أنقذ فتاة من التحرش.. القصة الكاملة لاستشهاد أبو الدهب "الضابط الجدع"
صورة- الضابط الشهيد بصحبة أولاده
"مشهد أكشن" شاهده رواد سينما "رادوبيس" بشارع الهرم، قبل أن يحجزوا تذكرة الدخول إلى صالة العرض، ضابط شرطة يطارد 3 مجرمين سرقوا فتاة وحاولوا إجبارها على ركوب دراجتهم البخارية، لكنه تصدى لهم وأحبط مخططهم الشيطاني، وكانت النهاية برصاصة في الرأس الضابط الشهم أنهت حياته.
رحل الرائد أحمد أبو الدهب الضابط بشرطة نجدة الجيزة، تاركا زوجته وأولاده، كل ما سردناه لم يتعد 5 دقائق سجلتها كاميرات المراقبة وأذهان رواد سينما رادوبيس وشارع الهرم في 2013، ألقي القبض على المتهمين وجرى إحالتهم إلى النيابة ومن ثم المحاكمة الجنائية، وبعد تداول أوراق القضية في جلسات عدة قضت المحكمة بإعدام المتهمين، وصباح اليوم نفذ قطاع مصلحة السجون الحكم لتنتهي آخر فصول مسرحية الضابط الشهم والأوغاد الثلاثة.
"الوطن" ترصد تفاصيل الجريمة منذ وقوعها وحتى إعدام المتهمين، خلال السطور التالية..
- أكشن أمام سينما "رادوبيس"
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة والنصف مساء يوم 23 سبتمبر عام 2013، حينما وقعت مطاردة بين ظابط شاب و3 أشخاص يستقلون دراجة نارية وبحوزتهم فرد خرطوش، وفي أثناء محاولة ضابط النجدة التصدي لهم إثر تهديد فتاتين ومحاولة سرقتهما بالإكراه والتحرش بهم، انتهت المطاردة بقتل الضابط بطلقة في الرأس، وفقا للتحريات.
- الضابط الجدع مات
سارع عدد من رواد المنطقة بإخطار شرطة النجدة، وانتقل فريق من المباحث الجنائية آنذاك على رأسهم اللواء محمود فاروق، الذي كان يشغل منصب نائب مدير الإدارة العامة للمباحث بالجيزة، وأجرت القوات معاينة لمسرح الأحداث.
وأفادت معاينة المباحث بأن المجني عليه ضابط شرطة برتبة رائد يدعى أحمد أبو الدهب، يعمل في شرطة نجدة الجيزة، وأنه كان في طريقه إلى منزله بمنطقة بولاق الدكرور وعقب مشاهدته للواقعة سرقة فتاتين ركن سيارته، وأحبط محاولة السرقة والتحرش، لكنه أصيب بطلق ناري أودى بحياته.
فرغت النيابة كاميرات سينما "رادوبيس" التي شهد محيطها الواقعة، وعدد من المحلات التجارية المجاورة، وناقشت أيضا الفتاتين وقالت إحداهن وتدعى "نورهان.س"، كانت تبلغ من العمر حينها، 19 عاما، طالبة بأكاديمية الفنون، في أثناء مناقشتها أمام اللواء محمود فاروق، إنها حال سيرها وإحدى صديقاتها بشارع الأهرام بالقرب من سينما رادوبيس فوجئت بثلاثة أشخاص يستقلون دراجة نارية اختطف أحدهم هاتفها المحمول فاستغاثت بالمارة، وتصادف مرور الضابط، الذي طاردهم فأطلق أحدهم على رأسه عيارا ناريا من فرد خرطوش وفروا هاربين.
سجلت القوات ما جاء على لسان الفتاة وصديقتها، واستعانت برسام جنائي لرسم ملامح المتهمين، بعدما أدلت الفتاة وصديقتها بأوصافهم في محضر الشرطة.
