بنك أفريقي يدعو لإرجاء سداد ديون دول القارة في مواجهة كورونا
فيروس كورونا
دعا رئيس البنك الأفريقي للتنمية أكينومي أديسينا إلى أن يتخذ العالم إجراءات أكثر جرأة إزاء الدول الأفريقية ذات الدخل المنخفض خلال مواجهتها لجائحة كورونا المستجد "كوفيد 19"، بإرجاء سداد الديون المستحقة إلى المؤسسات المالية الدولية لعام 2020، ومد هذه الدول بالإنقاذ المادي العاجل، ورفع العقوبات الاقتصادية فورا.
وقال رئيس بنك التنمية الأفريقي - في مقال نشرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية - إنه ما لم تنجح الدول الواقعة رهن العقوبات في القضاء على الفيروس، فسيصبح عما قريب بمثابة "عقوبة اقتصادية" للعالم، مؤكدا أنه "ما لم يواجه الجميع فيروس كورونا في أفريقيا، فلن يتم التمكن من القضاء عليه في أي جزء آخر من العالم وفقا للتقديرات فإن (كوفيد - 19) قد يكبد الناتج القومي الإجمالي لأفريقيا خسائر تتراوح بين 22,1 مليار دولار في أفضل الأحوال و88,3 مليار دولار في أسوأها"، كما أنه من المحتمل أيضا أن تهوي أفريقيا بدائرة الركود هذا العام إذا ما استمر الموقف الحالي، إلى جانب احتمالات أن ستتسع الفجوة المالية للقارة الأفريقية بما يتراوح بين 110 و154 مليار دولار خلال عام 2020.
وأضاف أديسينا " تمر أيام صعبة فيما يواجه العالم واحدا من أسوأ تحدياته على الإطلاق؛ جائحة فيروس كورونا المستجد وفيما ترتفع معدلات العدوى، وكذلك الذعر على امتداد الأسواق المالية، وفيما تبطئ الاقتصاديات على نحو كبير، وتنقطع سلاسل الإمدادات بصورة حادة تدعونا الأوقات الاستثائية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية أيضا، فعالم الأعمال لم يعد كما اعتدناه".
وانضم أديسينا إلى النداء العاجل الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لتخصيص موارد خاصة لدول العالم النامي، قائلا "في مواجهة هذه الجائحة علينا أن نقدم إنقاذ الأرواح الإنسانية على الثروات، والصحة على الديون وذلك لأن الاقتصاديات النامية في الوقت الحالي هي الأكثر ضعفا وهشاشة، كذلك يجب أن تذهب وسائل معالجتنا لهذه الاقتصادات إلى أبعد من مجرد المزيد من الإقراض بكل بساطة، لنمد هذه الدول بالإنقاذ المادي العاجل والذي تمس الحاجة إليه، على أن يشمل ذلك الدول النامية التي ترزح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية".
وأوضح رئيس بنك التنمية الأفريقي، "هذه العقوبات تعمل ضد الاقتصاديات، لا ضد الفيرس، وإذا لم تتمكن الدول الواقعة رهن العقوبات من الاستجابة وتقديم الرعاية الحرجة لمواطنيها من أجل حمايتهم، سيصبح الفيروس عما قريب بمثابة (عقوبة اقتصادية) للعالم".
ودعا أديسينا، إلى أن يتخذ العالم إجراءات أكثر جرأة إزاء الدول ذات الدخل المنخفض قائلا "يمكنني أن أؤيد بقوة نداء الأمين العام للأمم المتحدة، والذي طالب فيه بتعليق ديون الدول ذات الدخل المتواضع في غضون هذه الظروف التي تتغير سريعا وتتسم بانعدام اليقين لكنني أدعو إلى إجراءات أكثر جرأة".
وعرض رئيس بنك التنمية الأفريقي ، في مقاله، لأسباب مطالبته بهذه الإجراءات: وأولها أنه على الرغم من سنوات التقدم العظيم لاقتصاديات الدول النامية، إلا أنها تظل هشة إلى أبعد الحدود، وعاطلة عن التعامل مع هذه الجائحة، فمن المرجح أن يؤدي الضغط المالي الثقيل الذي تواجهه الدول الأفريقية الآن في وجود كورونا إلى فنائها.
