القليوبية: صروح بملايين الجنيهات.. وإنقاذها لا يحتاج إلى ميزانيات ضخمة
مستشفى القناطر بالقليوبية أحد المشروعات المتعثرة
«صروح عملاقة معطلة على امتداد المحافظة، إما بسبب سوء التخطيط، أو نتيجة الروتين والبيروقراطية»، هذا ما يعبر عنه لسان حال كثير من المشروعات المتعثرة فى القليوبية، والتى تكلف إنشاؤها ملايين الجنيهات، ولكنها لم تدخل الخدمة فعلياً، نتيجة عدم اكتمال تجهيزاتها، والتى تتطلب مبالغ مالية ضئيلة مقارنة بتكلفة إنشائها الباهظة، الأمر الذى قد يشكل جريمة إهدار مال عام بالمحافظة، تستوجب محاسبة المسئولين عنها.
أغلب هذه المشروعات المعطلة تتعلق بالقطاع الصحى، حيث شهدت القليوبية إنشاء عدد من المستشفيات والمراكز الطبية، التى ترقى لوصفها بـ«الصروح العملاقة»، ولكنها تفتقر إلى مظاهر الحياة وتحتاج إلى من يبعث فيها الروح من جديد، بالإضافة إلى العديد من المصانع والكبارى ومشروعات الصرف الصحى، التى بلغت نسبة الأعمال بها أكثر من 90%، ولكنها توقفت لأسباب تبدو «غير معروفة» فى كثير من الأحيان.
إلا أن عدداً من المواطنين والمراقبين من أهالى المحافظة أكدوا أن أسباب توقف هذه المشروعات «كثيرة ومتشابكة»، تبدأ من نقص الاعتمادات المالية، مروراً بتقاعس المقاولين، ولا تنتهى بغياب الرقابة والمتابعة، فضلاً عن شيوع المسئولية، ودخول بعض الشركات المنفذة مع الوزارات المعنية فى قضايا أمام المحاكم، دون أن يدرك الجميع أن أموال الشعب ملقاة على الطريق، وتنتظر من ينقذها ويحسن استثمارها.
سوء التخطيط والبيروقراطية أبرز الأسباب.. و"الصحة" أكثر القطاعات المتضررة
ففى مجال الصحة، عجزت المحافظة عن الوفاء بوعدها بافتتاح 7 منشآت طبية «تحت التطوير»، كان من المقرر تشغيلها العام الماضى، وهو ما لم يتم حتى الآن، رغم مرور شهرين من عام 2020، وينتظر الأهالى اتخاذ خطوات جادة فى هذا القطاع، الذى يشكل المعاناة الأكبر للمواطنين، بسبب خضوع معظم المستشفيات والمنشآت الطبية للتطوير، وذهبت وعود المسئولين بالانتهاء من تطويرها فى 2019 أدراج الرياح.
ومن أبرز المشروعات المتعثرة فى القطاع الصحى، مستشفى «الخصوص»، الذى تلقى وعوداً كثيرة بالتطوير، عن طريق وضعه ضمن الخطة الاستثمارية لوزارة الصحة، ليتم هدمه وبناؤه من جديد، حيث أُدرج المستشفى فى خطة عام 2016/ 2017، ثم فى 2018/ 2019، دون أى خطوة جادة للبدء فى أعمال التطوير، إلى أن أعلنت وزارة الصحة عن تكليف أحد المكاتب الاستشارية، التابعة لكلية الهندسة بجامعة عين شمس، لإجراء معاينة للمستشفى، وتم إعداد التصميمات المبدئية، طبقاً للبرنامج الوظيفى المحدد به الخدمات الطبية المطلوبة، إلا أن الحال بقى على ما هو عليه.
نفس الحال تكرر بمستشفى قها المركزى، الذى يتكون من 4 طوابق، ويحتوى على 107 أسرّة، حيث تم تخصيص الدور الأول للاستقبال والطوارئ، ويوجد بالمستشفى 3 غرف للعمليات، و9 حضانات للأطفال حديثى الولادة، و8 أسرّة للغسيل الكلوى، يخدمها 5 «أسانسيرات»، وتبلغ القيمة الإجمالية للمستشفى 82 مليون جنيه، وأعلنت المحافظة الانتهاء من 95% من الأعمال الإنشائية بالمستشفى، وكان من المقرر افتتاحه فى 2019، وهو ما لم يحدث إلى الآن.