سردينة وكرشة وقورة
وجاء في تحريات وتحقيقات الأجهزة الأمنية، التي أجراها اللواء محمود فاروق نائب مدير الإدارة العامة للمباحث، أنه بعد مرور ما يقرب من 20 يوما من البحث والتحري وفحص كاميرات المراقبة الموجودة في مكان الحادث، ومناقشة 14 شاهدا من شهود العيان، وفحص واستجواب 4 تشكيلات عصابية ضمت 48 متهما تخصصوا في السرقات بالإكراه، والاستعلام عن الدراجة النارية المستخدمة في الحادث، توصلت التحريات إلى أن وراء ارتكاب الواقعة هم: مصطفى إبراهيم محمد وشهرته "كرشة"، ومصطفى عنتر محمد وشهرته "سردينا"، وسامح ضاحي عبد الله وشهرته "قورة"، 23 عاما، عاطل، مسجل خطر، وجرى عرض المعلومات والتحريات على النيابة العامة لصدور قرار بضبطهم وإحضارهم.
وأصدرت النيابة قرارا بضبطهم وإحضارهم، وانطلقت مأمورية من المباحث وألقت القبض عليهم بحيازتهم السلاح المستخدم في الحادث.
زوجة الشهيد: ودعني وقالي "خدي بالك من الأولاد"
"الوطن"، التقت زوجة الشهيد أحمد أبوالدهب، في وقت معاصر للواقعة وأكدت أن زوجها شارك في مأموريات خطيرة في سيناء وجبل الحلال والضبعة والسلوم ووادي النطرون والعلمين.
وقالت "منى" زوجة الشهيد، إن أخطر مأموريات زوجها "مأمورية عزت حنفي" في النخيلة في أسيوط، بلدته التي خرجت منها حشود وكأنه يوم الحشر في أثناء تشيع جنازته.
وحول يوم الحادث، تقول منى: "يوم الحادثة أحمد اتصل بيا بعد انتهاء عمله الرسمي، وكانت الساعة 5 مساء، وقال لي أنا جاي دائري بس الطريق زحمة، انتوا كلتوا ولا لأ؟ أنا ميت من الجوع، ومرت ساعة واتنين ومجاش والساعة سبعة لقيت واحد بيتصل بيا من تليفون أحمد قولتله أنت مين؟ مش ده تليفون أحمد أبوالدهب؟ ردي عليا أنتي مين؟ قولتله أنا مراته، قالي الحقي جوزك مضروب بالنار ومتصفي دمه اتصرفوا بسرعة عشان أنا مش عارف اتصرف، فضلت أصرخ وأصرخ وأخويا خد من إيدي التليفون وجرى راح على مكان الواقعة".
وتستطرد زوجة الشهيد حديثها: "أحمد كان متعود لما يخرج من باب البيت يمشي على طول، لكن في اليوم ده بالذات لما خرج من باب البيت ووصل عند الأسانسير رجع تاني وكأنه بيودعني وقالي خدي بالك من نفسك ومن الولاد".
"قورة".. هو اللي ضرب النار
وحسبما ورد في تحريات المباحث، أن المتهمين اعترفوا بارتكابهم الجريمة وعثر بحيازة المتهم الأول على فرد خرطوش عيار 16 مم وطلقتين من العيار ذاته ودراجة بخارية دون لوحات معدنية ماركة باجاج سوداء اللون المستخدمة في الجريمة، واعترفوا بارتكاب الجريمة بدافع السرقة وإطلاق المتهم الثالث أعيرة نارية تجاه الضابط أدت إلى استشهاده خشية ضبطهم وأن الهاتف المحمول المستولى عليه، باعه الأول لشخص مجهول بمنطقة العمرانية.
واعترفوا بارتكاب حادث شروع سرقة هاتف محمول من مصطفى البدوي، 27 عاما، مقيم بإمبابة، حال سيرة بتقاطع شارعي الأهرام مع فاطمة رشدي المحرر عنها المحضر رقم2013/12744 م جنح قسم العمرانية.
إعدام المتهمين
عقب تداول أوراق القضية 5 أعوام منذ بداية الواقعة، أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكما بإعدام المتهمين شنقا، بتهمة القتل العمد والسرقة بالإكراه وحيازة أسلحة نارية دون ترخيص، وأيدت محكمة النقض حكم محكمة الجنايات بإعدام المتهمين الثلاثة، وصباح اليوم نفذت مصلحة السجون الحكم.