أشرف عبدالباقى: «البيروقراطية» حرمتنى من اللجوء إلى مسرح الدولة
خمس سنوات قضاها أشرف عبدالباقى يحلم بتقديم مشروع «تياترو مصر»، فهذا الفنان الذى عشق المسرح وقدم فيه ما يقرب من 94 عرضاً مسرحياً منذ بداياته لم يكن يرضيه وضع المسرح وتراجعه، خاصة أنه لم يعمل بالمسرح منذ آخر عروضه عام 2003 «لما بابا ينام»، خمس سنوات قضاها وهو يحلم بالمشروع حتى جاءته الفرصة لتنفيذه من خلال المنتجين محمد سمير ومحمد عبدالحميد.
أشار «أشرف» فى حواره مع «الوطن» إلى أنه سعى من خلال المشروع لتجنب العديد من الأخطاء التى أدت لتراجع المسرح المصرى وغياب الجمهور عنه، ولفت إلى سعيه للاعتماد على الشباب فى المقام الأول، كما نفى أن يكون المشروع مشابهاً من قريب أو بعيد لفرق مسرح التليفزيون التى ظهرت فى الستينات، وأيضاً تحدث عن أحلامه وطموحاته فى الفترة المقبلة.
■ كيف جاءتك فكرة مشروع «تياترو مصر» فى هذا التوقيت بالتحديد؟
- أنا من عشاق المسرح على مدار حياتى، وقدمت أكثر من 90 عرضاً مسرحياً، وتوقفت عن العمل بالمسرح منذ 2003 بعد مسرحية «لما بابا ينام»، ومنذ ذلك التوقيت شغلنى الكثير من الأسئلة عن أسباب غياب الجمهور عن المسرح، واختفاء بريقه الذى اعتدنا عليه منذ أن كنا صغاراً، سواء فى القطاعين الخاص أو العام، وبدأت الفكرة منذ نحو خمس سنوات، ببحث تلك المشاكل التى أدت لاختفاء المسرح، وما هى الحلول من أجل إعادته للجمهور، فبدأت الفكرة فى الاختمار لدىَّ وتطورت يوماً بعد يوم حتى وصلت إلى الصورة النهائية التى خرج عليها «تياترو مصر».
■ وما تلك المشاكل التى وصلت بالمسرح لهذا الحال؟ وكيف تمت معالجتها فى مشروعك؟
- البداية كانت من سعر التذكرة الذى ارتفع جداً، وبات يشكل عبئاً على الأسرة فى ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة، وأصبح من الصعب على الأسر المتوسطة والمكونة من خمسة أشخاص على الأقل أن يزوروا المسرح، لذا لجأنا إلى توحيد سعر التذكرة وجعلها فى متناول الجميع، كذلك امتداد العرض لمدة 3 أو 4 ساعات، وقمنا بحل هذا الأمر بأن جعلنا مدة كل عرض ساعة واحدة فقط، على أن نقدم عرضين فى كل سهرة، وكانت هناك مشكلة أخرى تتعلق بموعد عروض المسرح، التى كانت أغلبها تبدأ فى العاشرة مساء وتستمر حتى الواحدة صباحاً، ما يجعلك تفقد شريحة عريضة من الجمهور قد لا تناسبها تلك المواعيد، وبناء عليه قررنا أن تبدأ عروضنا فى الثامنة وتنتهى فى العاشرة والنصف، وأخيراً كان يعيب بعض عروض مسرح القطاع الخاص اعتمادها على الإفيهات الخارجة والإيحاءات التى لا تناسب الأسرة والأطفال، وهو ما تم تجنبه فى عروض «تياترو مصر».
