"الطوب الرملي": كلاب ضالة تحاصر المنطقة السكنية رغم إزالة تلال القمامة
الكلاب الضالة انتشرت بكثرة فى شوارع المناطق المجاورة للمقلب
سنوات طويلة عاشها أهالى منطقة الطوب الرملى بشرق مدينة نصر فى معاناة مع جبال القمامة داخل المقلب العشوائى، حيث الروائح والأدخنة الكثيفة المُنبعثة من خلال الحرائق التى كانت تتكرر يومياً على مدار 24 ساعة، والضوضاء المستمرة لسيارات النقل المُحملة بأكوام من القمامة المارة من أمام منازلهم، إلى جانب معاناة الكبار والصغار من الأمراض الصدرية، حتى تغيرت حياتهم تماماً منذ ما يُقرب من 6 أشهر، بعد أن أغلقت محافظة القاهرة بالتعاون مع وزارة البيئة المقلب تماماً فى وجه سيارات النقل، ووفقاً لتصريحات سابقة من داخل جهاز تنظيم إدارة المخلفات تم الاتفاق مع شركات النقل لرفع تراكمات القمامة لاستغلال أرض المقلب فى أحد المشروعات العقارية.
داخل محل لبيع اللحوم المُجمدة بمنطقة الواحة القريبة من مقلب الطوب الرملى، جلس إسلام عبدالحميد، 28 عاماً، أحد الأهالى، اضطر لشراء صاعق كهربائى للحشرات الطائرة، نظراً لمعاناته الشديدة من كثرة الحشرات الطائرة فى تلك المنطقة، قائلاً: «المقلب هنا موجود على مساحة أرض كبيرة، وعبارة عن سلسلة جبال من القمامة والمخلفات، وكان بصراحة حاجة غير آدمية نهائياً، وده مش بيضر منطقة الواحة بس لأ ده بيضر كل المناطق اللى حواليها من كل ناحية»، مُشيراً إلى أن كافة الأهالى بالمنطقة كانوا يعانون من ذلك المقلب، خاصة قاطنى العقارات المواجهة للمقلب، الذين يفتحون منافذهم ويرون جبال القمامة أمامهم مباشرة.
"إسلام": "المقلب كان بيضر كل المناطق اللى حواليه من كل ناحية والأهالى لا يستطيعون المرور حوله"
الروائح الناتجة عن أكوام القمامة كانت كريهة للغاية، وذلك المقلب العشوائى كان سبباً رئيسياً فى انتشار الحشرات الطائرة فى تلك المنطقة بشكل كبير، حسبما أوضح «إسلام»: «أنا صاحب محل جزارة يعنى اللحمة اللى ببيعها لازم تكون نضيفة، وأهم حاجة عندنا الأمانة، يعنى أبيع اللحمة كأنى أنا اللى هاكلها، ومينفعش الزبون يلاقى مع اللحمة حشرة، لأنى هبقى كده خسرت الزبون خالص»، مؤكداً أنه يصرف مبالغ شهرية لشراء المبيدات إلى جانب الصاعق الكهربائى، والاثنان معاً غير قادرين على منع الحشرات من الوجود داخل المحل، وخلال فصل الصيف ترتفع أعدادها بشكل أكبر «الواحد بيبقى متضايق لو قاعد جنب صندوق زبالة، طيب واللى عايشين طول عمرهم جنب جبل زبالة زى ده يعملوا إيه».
انتشار الكلاب الضالة فى تلك المنطقة ظاهرة غريبة، لدرجة تصل إلى أن الأهالى، خاصة السيدات والأطفال،نقـ لا يستطيعون المرور بسلام فى الشوارع، وفقاً لـ«إسلام»، مضيفاً: «يعنى أنا من المنصورة، بلد أرياف، والكلاب بالنسبة لنا عادى لكن هنا أعدادها رهيبة، والكلاب دول غذائهم الأساسى على مقلب الزبالة، وشوارع مصر كلها فيها كلاب بس مش زى المنطقة هنا أبداً»، مشيراً إلى أنه يجب أن يُنقل مقلب الطوب الرملى فى مكان بعيد عن المناطق السكانية تماماً حتى لا تتكرر أزمة المقالب الحالية عقب مرور 10 سنوات أخرى.
