رفع الأثقال للمكفوفين: قوة تحتاج للرعاية.. وفتيات يصعدن "منصات البطولة"
«صبحى» فى إحدى البطولات
القوة البدنية هى طريقهم لتحقيق البطولات، فى رياضة رفع الأثقال التى دخلت ضمن ألعاب المكفوفين فى مصر قبل نحو عامين فقط، ليسجل فيها اللاعبون المصريون أرقاماً تدل على مستقبل كبير لهذه اللعبة إذا ما اهتم بها المسئولون عنها، هكذا قال أهل اللعبة أنفسهم.
لم تقتصر اللعبة، رغم حداثتها فى مصر، على الرجال فقط، وإنما كان من بين أبطالها فتيات حققن أرقاماً كبيرة، من بينهن العشرينية آية حمادة، من محافظة كفر الشيخ، انضمت إلى منتخب مصر لرفع الأثقال للمكفوفين قبل أقل من عام، فى يونيو الماضى، وكانت البداية لها من خلال بطولة الجمهورية التى نظمها الاتحاد فى كلية التربية الرياضية بجامعة طنطا، لتحصد فيها «آية» المركز الأولى وتصبح بعدها واحدة من القوام الأساسى لمنتخب اللعبة فى مصر: «أنا كنت بلعب أكتر من لعبة للمكفوفين، واللعبة دى دخلتها بالصدفة لما مديرة مدرستى رشحتنى للمدير الفنى ودى كانت أول مرة أعرف لعبة رفع الأثقال».
"آية" حصدت 8 ميداليات فى أول 6 شهور وتشكو التجاهل
رغم المدة القصيرة التى اختلطت بها «آية» بلعبة رفع الأثقال، فإن نتائجها فى بطولة العالم لرفع الأثقال للمكفوفين كانت مبهرة، حيث حققت فى هذه البطولة التى أقيمت فى مصر فى شهر أغسطس الماضى، 8 ميداليات، 6 ميداليات منها ذهبية، وواحدة فضية، وأخرى برونزية، كما حصدت بعدها ميدالية ذهبية فى بطولة كأس مصر التى نظمها الاتحاد المصرى لرياضات المكفوفين فى يناير الماضى بمدينة بورسعيد، لتعبر عن ذلك قائلة: «أنا لقيت نفسى فى اللعبة دى وحبيتها جداً».
فرحة «آية» لم تكتمل بعد حصدها هذا الكم من الميداليات فى وقت قصير، فقد كانت تنتظر تكريماً من الدولة على ما قدمته فى بطولة العالم، إلا أن ذلك لم يحدث: «كنا مستنيين كأبطال عالم تكريم، لكن لما ما نلاقيش لا دعم مادى ولا حتى دعم معنوى، الواحد بيتحطم نفسياً، إحنا محتاجين حد يقدر اللى بنعمله»، تتمنى «آية» لو أنها تحقق مزيداً من النجاحات على المستويات الدولية والعالمية، إلا أن بعض العقبات تقف حائلاً أمامها، الأمر الذى صُدمت به بعد بطولة العالم التى شاركت بها: «أنا دلوقتى قاعدة من غير تمرين لأن مفيش مكان فى كفر الشيخ أعرف أتمرن فيه، أنا مدمرة نفسياً، أنا واحدة خدت بطولة العالم وكنت مستنية فرحة كبيرة، بس بعد اللى شوفته اتدمرت نفسياً».
الدخول إلى رياضة رفع الأثقال كان عن طريق الصدفة أيضاً مع البطل مصطفى صبحى، لاعب المنتخب المصرى لرفع الأثقال للمكفوفين، البالغ من العمر 23 عاماً، من أبناء محافظة البحيرة، فحتى أغسطس الماضى كان لاعباً لكرة الهدف، ونظراً لما يتمتع به من بنيان جسدى قوى تم ترشيحه ليكون أحد لاعبى منتخب رفع الأثقال، وهو الأمر الذى حقق فيه نجاحاً باهراً: «انضميت للمنتخب من بداية أغسطس اللى فات، وكانت أول مرة أتمرن حديد، وبدأت أتأهل لبطولة العالم»، لم يكن لدى «صبحى» قدرة على رفع الأوزان الكبيرة فى بداية الأمر، إلا أن الوضع تطور سريعاً وتمكن من كسر الرقم الذى طلبه منه مديره الفنى: «كنت داخل صفوف المنتخب وأنا بشيل 300 كيلو، طالع وأنا بشيل 550 كيلو، والمدرب كان محتاج منى أشيل 450 بس».
