المستثمرون: مصانعنا تعمل بـ"امتياز".. ولا داعي للقلق وتخزين السلع
"كورونا" يدفع المصريين للتسوق بدلا من البقاء بالمنازل!
الشركات تضخ المزيد من المنتجات بالأسواق لاحتواء الطفرات الاستهلاكية
انتابت المصريين حالة من القلق خلال الأيام الماضية نتيجة الزيادة النسبية التى سجلتها حالات الإصابة بفيروس كورونا فى مصر، وتصعيد القرارات الاحترازية من قبل الحكومة المصرية لاحتواء الأمر ومنع حدوث أزمة كبيرة كما هو الحال فى معظم الدول الأوروبية وغيرها من الدول، وهذه السيناريوهات بمجرد أن اخترقت أذهان المصريين زادت من تخوفاتهم من حدوث أزمة فى توافر السلع وارتفاع أسعارها، نتيجة تأثر القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع الصناعى من توابع الأزمة.
الدولة تُصدر حزمة قرارات لدعم الصناعة المصرية وحمايتها من تداعيات الأزمة
وهو ما نفاه المسئولون والمستثمرون ورؤساء الشركات، وبعثوا رسالة طمأنة للمواطنين المصريين بأن هناك تنسيقاً كبيراً بين الشركات ووزارة التموين لتوفير السلع التى يحتاجها السوق ويتزايد عليها الطلب خلال الآونة الأخيرة، وذلك وفقاً لتصريحات أشرف الجزايرلى رئيس غرفة الصناعات الغذائية، موضحاً أن قطاع الصناعات الغذائية يشهد حالة رواج كبيرة خلال الفترة الحالية مستنداً على معدلات الطلب، ولم يتأثر بتداعيات الأزمة.
رئيس غرفة الصناعات الغذائية: قادرون على استيعاب طفرات الطلب
ويطالب رئيس غرفة الصناعات الغذائية المستهلكين بعدم التوجه لتخزين السلع، موضحاً أن الشركات بالتعاون مع الحكومة قادرة على توفير جميع السلع التى تتوافق مع معدلات الطلب التى عادة ما ترتفع فى الأزمات، مؤكداً أن السوق المصرية قادرة على العبور كما اعتادت فى الثورات والأزمات الماضية.
وأشار «الجزايرلى» إلى أن معدلات الطلب شهدت نمواً فى بعض الأماكن فقط وليست فى الأسواق بشكل عام، وتتمثل معدلات الطلب المتنامية فى السلاسل التجارية، مشيراً إلى أن معدلات ارتفاع الطلب بلغت من ثلاثة إلى أربعة أضعاف، موضحاً أن الغرفة رفضت فكرة تخصيص حصص للأفراد حتى لا تتفاقم الأزمة وتنتشر السوق السوداء، خاصة أن السلع متوفرة بشكل كبير، وشركات القطاع ما زالت قادرة على مجابهة هذه الزيادة فى معدلات الطلب.
وفيما يخص الموسم الرمضانى والزيادة المعتادة فى معدلات الاستهلاك، أكد أن الشركات مستعدة لتوفير سلع موسم شهر رمضان بشكل كبير، مضيفاً أن الشركات تستقبل حالياً المواد الخام ومدخلات الصناعات الغذائية لتجهيز المنتجات الغذائية المطلوبة فى الوقت المطلوب، مشيراً إلى أن القطاع يستوعب معدلات الطلب الحالية والموسم الرمضانى وما بعد شهر رمضان.
وأوضح أن الدولة تتابع عن كثب تطورات الأحداث وتتخذ القرارات المناسبة وفقاً لرؤيتها، مؤكداً أن القرارات التى اتخذتها الدولة خلال الآونة الأخيرة تساعد فى امتصاص أزمة تداعيات انتشار فيروس كورونا، حيث إنها تقلل معدل خروج الأموال من البورصة، فضلاً عن أنها تحفز المستثمرين على استكمال خططهم الاستثمارية.
