محمد سلطان: عِزة نفسي حالت دون تعاوني مع "أم كلثوم" ولم أندم.. "بيها ومن غيرها أنا ملحن كبير"
الموسيقار محمد سلطان
طبعت السنوات بصمتها على ملامح وجهه، فلم يعد الموسيقار محمد سلطان، الشاب الوسيم، الذى أحبتّه سعاد حسنى فى فيلم «عائلة زيزى»، ولكن أصبح «العاشق» الراضى بـ«المقدر والمكتوب»، الذى تحدث لـ«الوطن» من داخل منزله الذى تتجول فيه القطط ذات اللون الأسود، وتتزين جدرانه بصور «فايزة أحمد» والرئيس السادات، والأثاث يبدو عليه أنه من زمن فات شاهد على «قصة حب مختلطة بـ«الشهد والدموع».. وأثناء حواره الذى امتد لـ60 دقيقة، قبّل يده وشكر الله، ومسح دموعه التى انهمرت من أجل حبيبته «فايزة» و«أبوه الروحى» محمد عبدالوهاب.
فى البداية، سارعت إليه قططه، حاوطته كـ«الحارس الأمين»، جلست إحداها على قدميه، وبادر «سلطان» بالحديث عنها: «القطط ليست خائنة، ولا تعرف الغدر ولكن الإنسان هو الذى «يخون»، القطط والكلاب والخيول من «أوفى» الكائنات التى خلقها الله، ولو كان عندى «جِنينة» كنت قمت بتربيتها، ولكن اضطريت لبيع الخيول التى امتلكتها فى السابق، فأنا فارس لا يُعلى عليه».
سألته: هل تعرضت للخيانة من قبل؟
- لا، لكن صادفت خيانة بشر، ولا يعنى ذلك أن كل البشر «وحشين»، لأنى إنسان مثقف ومتعلم ومتربى فى بيت «شبعان»، الإنسان خُلق ليكون «حنين» على غيره، عمرى ما كسفت حد ولا صديت حد، من يشعر بالمحتاج ربنا يكرمه، عليكم بأنفسكم إن اهتديتم، ليه أنا أرتبط بفايزة أحمد، أكيد فيها حاجات حلوة، الله يرحمها ويحسن إليها كانت تبكى بالدموع إزاء «الغلابة»، أقول لها «يا ستى بتعيطى ليه.. تقول لى ده غلبان يا محمد، شوف لو نساعده أو نوصله أى مكان»، كانت إنسانة جداً محبة للخير «إيدها فى جيبها على طول»، لا تعرف الأنانية مطلقاً، «ومقدرش أقولها لأ».
أنا و«فايزة» التقينا على حب الخير والغير، وفيه صفات مشتركة كثيرة، ولم نعرف الغيرة فى العمل، ولكن المنافسة الشريفة مباحة، بدون المنافسة لن يكون هناك إحساس، نتمنى لغيرنا الخير «مش نقول ربنا ياخده عشان أنا أبقى موجود».
هل تعلّمت ذلك من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب؟
- طول عمرى أعشق محمد عبدالوهاب، اكتشفنى وأنا صغير بـ«الشورت» ولم أتجاوز الـ15 سنة من عمرى فى «جليم» بالإسكندرية، كان لديه «فيلا» فى هذه المنطقة بجوار منزلنا، وقال لى «عايز أشوف أبوك»، والدى بعد عودته من العمل وجد «عبدالوهاب» يجلس فى منزلنا، واستغرب كثيراً وقال «إيه العظمة دى وإيه الشرف ده يا أستاذ عبدالوهاب»، ورد عليه «أنا جيتلك عشان الولد ده هيكون مثلى يوماً»، ولكن والدى كان معترضاً بسبب دراستى، ولكن الأستاذ عبدالوهاب قال له «تعلمه زى ما تعلمه هيكون برضه موسيقار».