■ وما الذى طرح فكرة العرض التليفزيونى بالتزامن مع المشروع؟
- من الطبيعى أن ينشغل الممثل طوال الوقت بعرض عمله فى التليفزيون عقب انتهائه ليتمتع بنسبة مشاهدة أعلى، وقد كان هناك تصور فى البداية أن يكون عرض المسرحيات فى التليفزيون فقط، حيث قمنا ببناء مسرح داخل الاستديو ويتم تصوير العروض، ثم لجأنا لفكرة استئجار مسرح «جامعة مصر» لإقامة العروض عليه بحضور الجمهور حتى يكون هناك صدى حقيقى لما يتم تقديمه على خشبة المسرح، وكان التصور المبدئى هو أن يتم تصوير العروض كلها وعرضها بعد انتهاء الموسم، ولكن تم تعديل ذلك بعد الاتفاق الذى تم بين الشركة المنتجة وقناة «الحياة» لكى يتم عرضها فى موعد أسبوعى ثابت، وبشكل متزامن مع العرض الجماهيرى.
■ هل يعتبر هذا المشروع تكراراً بشكل ما لفكرة مسرح التليفزيون التى بدأت فى الستينات؟
- لا.. هو مختلف بشكل كبير عن فكرة مسرح التليفزيون، حيث كان الأخير يتكون من عدة فرق، وتقدم كل فرقة عروضها لمدة أربعة أشهر، وبعدها يتم تصويرها للتليفزيون، ولكن ليس بشكل أسبوعى، وكانت الفكرة أن الحكومة متبنية لفكرة مسرح التليفزيون بالتزامن مع افتتاح التليفزيون نفسه وبدء البث به، وقد أثر ذلك على فرق القطاع الخاص بما فيها فرقة إسماعيل ياسين.
■ لماذا اخترت أن تقدم عرضين فى اليوم؟ وما الحكمة من العرض الأسبوعى قبل أن تأخذ العروض حقها جماهيرياً فى المشاهدة بالمسرح؟
- نحن نعمل فى تجربة ومشروع نكتشفه ويتطور معنا بمرور الوقت، وطوال فترة عملنا كانت تتكشف لنا مناطق جديدة وتتولد الأفكار والمقترحات التى يفرضها التطور الطبيعى للمشروع، فأنا مثلاً كنت أتمنى عرض المسرحيات كلها فى نهاية الموسم فى شهر يونيو، لكن الاتفاق الذى تم مع قناة «الحياة» هو الذى فرض العرض فى بداية يناير، كما أن العرض التليفزيونى أفادنا فى تحقيق قدر كبير من الدعاية للمشروع، وإليه يرجع الفضل فى جزء كبير من الرواج الجماهيرى، وبكل تأكيد يشكل هذا عبئاً كبيراً على فريق العمل، ولكننا فى النهاية نملك قدراً كبيراً من الإرادة لتحقيق هدفنا من التجربة، وتقبلنا الأمر واستعنا بالله وتوكلنا عليه، وسارت التجربة فى الطريق المرسوم لها. أما بالنسبة لاختيار تقديم مسرحيتين فى اليوم فذلك يرجع لرغبتنا فى تقديم وجبة مسرحية ثرية للمتلقى، الذى لا يعقل أن يأتى إلينا من أجل مشاهدة عرض مسرحى واحد فقط مدته ساعة، فنقدم له عرضين بموضوعين مختلفين بكل تفاصيلهما.