ووافقه فى الرأى محمد الهوارى، رئيس شركة البستان العقارية المالكة لسلاسل «هايبر وان» التجارية، الذى يرى أن الفترة الحالية تشهد زيادة فى معدلات الطلب بنسب تتراوح بين 70 و80%، وذلك نتيجة الطفرة التى حدثت نتيجة تداعيات أزمة كورونا، متوقعاً أن تعود معدلات الطلب لمستوياتها الطبيعية خلال فترة قصيرة.
وأكد أن البضائع والمنتجات متوفرة بشكل كبير للعملاء، وأن الشركات المصرية مستعدة لمواجهة الأزمات وطفرات معدلات الطلب، ولن تواجه الأسواق أزمة فى معدلات الطلب الحالية، مشدداً على أنه ليست هناك زيادة فى أسعار المنتجات، بل تتمتع الكثير من المنتجات بتخفيضات وخصومات كبيرة.
وأضاف أن منتجات التعقيم والتطهير متوفرة فى السلاسل بشكل كبير، وتوفر الشركات أكثر من بديل لهذه المنتجات حتى تستوعب معدلات الطلب الحالية.
وقامت الدولة خلال الأسابيع الماضية باتخاذ حزمة من القرارات لتخفيف تداعيات الأزمات المتلاحقة وعلى رأسها انتشار فيروس كورونا على الصناعة المصرية، ودعم معدلات الطلب، حيث أعلن البنك المركزى فى جلسة استثنائية عقدها الاثنين الماضى، تخفيض أسعار الفائدة بـ3% دفعة واحدة، فضلاً عن مبادرات دعم المتعثرين وغيرها من المبادرات التى اتخذتها لدعم الصناعة المصرية، وقرارات دعم القوى الشرائية للمستهلكين لتحفيز معدلات الطلب، وتأجيل سداد الأقساط.
وفى هذا الصدد قال المهندس مجدى طلبة رئيس المجلس التصديرى للغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة والمفروشات المنزلية، إن البنك المركزى المصرى يسير بخطى ثابتة فى اتخاذ قرارات جيدة لدعم الصناعة المصرية، ولكن هذه الجهود الكبيرة تحتاج لمزيد من التكاتف والتعاون من قبل البنوك لتفعيلها بشكل جيد، مطالباً بتحلى العديد من البنوك العاملة فى القطاع المصرفى المصرى بمرونة منح الائتمان وسرعة اتخاذ قرار المنح وتيسير الضمانات المطلوبة من الصناع، حتى يتسنى للدولة معالجة آثار الأزمة ودعم الصناعة بشكل كامل.
وأضاف أن المركزى نجح فى دعم المصانع المتعثرة من الناحية الائتمانية من خلال قراراته الأخيرة، الأمر الذى يحتاج إلى ضرورة تدخل أجهزة الدولة المعنية لدعم المتعثر الذى ظل يعانى لسنوات من قضايا التأمينات الاجتماعية والضرائب والعمالة نتيجة تعثره، مما يؤدى إلى استعادة قوة كبيرة مفقودة من القطاع الصناعى المصرى فى دوامة التعثر.
وأكد «طلبة» أن مصر ستكون من أوائل دول العالم استفادة من أزمة تداعيات فيروس كورونا على المستوى الاقتصادى، بشرط جاهزيتها لذلك واستغلالها للفرص التى تتخلل الأزمات، وسيظهر ذلك بعد خروج العالم من الأزمة الحالية.
وتضمنت حزمة القرارات التى اتخذتها الحكومة لمنع تأثر الصناعة المصرية بحالة الركود التى يشهدها العالم، خفض سعر الغاز الطبيعى للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقرر خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالى والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لباقى الاستخدامات الصناعية لمدة من 3-5 سنوات قادمة.
كما شملت القرارات التحفيزية أيضاً توفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهرى مارس وأبريل 2020؛ لسداد جزء من مستحقاتهم وفقاً للآليات المتفق عليها، فضلاً عن تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة على المصانع والمنشآت السياحية لمدة 3 أشهر، والسماح بتقسيطها عن الفترات السابقة، من خلال أقساط شهرية لمدة 6 أشهر.