وما سر هذه الدموع؟
- يبكى.. يمسح وجهه بيديه، كل ما أتكلم عن «عبدالوهاب» بعيط كان «حاسس بيّا قوى»، أنا كنت ابنه، لم يتركنى وكان زى أبويا، وزوجته كانت تقول له «هو انت خلفّته يا أخى وبتحبه زى أولادك»، كان دائماً يعشق الموهوبين، وأنا كنت بحبه جداً، كان ينتظر أطلب منه أى شىء، ويقول لى «لو عايز فلوس خُد»، أرفض لأن «أبويا غنى عندنا أرض وفدادين وعزبة، يعنى أنا شبعان ومتبهدلتش وأنا صغير».
هل زيارة محمد عبدالوهاب أقنعت والدك باتجاهك إلى عالم الفن؟
- شوفى، لم يكن هناك أى شىء يقدر يمنعنى عن الفن إطلاقاً، لأن هذه الموهبة كانت «هبة» من الله، «الفلوس متهمنيش»، أنا والدى عبدالحميد باشا سلطان، يعنى «فلوس ومركز»، ولم أستغل ذلك يوماً، ولم أنحرف بسلوكى ولم أتجه إلى لعب القمار، «طول عمرى نضيف»، لدىّ شقيق مهندس يعيش فى سويسرا مع زوجته وابنتيه الاثنتين، وشقيقتى توفيت وهى صغيرة، وأسافر لشقيقى، وأتواصل معه باستمرار، ويومياً نتواصل تليفونياً، تربينا على الوفاء وروابط الأخوة والحب بيننا، لو أخويا محتاج حاجة «أشيل هدومى وأدهاله»، أنا لست شخصاً أنانياً، وأفكر فى غيرى دائماً، أولادى عمرو وطارق أحسن منى، أبويا اللى رباهم.
ما سبب عدم استمرارك فى مجال التمثيل بالرغم من مشاركتك فى عدد من الأفلام مثل «عائلة زيزى»، و«من غير ميعاد»؟
- أنا «جوايا ملحن»، ويوسف شاهين «كان بيموت فيّا وبيقول عليّا جان وكان عايزنى أستمر فى التمثيل»، فى الموسيقى احتضننى «عبدالوهاب»، وفى التمثيل كان «شاهين» يريد ذلك، الحمد لله ربنا كان معايا فى جميع خطواتى، ولم تكن هناك أى عقبات أمامى، «أبويا وأمى كانوا داعيين لى»، ولحد ما أموت «ربنا بيسهلها لى على طول».
ماذا تفعل فى حياتك اليومية؟
- أنا إنسان عادى، ولم أشعر يوماً بأننى شخص مميز، وماشى على الله، ولا أعمل حساب الزمن، ولا أؤمن بأن «القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود» والكلام ده، عندما تنفق أموالك فى الخير، ربنا بيعوضك دائماً.
من أصدقاؤك بالوسط الفنى يقوم بالسؤال عنك حالياً؟
- بمرارة: خلاص مفيش حد، يوسف شاهين كان دائماً على صلة بى، ومحمد عبدالوهاب «ماكانش بيسيبنى».
كيف ترى المشهد الغنائى الآن؟
- كل شىء بيتغير، الدوام لله «مفيش حاجة بتستمر على حالها»، ولا أحد يعلم إذا كان التغير للأفضل أم لا، لكن فى السابق كان هناك مواهب كثيرة وثراء فنى، والآن أصبحت «الساحة فاضية»، وهذا أمر «يخوف».
من الصوت الذى «يُطربك» فى الوقت الحالى؟
- «مفيش غير اللى قدمتهم، أولادى فنياً» مثل هانى شاكر، نادية مصطفى، محمد ثروت.
وماذا عن النجوم الآخرين الذين يصغرونهم سناً؟
- قولى زى مين؟
ماذا عن أنغام، أو شيرين مثلاً؟
- حلوين مش بطالين، أستمع إلى من وقفت بجانبهم وآمنت بهم.
هل أنت متابع للمشوار الفنى حالياً لـ«نادية مصطفى»؟
- مش معنى إنها لا تقدم جديد، إنها انتهت، ولكن لديها أغانيها، هى ممكن تغنى فى أى وقت، لكنها غير مواظبة وغير موجودة فى الساحة «اليومين دول»، «من صعد ووصل لمكانة معينة لن يهبط، والفرق أنه لم يكن هناك استمرار فى العطاء الفنى، ولكن كقيمة فنية موجودون».
