يخرج من بيته متكئاً على يديه وجسده، ملتقطاً أنفاسه بسرعة، وباستخدام قوة يديه يصعد على عربته الكارو، ليبدأ رحلة عمل يقوم خلالها بنقل ما يريد زبائنه.
محمد الشناوى وشهرته «بكر»، 58 سنة، يقطن فى منطقة ميت علوان بمحافظة كفر الشيخ، أصيب بالغضروف، وكانت الجراحة هى السبيل الوحيد لشفائه، لكنه لم يمتلك ثمنها، فأصيب بخشونة ثم عجز كامل عن الحركة: «بعد ما حصل لى عجز رحت كشفت بس قالوا لى مابقاش ينفع عملية خلاص، مابقتش قادر أقف على رجلى، وكنت شغال غفير فى جمعية النقل للركاب وسوّيت معاشى».
بعد إعاقته، لم يرض «بكر» بأن يمد يده للغير لكى يعيش هو وأبناؤه، فعمل على عربة كارو لنقل مخلفات الهدم وشكائر الأرز وغيرها: «كان لازم أجرى وأجيب رزقى عشان أصرف عليهم لغاية ما يكبروا، أحسن ما نحتاج جنيه ونمد إيدينا».
أراد أن يصبح أبناؤه أفضل منه، فحملهم على أكتافه بالرغم من إعاقته: «ماعودتش عيالى على مد إيديهم للناس ولا البهدلة، ده ابنى الكبير مابيعرفش يربط الحمار، ونفسى أوفر لهم عيشة هنية».
يخرج «بكر» منذ الصباح، يقف فى منطقة معينة هو وزملاؤه فى العمل يدردشون فى أمور الحياة، إلى أن يأتى أحد الزبائن ويأخذ أحدهم: «لما الزبون ييجى يحتاج نقلة، بأجّر حد معايا قادر يشيل الحاجة ويحطها على العربية وينزلها عشان أنا مابقدرش، وبعدين بوصّلها وباخد أجرتى».
أيام كثيرة يرقد «بكر» على فراشه، لا يستطيع التحرك ولا ممارسة عمله، لكنه بمجرد أن يشعر بتحسن، ينهض مستكملاً رحلة عمله: «ساعات رجلى بتسخن وبتورم، بس باخد العلاج وباطلع أشتغل، مش بيجيلى طولة بال أقعد على السرير، وعيالى بيتحايلوا عليا أقعد بس مابرضاش، مابطيقش القعدة، باخد الحقنة وأطلع». يقع من عربته أحياناً لكنه ينهض مستنداً على الجدران أو بمساعدة أحد الأشخاص، عائداً على عربته لا يبالى بما حدث.
تعليقات الفيسبوك