"الطرد" و"تخفيض الرواتب".. وسائل شركات القطاع الخاص لتخيف العبء عليها
"شكرا على فترة تواجدكم معنا" رسالة شركة سياحة لموظفيها بعد طردهم
أحد العمال
معاناة كبيرة يعيشها بعض موظفي القطاع الخاص مؤخرا، نظرا لاتباع بعض المؤسسات سياسات الـ "تطفيش" من أجل تخفيض العمالة بها، وتخفيف العبء المادي عليها، دون النظر لموظفيها الذين تبدل حالهم بين ليلة وضحاها، عقب القرارات الحكومية الأخيرة التي نصحت الناس بالبقاء في منازلهم، كنوع من الإجراءات الاحترازاية لمنع تفشي فيروس كورونا.
ولجأت بعض الشركات للاستغناء عن العمال تماما، ورفضت تعويضهم بأي مبلغ مالي، فيما اكتفت شركات أخرى بتخفيض الرواتب، ما دفع العمال إلى تقديم شكاوى عديدة على أمل إيجاد حل لأزمتهم.
"نأسف لهذا القرار لكن إدارة الشركة قررت نظرا للظروف التي نمر بها بخفض نسبة العمالة.. شكرا على فترة تواجدكم معانا"، رسالة نصية وجهتها إحدى شركات السياحة بمنطقة المهندسين، لعدد كبير من موظفيها بعد توقف حركة الطيران، بهدف تخفيض العبء المادي عليها، كان من بينهم "ماجد الألفي"، الذي يعمل موظف استقبال بالشركة منذ أكثر من 3 سنوات، فيقول إنه مع بداية ظهور فيروس كورونا وانتشاره بالعالم انخفض معدل الحجوزات لدى الشركة، ما دفعها إلى تقليل ساعات العمل في بداية الأمر وتخفيض الرواتب، ورغم اعتراض الأغلبية على هذا القرار لكنه تم تطبيقه لمدة أسبوعين، وفقا لكلامه: "كانت مواعيدنا من 9 لـ 6 بالليل بس طبعا لأن ما بقاش فيه شغل زي الأول وأغلب الحجوزات اتلغت، المدير عمل لنا اجتماع وقرر إنه يقلل المرتبات بدل ما يضطر إنه يمشي ناس مننا، واضطرينا نوافق وقتها كحل مؤقت لحد ما الأزمة تنتهي"، مشيرا إلى إنه فوجئ قبل 5 أيام بهذه الرسالة على الإيميل الخاص به: "كلمنا الإدارة قالت لنا إن القرار غصب عنها، وإنها هتحاول تتفاوض مع رئيس الشركة على إننا نعتبر نفسنا أجازة لحد ما السياحة ترجع بدل ما عيشنا يتقطع خالص".
أزمة أخرى لم تختلف كثيراً عن الأزمة السابقة، تعرض لها هذه المرة "أحمد علي"، مسئول عن تأمين الحجوزات بإحدى شركات المتخصصة في حجز الطيران والفنادق داخل وخارج مصر، قبل أيام قليلة من الآن، ورغم اختلاف المكان والزمان وتفاصيل كل واقعة عن غيرها، فإن النتيجة كانت واحدة وهي الطرد من العمل بدون سابق إنذار بهدف تخفيف العمالة، بعدما توقف حال الشركة إلى حد ما نتيجة لانتشار فيروس كورونا، حيث فوجئ الشاب العشريني بمجرد استلامه لـ "الشيفت" الخاص به، أن السيستم الذي اعتاد العمل عليه لا يعمل رغم إدخاله لكلمة السر بشكل صحيح، ما دفعه إلى الاتصال بمديره للاستفسار عن السبب، ليخبره بأنه أصبح غير مقيد بالمؤسسة: "لما سألته ده معناه إيه قال لي معناه إنك مشيت، قولت له إزاي وإيه السبب، قال لي الشركة ما بقتش محتاجة العدد ده، مع إن المفروض يكون فيه إخطار قبلها على الأقل بشهرين، لكن طبعا لأنها شركة خاصة استغنت عنا من غير حتى ما تبلغنا وكأننا مالناش أي حقوق عندهم".
عاد حينها الشاب العشريني الذي بدأ العمل في الشركة منذ 4 سنوات إلى بيته، ليفكر في مصيره الذي أصبح بين يوم وليلة غير معلوم، ليفاجأ برسالة جديدة من قبل الشركة تخبره فيه بضرورة التوجه للإدارة لإنهاء أوراقه والتوقيع على استقالته، الأمر الذي أثار غضبه ودفعه إلى التفكير في جمع زملائه الذين تم تطبيق القرار نفسه عليهم، على جروب خاص بهم بعيدا عن جروب العمل لإيجاد حل لأزمتهم، بحسب كلامه: "اتفقنا إننا هنتجمع ونروح الشركة كلنا ونتكلم معاهم لأن فيه ناس عليها ديون، وناس على وش جواز، وفيه اللى عنده أولاد مسئولين منه، لكن لما رحنا منعونا من الدخول وحصلت خناقة وبقوا يعاملونا وكإننا ماكناش قبلها بيوم بنشتغل معاهم وبنحقق لهم مكاسب"، مشيرا إلى أنه سيقوم هو وزملاؤه بمجرد انتهاء فترة حظر التجول التى فرضت في كافة محافظات مصر وعودة العمل بالمصالح الحكومية برفع قضية على الشركة ومطالبتها بدفع تعويض مادي عن السنوات التي قضاها فيها.
بعد ظهور فيروس كورونا وتحذير وزارة الصحة من التجمعات، طلبت "هدير محمد"، موظفة بشركة تسويق، 28 عاما، من مديرها منحها فرصة للعمل من البيت بدلا من الذهاب يوميا لمقر الشركة التي تقع بمنطقة المعادي، وخصوصا أن لديها طفلة صغيرة تخشى من نقل إليها أي عدوى وخصوصا إن مناعتها ضعيفة، لتفاجأ برفض طلبها وقتها بحجة إن الفيروس لم ينتشر في مصر بشكل يدفعهم للمكوث في البيت، ما دفعها للاستمرار في عملها الذي يبدأ في تمام الساعة 10 صباحا وينتهى في السادسة مساء، حتى تم فرض حظر التجول، وتخفيض أيام العمل بأغلب المؤسسات الحكومية والخاصة، فكررت طلبها مرة أخرى على مديرها لتفاجأ برده الذي جاء بأنه "مفيش مرتب، وهيكون ليكي بس نسبة من المبيعات اللي هتعمليها كل يوم، ولو موافقة اتفضلي خدى من بكره أجازة".
لم تجد "هدير" أمامها سوى الموافقة على عرض مديرها رغم التزامها بأقساط جمعية ومصاريف يومية لطفلتها: "مش قدامي حل غير إني أقبل، هو بينتهز الفرصة عشان يخفض المرتبات، وفي نفس الوقت كان لازم أقعد من الشغل عشان بنتي".