المفتي لوفد كنائس ألمانيا وسويسرا: مصر تجربة فريدة في العيش المشترك
مفتي الجمهورية يستقبل وفد رؤساء مجالس حوار الأديان الإسلامي المسيحي بدولتي ألمانيا وسويسرا
استقبل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، صباح اليوم، وفد رؤساء مجالس حوار الأديان الإسلامي المسيحي بدولتي ألمانيا وسويسرا، على هامش مشاركتهم في أسبوع حوار الأديان الذي يستضيفه مجلس إدارة الأكاديمية الدولية للحوار التابعة لمجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية بمصر، والذين أتوا للاطلاع على التجربة المصرية في الحوار والتعايش بين المسلمين والمسيحيين عن قرب.
وأكد المفتي خلال اللقاء أنّ مصر عبر التاريخ تميزت بالتنوع الديني والإثني حيث يعيش المصريون جنبًا إلى جنب في وطن واحد، ما جعل لمصر تجربة فريدة في العيش المشترك، وو ما أكده الدستور والقانون والتاريخ والحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، مشددًا على أنّ التمسك بالقيم الدينية المشتركة، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة، سينزع فتيل أي نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين.
وأضاف المفتي أنّ مصر ترجمت مشاعر الإخوة ومبادئ العيش المشترك على أرض الواقع وفق قوانين ودساتير متعاقبة، كان آخرها التعديلات الدستور عام 2014، إذ كان فضيلة المفتي عضوًا ضمن لجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور، وتم التأكيد فيه على حقوق المواطنة وتساوي المسلمين والمسيحيين.
كما لفت النظر إلى صدور قانون دور العبادة الموحد الذي قنَّن أوضاع الكنائس ودور العبادة في مصر بشكل عام، قائلًا: "التزامنا باحترام حقوق الإنسان والحريات هو التزام أصيل لا حياد عنه وهو أمر نابع من ديننا وخصوصيتنا الثقافية"، مضيفًا أنّ الانتصار في حربنا الفكرية ضد التشدد هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي.
دار الإفتاء أصدرت موسوعة تضم 1000 فتوى وردت من الغرب حول التطرف والمعاملات ترجمت إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية
وفي معرض حديثه عن أهمية الحفاظ على دور العبادة المختلفة وأنّها من عمارة الأرض، أشار المفتي إلى رأي الإمام المجتهد الليث بن سعد فقيه مصر في عصره في بناء الكنائس وعمارتها، والذي قال إنّ كنائس مصر لم تُبْنَ إلا في الإسلام، وأشار على والي مصر في زمن هارون الرشيد موسى بن عيسى بإعادة بناء الكنائس التي هدمها مَن كان قبله، وجعل ذلك مِن عمارة البلاد.
وأوضح المفتي أنّ دار الإفتاء في حربها ضد التطرف والإرهاب قامت بإنشاء مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة عام 2014، والذي أصدر 500 تقرير لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين، باعتبار الدار المرجعية الإسلامية الأولى في مجال الفتوى وحازت بعضها اهتمامَ المراكز البحثية في أمريكا وبريطانيا، وأشادت بدوره الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، وكان من أبرز هذه التقارير تقرير يرصد الفتاوى التي تتحدث عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، ورصدت 5 آلاف فتوى خلاله، وآخر حول استغلال المرأة والأطفال من قِبل تنظيم داعش، وتقرير حول جماعة الإخوان المسلمين وفكرهم المنحرف.
كما أشار إلى إصدار دار الإفتاء المصرية موسوعة فتاوى تضم 1000 فتوى وردت إليها من دول غربية، وعلى رأسها دول أوروبا وأمريكا في موضوعات متنوعه تهم المسلمين، وأخرى متعلقة بمواجهة التطرف وتساهم في عمليات الاندماج مع المجتمعات الغربية، وترجمت إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية.
وتحدث المفتي عن أهمية إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي دشنتها دار الإفتاء عام 2015، وتضم حاليًّا مفتين وعلماء من 60 دولة، وتتبنى الإسهام في تجديد الخطاب الديني ومعالجة فوضى الفتاوى في أرجاء العالم الإسلامي، كما تضع نصب عينها تنفيذ استراتيجيتها على المسارات المتنوعة في الداخل والخارج.
وردًّا على تساؤل الوفد عن أسباب انضمام بعض الشباب في الغرب لداعش، قال فضيلة المفتي، إننا رصدنا هذا الأمر عبر تقارير المرصد، ووجدنا أنّ من أهم الأسباب وجود خلل يتعلق بتأهيل أئمة المساجد في الغرب؛ لذلك عقدت دار الإفتاء مؤتمرًا خاصًّا ناقش قضية "التكوين العلمي والإفتائي لأئمة المساجد في الخارج" في 2016، كما تم تدريب أئمة من بريطانيا وأمريكا وروسيا ضمن تدريب أئمة المساجد والمراكز الإسلامية في دول الغرب باعتبارها خطوة مهمة في حرب المواجهة الفكرية للتنظيمات المتطرفة في الخارج، خاصة أنّ الدراسات والإحصائيات أظهرت أنّ ما يقدَّر بـ50 ألف مقاتل في صفوف "داعش" نصفهم من أبناء الجاليات المسلمة في الغرب، وكذلك لتعزيز اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الغربية ومواجهة الإسلاموفوبيا.
من جانبه، أشاد وفد رؤساء مجالس حوار الأديان الإسلامي المسيحي بدولتي ألمانيا وسويسرا بمجهودات الدار، وما تقدمه لخدمة الإسلام والمسلمين، وتجربتها الرائدة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب وما تقوم به في الداخل والخارج من أجل نشر الوسطية والاعتدال.
وأعرب الوفد عن سعادته باللقاء نظرًا لانتشار بعض التصورات الخاطئة عن الإسلام في بلدانهم وربطه بموجات التطرف، مؤكدين أنّهم سيسعون بعد عودتهم إلى نقل المعلومات الصحيحة عن الإسلام والمسلمين لشعوبهم والتي تعرفوا عليها خلال لقائهم بفضيلة المفتي.