رئيس البنك الإفريقي: انهيار أسعار النفط ألقى بدول القارة بداخل دائرة العوز
ورأى رئيس البنك، أن السبب الثاني هو أن كثيرا من الدول الأفريقية كانت تعتمد على تصدير السلع لجني عوائد مالية، غير أن انهيار أسعار النفط ألقى بهذه الدول بداخل دائرة العوز، ليظهر التأثير المباشرة في قطاعي النفط والغاز، إذ يمكن توقع تراجع حاد للمشترين الذين سيعيدون تخصيص مواردهم للتعامل مع جائحة "كوفيد -19"، كما أن الدول الأفريقية التي كانت تعتمد على عوائد السياحة كمصدر رئيسي للدخل ستصبح أيضا في مأزق.
وأشار أديسينا، إلى أن السبب الثالث لمطلبه هو أنه بينما لدى الدول الغنية مصادر احتياطية ظهرت عبر ضخ تريليونات الدولارات من أجل التحفيز المالي، فإن المصادر الضعيفة للدول النامية تعرقلها عن مواجهة الأزمة.
وتابع أديسينا قائلا، إنه في الوقت الذي أفرجت الدول حول العالم عن سيولة مالية للإنقاذ وأعادت هيكلة للديون، وأمهلت سدادها، وخففت القواعد الصارمة وأطلقت المبادرات؛ تطبق الدول النامية برامج لتعويض العمالة عن أجورها المفقودة جراء التزامهم المنازل لتطبيق العزل الاجتماعي، لتظهر مشكلة أخرى وهي ما أسماه "التباعد المالي"، مضيفا: "أناشدكم أن تفكروا ولو لدقيقة ماذا يعني ذلك لأفريقيا".
أديسينا: الدين الشامل لأفريقيا ربما يرتفع إلى2.1 تريليون دولار
وأوضح رئيس البنك الإفريقي للتنمية، أن تقديرات البنك تشير إلى أن الدين الشامل لأفريقيا ربما يرتفع من 1.9 تريليون دولار، وفقا لتوقعات ما قبل الجائحة، إلى 2.1 تريليون دولار لعام 2020 في أسوأ الاحتمالات.
وتابع رئيس البنك الأفريقي: "لذا فالوقت قد حان إلى تحركات جريئة وعلينا أن نؤجل مؤقتا الديون المستحقة إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف، وإلى المؤسسات المالية الدولية، ويمكن أن يتم القيام بهذا عبر إعادة النظر في الديون بهدف خلق مجال مالي لهذه الدول للتعامل مع هذه الأزمة، وإرجاء سداد الديون المستحقة إلى المؤسسات المالية الدولية لعام 2020".
"أديسينا": البنك مستعد لضخ 50 مليار دولار على مدار 5 سنوات في مشروعات لمساعدة أفريقيا
وأعلن أكينومي أديسينا، استعداد البنك إلى ضخ خمسين مليار دولار على مدار خمس سنوات في مشروعات لمساعدة أفريقيا في تعديل تكاليف التعامل مع تأثيرات "كوفيد -19"، والتي قد تستمر إلى ما بعد انحسار العاصفة الحالية بفترة طويلة.
وأضاف أديسينا:"لكن الحاجة تمس إلى مزيد من الدعم، فلنرفع العقوبات الاقتصادية الآن، فحتى في أوقات الحرب تتم الدعوة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. كما أن هذا ليس بالوقت المناسب لتوقف وصول مواد الإغاثة إلى الشعوب المتضررة".
واختتم رئيس البنك الإفريقي: "فيروس كورونا المستجد بمثابة حرب ضدنا جميعا، فكل الأرواح التي يتم إنقاذها مهمة، وبينما يعد التباعد الاجتماعي مهما، فإن التباعد المالي ليس كذلك".