وماذا عن اختفاء محمد ثروت فنياً؟
- «معلش» الدوام لله، هناك دائماً متغيرات تحدث، ويجب أن يكون هناك تطور لضمان الاستمرارية فى أى مجال.
"أصالة" اتغرت وضلّت طريقها
هل ترى أن «أصالة» ما زالت كما قدمتها فى بدايتها؟
- أنا وضعتها فى أول الطريق، ولكنها ضلّت، «اتغرت وافتكرت إنها بقت حاجة، وإنها لو غنّت لحد تشهره، هى من تحتاج لمن يسندها»، الفنان فى الماضى كان يكافح لآخر عمره مهما نجح، وكل ما الناس تحبه، مسئولياته تزيد لضمان الاستمرارية، «مش يغنى أى حاجة».
ساحة الغناء "فاضية" والقيمة الفنية تبقى مهما طال الزمن
لماذا لم تتواصل معها وتقدم لها النصيحة؟
- وأنا مالى، كنت خلفتهّا، كل شخص مسئول عن نفسه، أنا قدمت لها أغانى تجعلها نجمة، لكن بعد ذلك «معندهاش حاجة»، لا تستطيع أن تختار، وهذا عيبها، «مش كل مرة هتلاقى حد جنبها».
كيف ترى أغانى المهرجانات؟
- يعنى إيه أغانى المهرجانات؟ أنا لا أؤمن إلا بكل ما هو صادق وصحيح فى مجال الفن وأى مجال آخر، لكن «الموجة اللى بتطلع وتعمل رجّة»، المهم المضمون الذى يقدمه.
لكن هل ممكن يخرج عن «المهرجان» شىء جيد؟
- الله أعلم محدش عارف، ممكن يطلع من «الصفيح» حاجة، الذوق العام يتلون ويتغير مدى الحياة، ويكون «شوية فوق وشوية تحت، صعود وهبوط».
وكيف ترى تصدر أغنية «بنت الجيران» لمطرب مهرجان اسمه حسن شاكوش، المركز الثانى على العالم من حيث الاستماع على تطبيق «ساوند كلاود»؟
- التقييم ده مين بيعمله أصلاً، ممكن تلاقى شخص بيحب البسطرمة، وآخر بيحب لحم الخنزير، همّا أحرار، لكن القيمة الفنية تفرض نفسها رغم أنف الجميع، ومن ليس له قيمة سينزوى بمرور الوقت، الدنيا مقامات، «الحاجات دى قشور إردم عليها»، فى الفن هناك ناس موجودة، ولكن بلاقيمة.
كنت عضواً فى لجنة الاستماع بالإذاعة، ما المعايير التى كنت تختار المواهب من خلالها؟
- لا بد أن تكون الموهبة 100%، لا يوجد «أنصاف» أو «واسطة»، محدش كان يقدر يكلمنى، ولا رئيس الإذاعة يقول لى اختار ده أو ده، لم تكن هناك أى مجاملات، حتى لا يُظلم أحد على حساب آخر «ما يستاهلش».
لا أؤمن بما يقدمه عمرو دياب
هل تستمع إلى عمرو دياب؟
- أنا لا أؤمن به، مجرد «موجة».
«موجة» إزاى وهو على الساحة لأكثر من 30 عاماً؟
- حتى لو قعد 100 سنة، لكن بلا قيمة فنية، أنا مش حافظ له ولا أغنية، طول عمر أغانيه «موضة جديدة».
عمرو مصطفى لن يذكره التاريخ
هل تؤمن بأسماء بعينها فى مجال التلحين حالياً، على سبيل المثال عمرو مصطفى؟
- عمرو مصطفى، عمل إيه؟ بعد ما ينتهى لن يذكره أحد، لا يصح دائماً إلا الصحيح.
وليد سعد بيشتغل إيه؟
وماذا عن وليد سعد؟
- بيشتغل إيه ده؟
لكن هناك جمهوراً يدعمهم؟
- طب ما فيه ناس بـ«يهللوا» لواحد اسمه «شاكوش»، الشهرة ليست بالضجيج، ولكن بالمكانة الصحيحة، المسألة ليست هزار، ليس لى علاقة بـ«الفقاقيع» ولكن بالعلامات، القيمة تفرض نفسها.
