نقطة انطلاق المهرجانات "شقة فيصل".. والأدوات "درامز ومايك وجهاز كمبيوتر"
استوديو «ساسو» الذى يتم فيه توزيع المهرجانات
حالة استثنائية يعيشها الفن المصرى فى الوقت الحالى، حيث انتشرت بشكل كبير أغانى المهرجانات، ما أثر على سوق الأغنية الشعبية، فجعلها تتراجع بعد أعوام من التربع على عرش الغناء.
ظهور أغانى المهرجانات لم يكن من قبيل الصدفة وإنما جاء بعد أعوام من محاولات عديدة قادها شباب حلموا بإدخال نوع جديد من الفن، هذا النوع المستحدث لا يتطلب تجهيزات تقنية عالية كى يتم إنتاج الأغانى، ولا توجد حاجة ملحة لأن تكون طبقة صوت المطرب جيدة، يكفى فقط أن يكون مؤدياً جيداً ولديه القدرة على التلاعب بالألفاظ والتحكم فى رتم الأغانى كى تتوافق مع اللحن الذى يكون فى الغالب مأخوذاً من بعض الأغنيات الغربية، حيث يتم تعديله كى يتوافق مع متطلبات الشارع المصرى والذوق العام السائد بين بعض فئات المجتمع فى الوقت الراهن.
الاستديو الخاص بتسجيل تلك الأغانى لا يقل أهمية عن صوت المطرب ذاته، حيث إن بداخله يتم تحويل كلمات وألفاظ ليس لها دلالات معينة إلى نغمات وأصوات يعلو معها رتم الأداء الصوتى ما يجذب المزيد من الفئات إلى تلك النوعية من الغناء.
داخل أحد الاستديوهات الشهيرة لتسجيل الأغانى الشعبية بمنطقة فيصل، كان إسلام رمضان، ٢٦ سنة، من بولاق الدكرور، الشهير بـ«ساسو»، يجهز لإحدى الأغانى الجديدة التى يستعد لإطلاقها بالتعاون مع أحد مطربى المهرجانات، شقة فى الطابق الثامن، صغيرة الأبعاد، بابها دائماً مغلق بـ«ترباس»، حوائط مغطاة بطبقات من «الماكت» كى تكون عازلة للصوت. «درامز ومايك وجهاز حاسوب كبير وبعض أدوات الإيقاع»، تلك هى مقتنيات الاستديو.
يقول «ساسو»، صاحب فكرة الاستديو، إنه يعمل فى مجال توزيع أغانى المهرجانات منذ ما يزيد على ثمانى سنوات، قضى تلك الفترة فى محاولة تحقيق الذات كى يتمكن من الانضمام إلى عالم التوزيع وتتاح له فرصة العمل مع نجوم الصف الأول: «بدأت أشتغل مزيكا بس، وأعلّم نفسى بنفسى، وبعد كده اتعرفت على واحد صاحبى مطرب مهرجانات كان لسه فى البداية، كنت بوزع له وبتعلم فيه، لحد ما قدرت أشيل شغل لوحدى وأطلع أغانى كويسة تسمّع مع الناس وتسيب مردود كويس»، ازدادت شهرة «رمضان» فى منطقته، ومع تلك الشهرة بدأ التفكير فى عرض أعماله على المطربين حتى يتمكن من دخول هذا العالم الذى طالما حلم به، وكان له ما أراد وتمكن من توزيع أول اغنية مهرجان له فى عام ٢٠١٤.
"إسلام": "المهرجانات" استقطبت الشباب لأن كلماتها مأخوذة من البيئة وتعمّق الألفة بين المطرب والجمهور
إقبال مطربى المهرجانات على الاستديو الخاص به بعدما ذاع صيته وصل إلى حد كبير، يؤكد «رمضان» أن جميع مطربى المهرجانات شاركوه فى أعمالهم: «كل المطربين شغالين معايا وإيجار الاستديو للغنوة الواحدة بيبدأ من ٢٠٠٠ جنيه، وعملت مئات المهرجانات منذ ٢٠١٤ حتى الآن»، يرى «ساسو» أن المهرجانات لاقت إقبالاً كبيراً من فئات الشباب والمناطق الشعبية نظراً لأن كلماتها مأخوذة من البيئة المحيطة، ومن ثم يخلق هذا الأمر نوعاً من الألفة بين المطرب والجمهور.
يميل الموزع الشاب إلى التوزيع الخفيف، الذى يعتمد على الإيقاع أكثر من الصوت العالى. ويؤكد أن تجهيزات الاستديو المتواضعة تعطى للمهرجان لوناً مميزاً تجعله يتصدر تريندات اليوتيوب: «الشغل فى النضافة جودته بتقل، لأننا بنعمل شغل شعبى ولازم اللى بيسمع يكون حاسس، إن المطرب شبهه، وزيه بالظبط علشان يتفاعل مع الأغنية». وعن تجهيزات الاستديو الخاص به يقول: «كنت شغال بمايك تمنه ٢٠٠ جنيه وصب بـ١٥٠ جنيه، ولما ربنا كرمنى بفلوس، بدأت أطور من نفسى علشان أقدر أوصل لمطربين أشهر».
جوانب الاستديو مبطنة بصوف يحجب الأصوات الخارجية عن الدخول والاختلاط بأصوات المطربين: «الاستديو بيتكون من صوف صخرى، علشان يكون عازل عن الأصوات اللى بره، وأنا مش عامل عزل ١٠٠٪ لأنه مكلف، أنا اللى عملت النقاشة، وبدأت أشترى التجهيزات، وعملت كل الحوائط بماكت بيمتص صدى صوت وموجات السماعات».
موزع أغنية "بنت الجيران": "نجاح الأغنية كان غير متوقع.. وتوزيعها أخد معايا ساعة إلا ربع.. ومش هشتغل تانى فى الإسفاف وهختار كلماتى بعد كده"
وعن أغنية «بنت الجيران» وكواليس التسجيل، يقول «ساسو» إنه فى بداية الأمر قام حسن شاكوش بتسجيل تلك الأغنية بصوته، قبل أن يقترح على عمر كمال أن يشاركه الغناء بعدما قررا عمل دويتو معاً، ولكن لم تنجح فكرة الدويتو وقررا إعادة غناء «بنت الجيران» معاً: «ماكانش حد مننا متحمس ليها، وعمر كمال كان شايف إنها ضعيفة، وقرروا إنها تكون جزء من أغانيهم لكن مش أهم الأغانى»، ويتابع: «توزيعها أخد معايا ساعة إلا ربع وكلماتها أخدت تلت ساعة».
قرر الموزع الشاب أن يبتعد عن الإسفاف فى أغانيه القادمة حتى لا يكون معرضاً لموقف سيئ بعد ذلك فى حال وصوله إلى ما يريده من نجومية: «هختار كلماتى بعد كده، وغيّرنا كلمة خمور وحشيش من أغنية بنت الجيران علشان ترضى الذوق العام».