في ذكرى وفاة البابا كيرلس.. قصة بناء كاتدرائية العباسية وعلاقته بناصر
الكاتدرائية المرقسية بالعباسية
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غدا الاثنين، الذكرى الـ49 لوفاة البابا كيرلس السادس، البطريرك الـ116 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، المعروف بـ"رجل الصلاة".
والبابا كيرلس من مواليد محافظة البحيرة، 1902، وترهبن في دير البراموس بوادى النطرون، عام 1928، باسم "مينا البراموسي"، وجلس على الكرسي البابوي في 1959، قبل أن يتوفى في 9 مارس 1971.
وفي عهده تم إنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وهي الكاتدرائية التي روى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في كتابه "عام من الأزمات"، كواليس توسّطه بين البابا كيرلس السادس والزعيم جمال عبدالناصر، حيث اقترح على الرئيس إنشاء كاتدرائية، تزامناً مع الاحتفال بالألفية الثانية لميلاد المسيح، وكذلك قصة تمويل بناء الكاتدرائية، وتولى مؤسسات القطاع العام المصري الإشراف على تصميماتها وعملية تشييدها.
وقال "هيكل" إنه في عام 1964 جاء لزيارته في "الأهرام"، أمين فخري عبدالنور، والأنبا صموئيل أسقف البحث العلمي بالكنيسة، وطلبا إرسال رسالة من البابا إلى الرئيس عن طريقه دون إحراج للطرفين، وهو السماح ببناء كاتدرائية ضخمة، وتمويل بنائها.
وأضاف "هيكل" أنه ذهب إلى الرئيس، ونقل إليه الطلب وسأله "عبدالناصر" عن الحدود المالية لطلب البطريرك الذي أحرج من تحديد ما يطلبه، مشيراً إلى أن تكلفة بناء الكاتدرائية كانت تتراوح من 1.5 إلى 2 مليون جنيه، وأن الكاتدرائية أعدت تصميماً لبناء الكاتدرائية بالفعل، إلا أن الرئيس اقترح بناء الكاتدرائية دون تحمّل ميزانية الدولة تكاليف الإنشاء، حيث دعا "عبدالناصر" رئيس مؤسسة البناء والتشييد، وطلب منه أن تتولى شركات المقاولات التابعة لمؤسسته بناء وتجهيز الكاتدرائية، وأن تضاف تكاليف بناء الكاتدرائية إلى حساب عمليات أخرى يقوم بها القطاع العام.
وأشار "هيكل" إلى أن علاقة من نوع خاص جمعت "عبدالناصر" و"كيرلس" دون وسطاء، واتفقا في أول لقاء لهما على خط اتصال مباشر يمكن البابا من طرق باب الرئيس في أي وقت، حيث كان ينظر الرئيس إلى البابا على أنه بطريرك قبطي قادم من عمق الريف المصري، مستوعباً بالحس حقائق مصر الاجتماعية وضرورتها، كما كان يدرك عبدالناصر بالتجربة أن تجاور دينين في وطن واحد مسؤولية رئاسة الجمهورية، وليس جهاز الدولة العادي.
يُذكر أن مكان كاتدرائية العباسية، كان عبارة عن مدافن للأقباط، وطلبت الحكومة عام 1937 نقلها إلى الجبل الأحمر والاستحواذ على الأرض، إلا أن الكنيسة رفضت وتفاوضت مع الدولة على حق الأقباط في ملكية الأرض، وتم تمليكها للكنيسة بشرط بناء منشآت عليها لا تدر أي ربح خلال خمس عشرة سنة وإلا تعود للدولة.
وصمم بناء الكاتدرائية الجديدة المهندسان عوض كامل وسليم كامل فهمي، ونفّذ التصميم الإنشائي الدكتور ميشيل باخوم، ونفذت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سيبكو" الكاتدرائية المصمّمة على هيئة صليب، ووضع الرئيس جمال عبدالناصر حجر الأساس لها عام 1965، قبل أن يفتتحها في عام 1968، بحضور إمبراطور إثيوبيا هيلا سلاسي.
واشترك في القداس الحبري الأول بالكاتدرائية بجانب البابا كيرلس، البطريرك مارأغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد من مطارنة السريان والهند والأرمن الأرثوذكس، وحضره الإمبراطور هيلا سلاسي الأول إمبراطور إثيوبيا، والكردينال دوفال، رئيس البعثة البابوية الرومانية، ونحو 6000 قبطي.
وتم خلال القداس وضع رفات القديس مارمرقس، مؤسس الكنيسة، في مزاره الحالي بالكاتدرائية، بعد عودته من مدينة البندقية بإيطاليا، حيث تقدم البابا كيرلس السادس وقتها بطلب إلى بابا الفاتيكان بولس السادس، وبعد مفاوضات بين الكنيستين وافق بابا الفاتيكان على إعادة جزء من الرفات إلى مصر، وانتدب البابا كيرلس وفداً رسمياً للسفر إلى روما لتسلم الرفات من البابا بولس السادس، وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الإثيوبيين وثلاثة من كبار الأقباط، وحضر وضع الرفات في المزار المعد له تحت الهيكل الكبير بالكاتدرائية، الإمبراطور هيلا سلاسي الأول، إمبراطور إثيوبيا، ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم وسط المزار وتمت تغطيته بغطاء رخامي، وأنشدت فرقا مختلفة ألحاناً مناسبة تحية لمارمرقس بسبع لغات هي القبطية، والإثيوبية، والسريانية، والأرمنية، واليونانية، واللاتينية، والعربية.