وبينما يجرى تطوير مستشفى الخانكة المركزى منذ 5 سنوات، بتكلفة بلغت حتى اليوم حوالى 220 مليون جنيه، فإنه لم يتم افتتاح المستشفى إلى الآن، وكذلك الحال فى مستشفى كفر شكر المركزى، الذى تم إنشاؤه بتكلفة بلغت 215 مليون جنيه، فضلاً عن أعمال تطوير المركز الطبى بكفر شكر، بتكلفة 10 ملايين جنيه، وكان من المقرر الانتهاء منها فى يناير من العام الماضى، ونفس الحال ينطبق على مستشفى القناطر الخيرية المركزى، والذى تبلغ تكلفة إنشائه 283 مليون جنيه، إلا أنه لم يتم افتتاح هذه المستشفيات، بعدما توقفت أعمال التطوير بها لأسباب غير معروفة.
«سامى عبدالوهاب»، عضو سابق بالمجلس المحلى لمحافظة القليوبية، أكد لـ«الوطن» أن الحكومة بدأت، قبل نحو 5 سنوات، فى تنفيذ مخطط تطوير عدد من المستشفيات بالمحافظة، منها مستشفى الخصوص المركزى بتكلفة 100 مليون جنيه، ومستشفى شبين القناطر المركزى بتكلفة 100 مليون جنيه، ومستشفى طوخ المركزى بتكلفة 100 مليون جنيه، بالإضافة إلى تطوير مستشفيات كفر شكر وقها بتكلفة 80 مليون جنيه لكل منها، بهدف تقديم أفضل خدمة علاجية للمواطنين، غير أنه وبعد مرور كل هذه السنوات لا تزال أعمال التطوير متوقفة، الأمر الذى أدى إلى زيادة معاناة المواطنين، نتيجة عدم وجود خدمات طبية لائقة، مما جعلهم «فريسة سهلة» لمستشفيات القطاع الخاص.
ومن جانبه، أكد محافظ القليوبية، اللوء عبدالحميد الهجان، أنه يولى كل الاهتمام بقطاع الصحة، ويضع تطوير المستشفيات على أجندة أولوياته، لتوفير العلاج للمواطن البسيط، مؤكداً أنه سيتم الانتهاء من إنشاء 4 مستشفيات كبرى بالمحافظة، وعدد من المراكز الطبية، بالإضافة إلى تطوير المستشفيات والوحدات الصحية على مستوى المحافظة، مشيراً إلى أنه يتم تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية على أرض القليوبية، لتقديم خدمات متميزة لأبناء المحافظة، ويجرى الانتهاء منها، ومن المقرر افتتاحها خلال العام الجارى 2020.
وكلف المحافظ نائبته الدكتورة إيمان ريان، بحصر ومتابعة جميع المشروعات المتوقفة على مستوى المحافظة، والوقوف على أسباب توقفها، والعمل على تذليل تلك العقبات، ودفع الأعمال بها، خاصة فى مستشفى قها المركزى، الذى من المقرر أن يدخل الخدمة خلال الشهور القليلة المقبلة، بالإضافة إلى وضع حجر الأساس للمركز الطبى بالخصوص، المقام على مساحة إجمالية تبلغ 1050 متراً مربعاً، بتكلفة بلغت 6 ملايين و700 ألف جنيه، ليتم نقل الخدمة الصحية بالكامل، لحين الانتهاء من إقامة مستشفى مركزى بمدينة الخصوص، تقدم جميع الخدمات الصحية.
وأكدت نائب المحافظ أنها قامت بالفعل بتفقد كافة مشروعات هيئة الأبنية التعليمية المتعثرة بمدينتى القناطر الخيرية وشبين القناطر، لدفع الأعمال بها، ومعرفة أسباب تأخير التسليم، والموعد النهائى لإنهاء الأعمال والتسلم، وأضافت أن الجولة كشفت أن نسبة تنفيذ الأعمال فى مدرسة القناطر الثانوية للبنات أقل من 50%، على الرغم من مرور موعد التسليم المقرر، مشيرة إلى أن المقاول تعهّد بإنجاز المبنى وتسليمه فى منتصف شهر أبريل القادم على الأكثر، وكذلك مدرسة «الشهيد عبدالله محمد»، بقرية «كفر شهاب»، حيث تأخر المقاول عن أعمال الدهانات الأخيرة والسباكة، مما أدى إلى تأخر تسليم المبنى فى الموعد المحدد، ووعد المقاول بتسليم المبنى منتصف الشهر المقبل، بالإضافة إلى مدرسة «منية شبين» الابتدائية، حيث تخطت نسبة الأعمال 60%، وتعهد المقاول بتسليم المبنى فى أول أبريل المقبل.