبها، بحسب تقرير الإفتاء، أنها كانت ورعة قوامة، تديم الصيام، كثيرة التصدق وفعل الخير، وكانت من صناع اليد، تدبغ وتخرز، ثم تتصدق بثمن ذلك، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة تصدقها وكنى عن ذلك بطول يدها؛ فعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا»، قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قالت: فكانت أطولنا يدا زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق. رواه البخاري ومسلم.
وتابع التقرير: أحسنت عائشة رضي الله عنها في الثناء عليها إذ قالت: "ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى".
ولقد بلغ من حبها للعطاء أنها قالت حين حضرتها الوفاة: "إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا"، فكانت حقا أول زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم لحوقا به؛ حيث توفيت سنة 20 للهجرة، وقد جاوزت الخمسين عاما، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصنع لها نعش، وكانت أول امرأة يفعل معها ذلك، ودفنت بالبقيع".