وداخل مساكن المسبك المواجهة تماماً إلى المقلب العشوائى، يقف عزت العشيرى، 45 عاماً، أحد أهالى المنطقة منذ عام 1995، وصاحب محل بقالة، يوضح أن الأهالى تضرروا كثيراً نتيجة ذلك المقلب من حيث الروائح الكريهة، وسيارات النقل التى كانت تملأ الأجواء بالأتربة والغبار وتسقط منها المخلفات فى الشوارع أثناء ذهابها إلى المقلب، قائلاً: «حصلت حرايق كتيرة هنا فوق الجبل، وكانت عربية المطافى بتيجى تطفيها، وده كان بسبب إنهم كانوا بيحرقوا الزبالة على طول، ودول ناس مش من المنطقة ومنعرفهمش خالص»، مؤكداً أن الحرائق كانت تتسبب فى أدخنة كثيفة تضر الجهاز التنفسى للكبار والصغار.
"عزت": "الجو دلوقتى بقى نضيف وأفضل وكلنا اتبسطنا بقرار غلق المقلب وبقينا حاسين بالأمان أكتر"
أكثر ما يُزعجهم خلال الفترة الحالية هى انتشار الكلاب الضالة بصورة كبيرة، بعدما أغلق المقلب نهائياً، وانتشرت بحثاً عن الطعام، وفقاً لـ«عزت»، متابعاً بنبرة غاضبة: «حصلت أكتر من حادثة عض للأطفال هنا»، مقدماً الشكر إلى القوات المسلحة لأنها تقف على مدار اليوم على مدخل المقلب لتمنع مرور سيارات النقل نهائياً، متابعاً بنبرة سعيدة: «من ساعتها مشفناش أى عربية نقل زبالة نهائى، والجو بقى أنضف بكتير عن الأول، وكلنا اتبسطنا بالقرار ده، وبقينا حاسين بالأمان أكتر، لأن عربيات الزبالة كانت بتمشى بسرعات مش طبيعية، وكانت أطفالنا بتلعب فى الشارع وخايفين عليهم، ودلوقتى بقينا حاسين إننا عايشين فى مكان كويس».
ويتفق وليد محمدى، 38 عاماً، أحد أهالى المنطقة منذ 18 عاماً، مع سابقه فى أزمة انتشار الكلاب الضالة بصورة مُخيفة لأهالى المنطقة عقب غلق المقلب، موضحاً أن تلك الكلاب تجمعت حول طفلة وسحبتها من قبل، ولا أحد من الأهالى حالياً يستطيع ترك أبنائه الصغار بمفردهم فى الشارع خوفاً من فتك الكلاب الضالة بهم، قائلاً: «كان ساعات المقلب بيولع ويطلع علينا الدخان، وتدخل الريحة والدخان البيوت لأننا يعتبر عايشين جوه المقلب، وتقريباً كان بيولع لوحده كل يومين، بسبب تراكم المخلفات مع حرارة الشمس، ومكناش نقدر نفتح الشبابيك خالص، وبالرغم من كده كنا بنلاقى التراب مغرق الشقة»، مؤكداً أن كافة الأطفال وكبار السن بالمنطقة يُعانون من الأمراض الصدرية، وأنه كان يذهب بنفسه إلى المستشفى كثيراً من أجل أطفاله.
ويختتم «وليد» حديثه موضحاً أنهم كانوا لا يملكون حلولاً سوى البقاء فى المنطقة، وأن المقتدرين مادياً فقط هم من هربوا من جحيم المقلب العشوائى، وأنهم تقدموا بالكثير من الشكاوى فى الحى والمحافظة، وكانوا يقفون أمام سائقى سيارات النقل ولكنهم لم يستطيعوا منعهم من دخول المقلب، قائلاً بنبرة سعيدة: «الوضع دلوقتى أحسن 100 مرة من الأول، ومفيش أصلاً مقارنة بين دلوقتى وقبل كده، الهواء نضيف ومفيش دخان، وارتحنا كمان من الإزعاج والقلق بتاع عربيات النقل».