المنيا.. "منى" قضت على الإشغالات وأغلقت الكافيهات لمنع تسرب التلاميذ
المهندسة منى تتفقد وضع الشارع بنفسها
58 عاماً بالتمام والكمال، قضت منها نحو 25 عاماً فى خدمة المحليات، ذاع صيتها فى المنيا بأنها المرأة الحديدية التى تقتحم عش الدبابير دون تردد أو خوف، حينما تولت منصب نائب رئيس مدينة مركز العدوة، ومن بعده أصبحت نائباً لرئيس مركز مغاغة.
المهندسة منى محمود عبدالوهاب، بات اسمها معروفاً بين الصغار قبل الكبار فى كافة قرى ونجوع وعزب مركزى العدوة ومغاغة، حينما قضت على الإشغالات وقادت حملات الإزالة المكبرة، وبدأت رحلة كفاحها من أجل خدمة البسطاء، ونجحت بعد جهود مضنية فى إنشاء كوبرى مشاة على البحر اليوسفى بمركز العدوة يربط قرية صفانية بـ4 قرى وتوابع مجاورة، ثم أطلقت مبادرة لتجميل المدخل الشرقى لمدينة العدوة بالجهود الذاتية حتى حولته لتحفة جمالية، وبنفس الطريقة تم تمهيد الشوارع الفرعية، ثم وضعت يدها دون أن ترتعش فى عش الدبابير، حينما تدخلت وأشرفت على نقل موقف سيارات مركز العدوة من داخل الكتلة السكنية إلى أطراف المدينة.
"نائب رئيس مغاغة" امرأة حديدية اقتحمت عش الدبابير وحققت العديد من الإنجازات بالجهود الذاتية
انتقلت عقب ذلك للعمل فى مركز مغاغة، الذى يعد من أكبر مراكز المحافظة من حيث المساحة وعدد السكان، وهناك نجحت فى نقل سوق السمك، واستكملت حملات رفع الإشغالات التى أرهقت سكان المدينة وتسببت فى غلق شوارع حيوية، وبعد أن تحقق ذلك، اتخذت قراراً جريئاً وغير مسبوق بغلق جميع كافيهات الإنترنت فى فترة الدراسة، بعدما اكتشفت أنها سبب رئيسى فى استقطاب الشباب والأطفال، إذ كان مئات التلاميذ يهربون من مدارسهم يومياً، قاصدين تلك الأماكن دون علم أسرهم، ووضعت موعداً محدداً لفتح تلك الكافيهات وهو بعد الساعة الثالثة عصراً، كما منعت وضع مقاعد وكراسى المقاهى والكافيهات فى الشوارع وعلى الأرصفة، ثم أجرت زيارات يومية للمدارس للوقوف على جميع المشكلات التى تواجه العملية التعليمية سواء بين الطلاب أو المعلمين حتى نجحت فى حل أغلب المشكلات، ثم فتحت مكتبها لجميع الأهالى الذين يشكون من الخدمات العامة واليومية مثل المياه والصرف الصحى والكهرباء، وكانت تعد بالحل ويكون الوفاء كالسيف القاطع على رقبتها.
الست الصعيدية الأصيلة أبت الانكسار والضعف ونظرات الإحباط التى ترفض عمل المرأة، فنجحت بعد رحيل زوجها الذى كان يعمل استشارى نساء وتوليد فى تربية 4 أبناء أكبرهم ضابط شرطة بالأمن المركزى ويعمل فى محافظة أسوان، والثانى طبيب قلب «جراح»، والابنة الوحيدة تحمل اسم أمها «منى» حاصلة على ماجستير فى العلوم، وآخر العنقود حاصل على كلية علوم، وقبل عامين فقط تقلدت منصب نائب رئيس مركز العدوة بشمال محافظة المنيا، لتؤكد أن المرأة فى أحيان كثيرة تكون خيراً من 100 رجل فى إنجاز مهام العمل.
تقول المهندسة «منى»: «فى البداية واجهت صعوبة بالغة فى التعامل مع العمال والموظفين، فكان بعضهم يرفض مشاركتى فى حملات الإزالة، لكننى بعدما أنهيت مسئولية تربية أبنائى أخذت على عاتقى التفرغ لعملى، وبعد تعيينى نائباً لرئيس مركز العدوة، أثبت للجميع أننى جادة فى العمل، ولا أعرف المجاملة حتى سلم الجميع بالأمر الواقع، ونجحت فى تنفيذ العديد من قرارات الإزالة على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة».
وتضيف: «تعاملت مع مواقف إنسانية وصعبة أثناء تنفيذ قرارات الإزالة، منها على سبيل المثال عندما خرجت ضمن حملة فوجئت بحبل غسيل يضم أكثر من 150 قطعة لملابس أطفال مبلولة بالماء، واكتشفت أنها حيلة لإثناء القوة عن التنفيذ، وعندما دخلت المنزل فوجئت أنه خاوٍ من أى أثاث منزلى يحول دون هدمه، وفى النهاية تم التنفيذ».
وأشارت نائب رئيس مركز مغاغة حالياً إلى أنها أولت اهتماماً كبيراً بالنظافة فترة عملها فى العدوة ومن بعدها فى مغاغة، وحينما وجدت أن عمال النظافة يبذلون جهوداً مضنية قررت إثابتهم، وأبدت استعدادها فى دفع المكافآت من مالها الخاص نظير ما ينجزونه من أعمال، وكانت النتيجة المزيد من العمل والجهد والحماس، حتى تم تطوير وتشجير مدخل مدينة العدوة الشرقى المعروف باسم «برامل»، منعاً للحوادث المتكررة.