محمد الخشن: الصناعة بحاجة لاستكمال القرارات للتحول إلى الربحية
وعلق محمد الخشن رئيس شركة إيفرجرو للأسمدة، على هذه القرارات قائلاً «إن الدولة أجادت فى اتخاذ قرارات من شأنها مجابهة حالة الركود التى يشهدها العالم وتأثرت بها مصر نتيجة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة»، موضحاً أن تخفيض أسعار الغاز إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، سيسهم فى تخفيض حجم الخسائر التى تكبدتها الشركات ولكنه لن يدفعها لتحقيق مكاسب، خاصة فى صناعة الأسمدة، حيث تُباع الأسمدة بأقل من سعر التكلفة.
وأضاف أن أسعار الغاز بحاجة لمزيد من التخفيض لتصل إلى 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، حتى تتمكن الشركات من تخفيض التكلفة بنحو 15%، خاصة أن صناعة الأسمدة تعتمد على الغاز الطبيعى كمدخل رئيسى فى الإنتاج، وليس كوقود، لذا تنعكس تكلفته بشكل كبير على تكاليف الإنتاج ككل، مطالباً بضرورة وجود مزيد من الدعم حتى يتسنى للصناعة المصرية منافسة المنتجات العالمية، خاصة أن هناك العديد من الدول المنافسة يصل سعر الغاز لديها إلى 1.5 دولار.
وعلى صعيد صناعات مواد البناء، فيتفق المهندس سمير صبرى العضو المنتدب لشركة صناعات مواد البناء، مع الرأى السابق قائلاً «إن القرارات التى اتخذتها الدولة خلال الفترة الأخيرة ممتازة، ولكنها ليست كافية لدعم تنافسية المنتج المصرى سواء على المستوى المحلى أو الخارجى، حيث تعتبر أسعار الطاقة والغاز المحلية أغلى من مثيلتها فى الخارج، حتى بعد تخفيضها إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وذلك مقارنة بـ1.5 دولار فى الدول المنافسة».
وأوضح أن مصر تسير على الطريق الصحيح، وأن القرارات من شأنها احتواء تداعيات أزمة فيروس كورونا فى معظم الصناعات، ولكن نحتاج للمزيد من القرارات التحفيزية لمنع حودث تباطؤ، خاصة أن العالم لا يعرف حتى الآن موعد انتهاء هذه الأزمة، مضيفاً أن السوق المصرية تشهد حالياً انكماشاً يُقدر بمتوسط 30% مقارنة بالشهر الماضى، مستبعداً من ذلك السلع الاستهلاكية ومنتجات الأدوية.
وأشار إلى أن صناعة مواد البناء ضمن أكثر القطاعات التى تشهد تباطؤاً كبيراً خلال الفترة الحالية، ويصل هذا التباطؤ لـ40%، حيث يتمتع القطاع بطاقات إنتاجية كبيرة مقابل معدلات طلب ضعيفة، فعلى سبيل المثال يصل حجم إنتاج الأسمنت إلى 82 مليون طن فى السنة مقابل استهلاك 52 مليون طن فقط.
وأضاف أن صناعة الأسمنت تحتاج إلى دعم لصادراتها بجانب القرارات الحالية، حتى تتمكن من المنافسة خارجياً ودخول أسواق مثل الولايات المتحدة الأمريكية، موضحاً أن الصناعة المصرية قادرة على مد الأسواق الأمريكية بأكثر من 2 مليون طن فى العام، متابعاً أن القرارات الحالية ستؤدى لانخفاض أسعار الأسمنت خلال الفترة القادمة بمعدل 10 إلى 15%، أى ما يُقدر بـ50 إلى 80 جنيهاً.
طارق الجيوشى: قرارات الدولة تخفض من خسائر الشركات
كما أشاد طارق الجيوشى، عضو غرفة الصناعات المعدنية ورئيس شركة الجيوشى للصلب، بالقرارات التى اتخذتها الدولة، مؤكداً أنها تواكب الأحداث وتداعيات تأثير فيروس كورونا على الصناعة، وستؤدى إلى تخفيض حجم الخسائر الذى تشهده شركات القطاع بالكامل، ولكنها غير كافية لامتصاص أثر الأزمة بشكل كامل، موضحاً أنها بداية جيدة لدعم الصناعة المصرية.