فقهاء "قوانين الأعمال": مصر شهدت طفرة تشريعية غير مسبوقة في مناخ الاستثمار
مناخ الاستثمار فى مصر يشهد طفرة غير مسبوقة
شهدت السوق المصرية العديد من التشريعات القانونية فى مجالات مُتعددة خلال السنوات الأخيرة، لا سيما على صعيد المجال الاقتصادى، بهدف مواكبة خطة الدولة فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى.
وتمركزت أبرز نماذج التشريعات الاقتصادية على عدة محاور بداية من منظومة الإصلاح الضريبى ودعم الصناعة مروراً بجذب الاستثمار وإنعاش الخزانة العامة للدولة.
ورصد عدد من مسئولى مكاتب الاستشارات القانونية عدداً من المحاور الضرورية لجنى ثمار تلك التعديلات التشريعية على زيادة التدفقات الاستثمارية ودعم حركة الإصلاح فى المنظومة الاقتصادية، أبرزها وضع استراتيجية تنفيذية لتطبيق تلك القوانين على أرض الواقع، بالإضافة إلى تدريب العاملين بالهيئات والمؤسسات للعمل وفقاً للتعديلات التشريعية الجديدة للحد من التضارب فى القرارات.
وأضافوا أن المحاور يجب أن تتضمن أيضاً زيادة التركيز على عنصر الترويج خلال الفعاليات الخارجية، بهدف الترويج للمناخ الحالى فى السوق المصرية وطبيعة القوانين والتشريعات التى تتطبق حالياً مع رصد أبرز المحفزات الناتجة عن سلسلة التعديلات الأخيرة، بهدف استقطاب شريحة متنوعة من المستثمرين والمؤسسات الخارجية.
وتتمثل أبرز التشريعات التى أقرها مجلس النواب خلال الآونة الأخيرة فى قانون ضريبة القيمة المضافة والذى يستهدف الارتقاء بالنظام الضريبى، وتبنى النظم الحديثة التى تحقق الكفاءة واليسر والإحكام فى تحصيل الضرائب، فضلاً عن التشريعات الخاصة بتيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية، عبر إسناد الاختصاص للهيئة العامة للتنمية الصناعية التى تضعها وزارة التجارة والصناعة لتحفيز وتشجيع الاستثمار فى القطاع الصناعى، وقانون تنظيم نشاطى التأجير التمويلى والتخصيم، الذى يهدف لدعم المستثمر الصغير فى الحصول على التمويلات.
وتضمنت التشريعات تعديلات قانون سوق المال وقانون الاستثمار الذى يُعد من أهم التشريعات الاقتصادية التى خرجت من مجلس النواب وتضمنت حوافز عامة وخاصة، وأخرى إضافية، بلغت 11 حافزاً، مثل إعفاء عقود تأسيس الشركات والمنشآت من ضريبة الدمغة لمدة 5 سنوات من تاريخ القيد، وضريبة جمركية موحدة 2% من قيمة ما تستورده المنشأة من آلات لإنشائها، وإعفاء المشروعات الصناعية من جمارك مستلزمات الإنتاج، وخصم نسب متفاوتة من الضرائب المستحقة حسب تصنيف المنطقة الجغرافية، ومنح حوافز إضافية للمشروعات المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون أو توسعاتها.
"عبدالشهيد": الاستفادة من ثورة التشريعات الجديدة مرهونة بوضع استراتيجية لتطبيقها على أرض الواقع
وفى هذا الصدد قال جرجس عبدالشهيد، الشريك المدير لمكتب عبدالشهيد للاستشارات القانونية، إن جنى ثمار سلسلة القوانين والتعديلات التشريعية التى شهدتها السوق المصرية على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، يتطلب التركيز على محورين رئيسين يتمثل الأول فى وضع استراتيجية تنفيذية لبدء تطبيق تلك القوانين والتعديلات على أرض الواقع، والاستفادة منها فى تذليل العقبات التى واجهت المستثمرين خلال السنوات الماضية، خاصة فيما يتعلق بطول الإجراءات والبيروقراطية التى تعرقل الحصول على التراخيص والموافقات.
وتابع: «أما عن المحور الثانى فيتمثل فى ضرورة التركيز على عنصر الترويج والتسويق الخارجى كمحور رئيسى لاستغلال التوترات والاضطرابات الخارجية فى صالح السوق المصرية، وزيادة التعريف بالفرص المتنامية الراهنة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة وفى مقدمتها الطاقة المتجددة، بالإضافة للتأكيد على الاستقرار الذى تتمتع به السوق على الصعيد السياسى والاقتصادى، والذى يعزز قدرتها فى التغلب على تداعيات تلك الاضطرابات».