تمكن «صبحى» من تحقيق المركز الثانى عن فئتى «المجموع» و«البينش دريس» فى البطولة الأفريقية» كما حقق المركز الثالث فى بطولة العالم عن نفس الفئتين، ليشكر بعدها «صبحى» القدر الذى ألقاه فى هذا الاتجاه: «مكانش فى حساباتى إنى أبقى بطل فى رفع الأثقال لأنى كنت متفوقاً فى كرة الهدف، لكنى اخترت رفع الأثقال لأنها لعبة فردية وبثبت فيها ذاتى، وقدرت فى فترة صغيرة جداً أحقق أرقام محققهاش غيرى فى سنوات».
يخطط «صبحى» لحصد مزيد من البطولات خلال الفترة القادمة، فهو يريد أن يتربع على عرش بطولة العالم القادمة بالمركز الأول، ويرى نفسه قادراً على ذلك: «فيه تقدم معايا، وهقدر أزود أوزان أكتر الفترة الجاية، وحلمى إن اللعبة تنضم للأولمبياد»، إلا أن «التحديات» التى تواجه اللعبة فى مصر لم تغب عن نظر «صبحى» ليعبر عنها قائلاً: «التحديات اللى بتقابلنا التجاهل من الدولة ومن المجتمع وكل الناس، وتانى حاجة الماديات، لأننا فى رفع الأثقال بنحتاج مصاريف كتير، سواء أدوات أو مكملات أو تغذية».
ومن جانبه، يقول الدكتور خالد عبادة، المدير الفنى لمنتخب رفع الأثقال للمكفوفين، وأستاذ تدريب رفع الأثقال فى كلية التربية الرياضية جامعة بورسعيد، إن اللعبة بدأت فى مصر فى منتصف عام 2018، وهو العام الذى نظمت فيه مصر بطولة العالم لرفع الأثقال فى الأقصر، وكانت البطولة رقم 13 عالمياً لكنها كانت أول بطولة تنظمها مصر وتشارك فيها، وحققت مصر فيها، بمنتخب قوامه 10 لاعبين، 6 رجال و4 سيدات، المركز الثالث سيدات، والمركز الخامس رجال، بمجموع 16 ميدالية متنوعة.
خروج المنتخب المصرى بهذه الحصيلة «الطيبة» جعل الاتحاد يبدأ فى وضع خطة بالتنسيق مع «عبادة» من أجل العام التالى، حيث بطولة العالم التى نظمتها مصر أيضاً: «اختيار اللاعبين كان من عينات أكتر فى مختلف المحافظات، وكان فيه فرصة إننا نعرّف محافظات أكتر باللعبة، عملنا 3 بطولات محلية، واحدة جمهورية وواحدة كأس وواحدة كأس الاتحاد، وتم اختيار عناصر جديد، وكونّا منتخباً من 12 لاعباً، و11 لاعبة».
كانت نتائج المنتخب المصرى لرفع الأثقال للمكفوفين، فى بطولة العالم الماضية مغايرة للنتائج التى حققتها مصر فى البطولة السابقة لها، حيث نجح المنتخب فى تحقيق المركز الثانى رجال، والثانى سيدات، بمجموع ميداليات 46 ميدالية متنوعة، مع تحقيق عدد من الأرقام القياسية، ليحكى «عبادة» عن بعض صعوبات التدريب خلال هذه الفترة قائلاً: «الإعاقة البصرية فى بداية تعلم اللعبة بتشكل بعض صعوبات، خاصة أن أغلب الولاد اللى كنا بناخدهم مكانش عندهم خلفية عن الرياضة، وده لأنهم بيتعملوا عن طريق الإحساس، وإنك تصور لهم الأداء بيكون تحدى، وممكن يحصل إصابات، وده بيتطلب مننا كجهاز فنى إننا يكون عندنا برنامج إعداد تدريبى علمى لتجنب الإصابات، ولازم الجهاز الفنى بالكامل يكون موجود وقت التدريب، لازم عينيا تكون على كل لاعب وهو بيتمرن، أول أسبوعين وبعد كده اللاعب بياخد الإحساس بالمكان ويبدأ يتعود على التمرين».
الحديث عن «التحديات» كان من بين أهم النقاط التى تطرق إليها «عبادة»، فرغم التطور الذى طال اللعبة فى عامها الثالث، وانتظار مزيد من التطور فى عامها الثالث، إلا أن العديد من الأزمات تواجههم، عبر عنها بقوله: «إحنا محتاجين دعم للولاد كويس، وحافز يسعوا ليه وهو التكريم، سواء على المستوى المعنوى أو المادى، وتوفير الإمكانيات، والاتحاد على قد ما بيقدر بيوفر اللى إحنا عايزينه، لكن المشكلة إن الاتحاد بيشتغل على الجهود الذاتية أكتر من الدعم اللى بيجى من الوزارة، إحنا تمريناتنا بتحتاج أدوات وتغذية وكل ده تكلفة كبيرة».