"الأم اللي ربت".. هانم 50 سنة في تربية أبناء زوجها ورعاية أمهم القعيدة
عاشت مع الزوجة الأولى في نفس البيت وربت أطفالها الثلاثة
ماما هانم وسط أبناء زوجها
شابة يافعة في الخامسة والعشرين من عمرها لم يشغلها حلم فستان الزفاف الأبيض والفارس الذي يأتي ليخطفها على حصانه، اختارت بكامل إرادتها، أن تلعب دور الزوجة الثانية وزوجة الأب لأطفال ثلاثة، أكبرهم كان في العاشرة من عمره، ووالدتهم القعيدة على كرسي متحرك أضحت صديقتها وخزينة أسرارها الأولى، رأت من زوجها الوفي معاملة حسنة ومودة ذابت معها صعاب المهمة التي أُسندت إليها، عاهدته على أن تكون أمًا لأبنائه ورعاية زوجته الأولى وأوفت بالعهد حتى بعد وفاته وكسرت بمسيرتها التي بلغت الـ50 عاما الصورة النمطية عن زوجة الأب.
بعد فشل زيجتها الأولى بسبب وفاة رضيعها، كانت غريزة الأمومة دافعا قويا للحاجة هانم عبد الغفار لقبول عرض الزواج من أبو المكارم أحمد، الأب لـ 3 أطفال حينها ومتزوج من سيدة شاء القدر أن تكمل حياتها على كرسي متحرك، لم تترد الحاجة السبعينية في قبول العرض بعد أن عاهد والدها على أن يرعاها ولا كلفها ما، "مخوفتش من المسؤولية أنا فرحت بالعيال عشان كان نفسي أبقى أم وأخد ثواب رعاية الست المريضة"، حسبما تقول الحاجة هانم لـ"الوطن".
شقة صغيرة من غرفتين فقط في منطقة الزاوية الحمراء يصدح من نوافذها ضحكات الأطفال الثلاثة "علاء وعاطف ومحمد"، كانت بداية عشرة وحياة كاملة جمعت بين الزوجتين تحت سقف واحد، عاهدتهم زوجة الأب هانم منذ يومها الأول على المحبة بأفعالها قبل كلماتها، "علاء كان في 6 ابتدائي وعاطف في أولى ابتدائي ومحمد كان لسه 4 سنين ومن أول يوم ليا معاهم بعاملهم زي ولادي وأمهم صاحبتي".
هانم: هما نور عيني كنت بصحى كل يوم أحضر لهم السندوتشات قبل المدرسة
"سندوتشات المدرسة كل يوم"، لم تتغافل عن إحضارها السيدة السبعينية يومًا لأبناء زوجها الثلاثة، تستيقظ صباحا لتطمئن عليهم، تودعهم عند باب المدرسة وتعود مسرعة إلى رفيقتها الزوجة الأولى كريمة، "بيني وبينها سنين حلوة وذكريات صعب تتحكي، كنت بعتني بيها وبنضافتها وبنقعد نشرب الشاي في البلكونة نحكي لبعض ذكرياتنا وأسرارنا ولادها كانوا ولادي".
"ماما" أو "هانم" اسمان اعتادت الحاجة السبعينية على سماعهما من أبناء زوجها، عاشت معهم لحظات فرحهم ونجاحهم، وساندتهم في أزماتهم، جدران الغرف تشهد على عدد المرات التي سهرت فيها الليل لرعاية أحدهم في مرضه كما لو كانت أمه، يكبر الأطفال وينمو يحتفلان معها بيوم ميلادها وفي كل عيد ومناسبة يجتمع الأبناء الثلاث، الذين صار أكبرهم مديرا عاما في إحدى الشركات، وأوسطهم صاحب شركة خاصة به، وأصغرهم نائبا لمدير مدرسة ثانوي، مع أمهم وزوجة أبيهم ووالدهم حتى بعد أن تزوجوا وشق كل منهم طريقه في حياته يحرصون على السفر والخروج في صحبتهم، "السنة اللي كنت بقولهم فيها مش قادرة أطلع مصيف معاهم كانوا بيزعلوا مني وبيصمموا أسافر معاهم"، حسب تعبير الحاجة هانم.
علاقة هانم بأبناء زوجها الذين تصفهم تكرارا في حديثها بـ"نورعنيا"، أدهشت الكثيرين ممن تعاملوا معهم، تعود بذاكرتها إلى الخلف نحو 20 عاما، في إحدى ليالي شم النسيم حين تعرض الأبناء الثلاث والأب ووالدتهم كريمة لتسمم بعد وجبة فسيخ وأسرعت بنقلهم جميعا في سيارة الإسعاف إلى أقرب مستشفى، وحين سألها الطبيب المعالج لهم عن علاقتها بهم لم يصدق، الموقف الذي لا تزال تتذكره جيدا ترويه قائلة، "قالي متقوليش إنك مرات أبوهم مش هيصدقوا وهيفتكروا إنك سمتيهم"، وظلت تؤكد للطبيب أنها زوجة أبيهم وسط دهشته من حبها لهم ودموعها التي تتساقط خوفا عليهم.
هانم: بعد وفاة زوجي عيشت مع مراته الأولى 3 سنين لوحدنا وكانت صاحبتي وأقرب حد ليا
في عام 1987 أصر الأبناء على أن تؤدي زوجة أبيهم هانم فريضة الحج بصحبة والدهم، ادخروا مالا كثيرا لرد الجميل إليها ولوالدهم الذي شاء القدر أن يرحل عنهم بعدها بثلاث سنوات من هذا التاريخ وبقيت الزوجتان بمفردهما في بيت واحد لمدة 3 سنوات يتردد على زيارتهم الأبناء الثلاثة في كل عيد ومناسبة وحين رحلت الأم كريمة سارت في جنازتها الحاجة هانم وعادت لتستقر في منزل عائلتها بمنطقة المطرية حتى لا تبقى وحيدة.
منذ أن استقرت زوجة الأب هانم في منزل عائلتها ويتردد على زيارتها الأبناء والأحفاد في المناسبات وغيرها كلما اشتقالوا لأكلة من يديها زاروها في منزل أسرتها،"بيكلموني يقولولي نفسنا ناكل أكلة حلوة من إيدك بقف أعملها ليهم ويجوا بولادهم ياكلوها ومش بيسيبوني في تعبي..هما ولادي اللي مخلفتهومش".