وأكد «عبدالشهيد» النظرة الإيجابية التى تتمتع بها السوق المصرية على المدى المتوسط والبعيد من قبَل أغلب المؤسسات والمستثمرين الأجانب، بالإضافة لوجود رغبة واضحة من المؤسسات والمستثمرين لضخ استثماراتهم بعدد من القطاعات، مُشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك ما زال معدل الاستثمارات الخارجية لا يتناسب مع حجم الفرص المتاحة بالسوق بأغلب القطاعات، ذلك الأمر الذى يؤكد الحاجة الماسة للعمل على تسريع عجلة الاستثمار وخلق بيئة استثمارية أكثر مرونة وتيسيراً لكافة الفئات الاستثمارية، وذلك بالتزامن مع التطبيق الفعلى للقوانين والتشريعات الجديدة على أرض الواقع والتى تعتبر المقياس الحقيقى لجنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية وترجمة التحسن الملحوظ فى المؤشرات العامة.
ومن جانبها قالت الدكتورة نرمين طاحون، الشريك المؤسس لمكتب طاحون للاستشارات القانونية، إن سلسلة القوانين والتعديلات التى شهدتها بيئة الاستثمار خلال الفترة الأخيرة ستلعب دوراً كبيراً فى زيادة معدلات الاستثمارات المباشرة بالسوق المصرية، ولكن ما زال الأمر يتطلب إعادة النظر فى القوانين المنظمة لبعض القطاعات على غرار القوانين والتعديلات التى شهدها القطاع الصناعى، مثل قطاع الرعاية الصحية، باعتباره أكثر القطاعات الحيوية التى تتمتع بفرص استثمارية مرتفعة لم يتم الاستفادة منها بالشكل الأمثل.
وأضافت أن هناك العديد من القطاعات التى تحتاج لإعادة النظر فى التشريعات المُنظمة لها بهدف الاستفادة من الفرص الراهنة بهذه القطاعات وتذليل العقبات التى تعوق ضخ المزيد من التدفقات والاستثمارات الخارجية بها، مشيرة إلى أن التطبيق الفعلى للتعديلات التى طرأت على القوانين المتعلقة بالاستثمار مثل قانون المحاكم الاقتصادية والقوانين المنظمة لنشاطى التأجير التمويلى والتخصيم، وتعديل قانون دخول وإقامة الأجانب بأراضى مصر والخروج منها وقانون الجنسية المصرية، من شأنه أن يخلق بيئة خصبة لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية.
"طاحون": تدريب العاملين بالهيئات على العمل وفقاً للتعديلات الجديدة "ضرورى"
وأكدت «طاحون» أن السوق المصرية تتمتع بإطار تشريعى استثمارى يدعم خطتها لتحقيق مستهدفات التنمية، وزيادة تنافسيتها بين أسواق المنطقة، ويحد من تداعيات التوترات والاضطرابات الخارجية، مشيرة إلى ضرورة استغلال النظرة الإيجابية للمؤسسات الخارجية مع ضرورة وضوح ملامح السياسة النقدية والمالية للدولة وتوحيد الاستراتيجية العامة لمؤسسات الدولة، فضلاً عن تدريب كافة العاملين بالمؤسسات والهيئات الحكومية على كيفية التعامل بالتعديلات التشريعية الجديدة لضمان عدم حدوث تضارب بين القوانين والنشرات الداخلية للهيئات والمؤسسات مما يقلص القدرة على الاستفادة الحقيقية من الثورة التشريعية الراهنة.
"التميمى": توقعات بتنامى سوق الاستحواذات والاندماجات بدعم استمرار السياسة التوسعية لـ"المركزى" واستغلال النظرة الإيجابية للمستثمرين
وتوقع محمد جبر، رئيس قطاع الاستحواذات والاندماجات بمكتب التميمى للاستشارات القانونية، استعادة زيادة معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الجارى، بالتزامن مع بدء جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، وهدوء الوضع الخارجى على الصعيد الاقتصادى، ووضوح ملامح الخطط الاستثمارية للمؤسسات المالية والمستثمرين الأجانب، ليشهد العام تنفيذ العديد من صفقات الاستحواذ والاندماج بعدد من القطاعات يتصدرها قطاع الطاقة، بجانب قطاعات الصناعة والأغذية والصحة.
وأكد أهمية الترويج الخارجى للسوق المصرية باعتبارها أكثر الأسواق استقراراً على صعيد المنطقة، وعرض الفرص الاستثمارية المتنامية بأغلب القطاعات بهدف استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن ملاذ آمن للاستثمار، مضيفاً أن توجه المؤسسات الخارجية لضخ سيولة بالسوق المصرية عبر استثمارات المباشرة هو الترجمة الحقيقية لثمار برنامج الإصلاح، فلقد شهدت الفترة الأخيرة توجيه واضح للسيولة للاستثمار غير المباشر فى أدوات الدين الحكومية، مقابل تقلص معدل الاستثمارات المباشرة التى تُعد المحرك الرئيسى للاقتصادى من خلال قدرتها على خلق المزيد من فرص العمل والمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة.
وشدد على ضرورة استكمال «المركزى» سياساته التوسعية، والعمل على تخفيض الفائدة، خاصة مع تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع معدل التضخم، ذلك الأمر الذى سيصب بشكل مباشر فى صالح السوق المصرية ويعزز جاذبيتها لمزيد من الاستثمارات المباشرة.