من الاستقلال إلى كورونا.. يوم الدبلوماسية المصرية حكاية شعب
مبنى وزارة الخارجية المصرية
ربما لا يعرف كثيرون لماذا اعتبر يوم 15 مارس من كل عام يوم الدبلوماسية المصرية، رغم أنه يستحق أن يكون يوما لكل المصريين، فهو حكاية شعب تحرر من الاحتلال، فمعه مارست مصر سياساتها الخارجية المستقلة وهو اليوم الذي أتى مع استقلال مصر عن بريطانيا في 22 فبراير 1922 ومن ثم عودة وزارة الخارجية المصرية لعملها في 15 مارس 1922.
وكانت بريطانيا ألغت وزارة الخارجية المصرية عام 1914 وأصبحت السياسة الخارجية المصرية تمارس من خلال المندوب السامي البريطاني، 7 سنوات مرت من المقاومة للاحتلال حتى جاء الاستقلال عام 1922 وفي 15 مارس من هذا العام أبلغت بريطانيا الدول بأن مصر أصبحت مستقلة ولها الحق في التمثيل الدبلوماسي لتعود وزارة الخارجية المصرية للعمل كأحد أهم عناصر الدولة الوطنية.
مواقف عدة مرت بها مصر ومحطات تاريخية كانت الدبلوماسية تتعامل معها منذ ذلك العام، أي على مدار نحو 98 عاما تقريبا، وقد كانت مهامها دوما صعبة، إذا وضع في الاعتبار موقع مصر وموضعها الجغرافي والحضاري في منطقة دوما مليئة بالصراعات والقضايا الساخنة.
السفير فرغلي طه: الدبلوماسية المصرية عريقة وناجحة في إدارة العلاقات الخارجية
"هي دبلوماسية عريقة"، بتلك الجملة استهل مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير فرغلي طه حديثه عن الدبلوماسية المصرية وقراءته لمسارها في السنوات الأخيرة، وقال، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إنه إذا تحدثنا عن الدبلوماسية بمعنى أنه فن إدارة العلاقات الدولية فإن مصر نجحت في ذلك، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أنها دبلوماسية عريقة، نكاد نكون أقدم وزارة خارجية في قارة أفريقيا والشرق الأوسط". وأضاف: "وهناك قامات دبلوماسية كبيرة وأسماء مختلفة يعرفها الجميع، والدبلوماسية المصرية قامت بدور كبير في السنوات الأخيرة، سنوات الأزمات وهي الفترة الحساسة والحرجة في التاريخ المصري الحديث".
الدبلوماسية المصرية أدارت مرحلة شديدة الحساسية بعد 2011
وتابع السفير فرغلي طه: "مرحلة ما بعد 2011 كانت شديدة الحساسية وكان الدبلوماسيون والسفارت المصرية ما بين توضيح السياسات المصرية في ظل ثورة شعبية قامت، أو مواجهة قلق المجتمع الدولي حيال السياسات الخارجية لمصر في تلك الفترة أو مواجهة تلك القوى التي ربما كانت تتريص بمصر".
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق إن الدبلوماسية المصرية تحركت بنجاح وأدارت المراحل المختلفة منذ 2011 وحتى الآن، هذه المراحل تتطلبت تحركات مصرية دبلوماسية كبيرة على مستوى التعامل مع الخارج، وكان يتطلب توضيح المواقف وهذا أمر ليس سهلا ولا يمكن أن يشعر به إلا من عملوا في الدبلوماسية المصرية".
وأضاف: "إنما دعني أشيد بصفة عامة بالدبلوماسية المصرية في كل المراحل، مع الوضع في الاعتبار أن وزارة الخارجية لا تصنع السياسة الخارجية وحدها وإنما تنفذ جزءا من السياسات العامة، والحديث عن الدبلوماسية المصرية يطول، لكن لا أي تحيز أو مجاملة حققنا نجاحات كثيرة على المستوى الخارجي"، مشيرا إلى أن الدبلوماسية المصرية في الوقت ذاته واجهت ملفات صعبة ومعقدة جدا كملف مكافحة الإرهاب وملف سد النهضة والوضع في ليبيا وغيرها.
السفير جمال البيومي: 15 مارس عيد لكل المصريين وليس الدبلوماسية وحدها
من جهته، قال السفير جمال البيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن يوم 15 مارس ليس يوما للدبلوماسية المصرية فقط بل هو يوم لمصر كلها، لأنه يوم الاستقلال عن الاحتلال البريطاني، وبالتالي هو يوم عيد لكل المصريين وليس للدبلوماسية وحدها عندما استقلت مصر بسياستها الخارجية بعد أن كانت تدار من خلال المندوب السامي البريطاني لسبع سنوات".
وأضاف: "الدبلوماسية المصرية حملت على عاتقها مباحثات الجلاء عن مصر وتوضيح الموقف المصري في ثورة 1952، ثم العدوان الثلاثي 1956 ثم حرب 67، فالدبلوماسية المصرية أدارت تلك المعارك، وصولا إلى حرب أكتوبر ثم مباحثات السلام، وما أسفر عن ذلك التصدي لمحاولات تزوير الوثائق وانتزاع طابا من إسرائيل عبر المفاوضات".
الدبلوماسية المصرية كانت دوما وسطا تحمل على عاتقها القضايا العربية
وقال "البيومي": "الحقيقة أن الدبلوماسية المصرية تحمل على عاتقها كثيرا من القضايا العربية وعلى رأسها ومقدمتها القضية الفلسطينية، ثم كان على عاتقنا الدفاع عن القضية السورية ومقاومة الاحتلال الذي تتعرض له تركيا".
أضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق: "أيضا الوضع في ليبيا تحملنا مسؤوليته، ثم مساهماتنا في إنشاء منطقة تجارة حرة، في محاولة لتعويض الإخفاق السياسي بين الدول العربية".
وقال "البيومي"، معلقا على تعامل مصر بين القوى الدولة الكبرى والقوى الإقليمية، إن "مصر كانت دوما وسطا في سياستها الخارجية، على سبيل المثال تأسيس حركة عدم الانحياز في فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لم يكن مع الروس ولا مع الأمريكيين، والدبلوماسية المصرية في الوقت الحالي تحاول أن تكون وسطا بين جميع الأطراف".
إرجاء الاحتفال بيوم الدبلوماسية المصرية بسبب المخاوف من تفشي فيروس كورونا
ووسط المخاوف من فيروس كورونا الجديد، أرجأت وزارة الخارجية، الاحتفال الذي تنظمه سنويا بيوم الدبلوماسية المصرية والذي يوافق 15 مارس من كل عام.
وأوضحت الوزارة، في بيان رسمي، أن ذلك القرار جاء بناء على التطورات المتعلقة بانتشار فيروس كورونا واتصالا بما يتم اتخاذه من إجراءات على مستوى الدولة في هذا الصدد، وذلك لقصر أي تجمعات على الحالات الاستثنائية، حرصاً على الصحة والسلامة العامة.