لم أتزوج بعد فايزة أحمد.. لأن مفيش ست تملا مكانها
ما حقيقة أن لحنك الخاص بأغنية «أوعدك» للفنانة سعاد محمد كان لـ«فايزة أحمد»؟
- لا، اللحن بيكون بـ«المقاس» أسوة بـ«مقاس الجزمة»، واللحن مبدئياً بيتعمل ويتفصّل لـ«فلان» بالاسم، لأن الشخصيات والمساحات مختلفة، «مينفعش لحن لفايزة يروح لسعاد، أو العكس».
هل ندمت يوماً على منح ألحانك لمطربين لم يؤدوها بالشكل المطلوب؟
- قبل الشروع فى أى شىء بـ«دقق قوى»، وأفكر أكثر من مرة، وأسمع الأصوات لتفصيل اللحن على حسب المساحات، «لازم أبقى عارف أنا بعمل إيه».
ما سبب عدم وجود أى تعاون جمعك بالسيدة أم كلثوم؟
- أنا متواضع جداً ولكن لدىّ عِزة نفس، وكنت منتظر أن تقول هى «تعالى» ولكن لم يحدث.
هل شعرت بالندم لانتظارك؟
- لم أندم، لأنه لن يحدث إلا ما كتبه الله، وسواء لحنّت لـ«أم كلثوم» أم لا، أنا «محمد سلطان»، لكن فى آخر أيامها التقيت بها، وقالت «مش هنشتغل مع بعض ولا إيه»، أخبرتها أنها لم تطلب منى، وردت «يا سلّام، ثقة فى نفسك، المفروض انت اللى تجيلى»، وحدثتها عن عِزة نفسى، ورغبتى فى عدم فرض نفسى عليها «ولو قولتى لاء، دى تموتنى»، وقالت «إن شاء الله نشتغل سوا»، ولكنها رحلت بعدها.
هل لحن أغنية «دارت الأيام» كان من المفترض أن تقدمه ولكن أخذه «عبدالوهاب»؟
- كنت بحاول أعمله لـ«أم كلثوم»، ولكن عرفت أن «عبدالوهاب» دخل فى الموضوع، ولم يكن يعرف بشأن تلحينى للأغنية ولم أتحدث معه إطلاقاً، لأنه صاحب فضل علىّ.
ما حقيقة خلاف فايزة أحمد مع عبدالحليم حافظ بسبب أغنية «أسمر يا أسمرانى»؟
- ليس صحيحاً، «فايزة» لم تكن فى خلاف مع «عبدالحليم» ولا أى شخص، الفنان العملاق يكون بسيطاً، ولا يدخل فى خلافات مع أحد.
لماذا لم تستمرالفنانة فايزة أحمد فى التمثيل أسوة بنجمات جيلها؟
- لم تهتم بالتمثيل، لامتلاكها صوتاً لم يصل إليه أحد، مكانتها تقارن فقط بأم كلثوم بل وتمتاز عنها بإحساسها، لم تكن مؤمنة بالتمثيل، ولكن تؤمن بصوتها جداً، وإمكانياتها غير طبيعية، مطربة جبارة لن تتكرر، كانت عاشقة للغناء، لمّا قامت بالتمثيل، قالت «أنا غلطانة»، انتقدت نفسها «بقى أنا فايزة أعمل كده، وأنا مش جميلة قوى، أمثّل ليه، أنا صوت فقط» كانت تقول ذلك.
هل ترى أنك حصلت على التكريم اللائق بك؟
- لا أطمع فى أكثر من حب الناس وقدرى عندهم، ولا تكريم ولا شهادات، رأسمالى حب الناس، «مش بحب أبص فى المرايا وأقول أنا مش كويس».
"السادات" كان يدندن الأغانى عندما أعزف له
وماذا عن علاقتك بالسادات، خصوصاً أنه يوجد أكثر من صورة تجمعك به «معلقة على الحائط»؟
- كان «سميّع وذواق» وعاشقاً للفن، وكنا نلتقى فى منزله بالجيزة أو «ميت أبوالكوم»، كان يمر بسيارته ليصطحبنى من منزلى لأذهب معه، ويدندن الأغانى عندما أعزف له.