■ لماذا اخترت تقديم التجربة بعناصر تمثيلية شبابية بعيداً عن النجوم؟ وكيف تم اختيارهم؟
- كان المهم بالنسبة لى فى التجربة بالفعل هو الاعتماد على الشباب فى المقام الأول، وقد تبنيت هذه الفكرة فى كل أعمالى، بداية من ظهور ياسمين عبدالعزيز مثلاً معى فى فيلم «رشة جريئة»، مروراً بالعديد من الأعمال ومن بينها «راجل وست ستات» و«يوميات زوج معاصر» وغيرهما، حيث قدمت العديد من الشباب فى هذه الأعمال. ولكن ذلك كان يتم بشكل فردى وليس بهذا الكم من الشباب، كما أن الفكرة مناسبة من الجانب الاقتصادى أفضل من النجوم الذين لن يغطى سعر التذكرة أجورهم بكل تأكيد، وإن كنت أستعين ببعض النجوم المحترفين مثل سامى مغاورى ومحمد الصاوى وسليمان عيد بشكل غير منتظم فى بعض العروض. أما عن اختيار هؤلاء الشباب فجاء عبر مشاهدتى لهم فى عرض مسرحى بعنوان «شيزلونج»، وبعضهم شاهدته فى مسرح مركز «الإبداع» فى عرض «أين أشباحى؟»، وبعضهم شارك معى فى مسلسل «راجل وست ستات»، الذى كان حقل تجارب لنا خرجت منه العديد من المواهب الشابة، وكنت بكل تأكيد حريصاً على استثمار طاقة الشباب وحماسهم وروح «مسرح الجامعة» التى يتمتع بها معظمهم، خاصة أن بعضهم لا يزال يدرس فى الجامعة حتى الآن.
■ كيف يتم تنفيذ العرض وتجهيزه خلال يومين؟
- الممارسة هى الأساس فى هذا الموضوع، فهى التى توجد حلول لكل المشاكل التى تقابل تنفيذ الفكرة بما فيها ضيق الوقت، ونتيجة حبها للشغل وللمسرح، ويكون العمل على المشروع الجديد بطاقة وحماس الشباب، بجانب الخبرة التى تدير تلك الحماسة وتوجهها وتوظف الموهبة.
■ على مدار خمس سنوات منذ أن خطرت لك فكرة المشروع ألم تفكر فى التعاون مع مسرح الدولة؟
- لم أتعاون إطلاقاً مع مسرح الدولة على مدار تاريخى المسرحى الذى بنيته فى القطاع الخاص، وهذا يرجع لعدة أسباب أهمها ضيقى من مسألة «الروتين» وتفاصيله التى لا تنتهى، فعلى سبيل المثال أحياناً فى «تياترو مصر» أفكر مع فريق العمل فى تغيير المناظر والديكور قبل بداية العرض بيوم ويتم ذلك بسلاسة، أما فى مسرح الدولة فلا أتصور أن ذلك من الممكن أن يتم إلا عبر سلسلة لا تنتهى من الإجراءات والتعقيدات الروتينية، التى تعوق فى رأيى تنفيذ مشروع مثل «تياترو مصر»، الذى يعتمد على سرعة الإيقاع والمرونة فى الوقت نفسه، وهو أمر لا يستقيم مع الهيكل والروتين الوظيفى الذى يحكم مسرح الدولة مع كل احترامى لهم، فهم محكومون بالعديد من اللوائح والقوانين التى تحررت منها فى القطاع الخاص.
■ بعد اكتمال التجربة وتبلور الفكرة بعد عدة أشهر بماذا تحلم للمشروع فى الفترة المقبلة؟
- أحلم بتطوير الفكرة واتساع رقعتها الجغرافية، وأتمنى أن يتم تنفيذ خطة للتجول فى المحافظات المختلفة التى تملك حالة من التعطش للمسرح، وهذا يحقق لنا إشباعاً كفنانين نقدم عروضنا أمام جمهور مختلف وعريض على امتداد محافظات مصر، كما جاءتنى العديد من العروض للسفر خارج مصر، فى المغرب ودبى وأبوظبى والأردن والعراق والكويت لكننى أجلتها لما بعد عيد الفطر، حتى يكون الموسم الأول انتهى.
■ ألم يؤثر ارتباطك بمشروع «تياترو مصر» على مشروعاتك فى الدراما أو السينما؟
- على الإطلاق، «أنا راجل بتاع شغل» وطوال عمرنا اعتدنا على الجمع ما بين العمل بالمسرح والتصوير فى أعمال درامية وتليفزيونية، ومن يكتفى بالعمل بالمسرح فقط ويعطل باقى الأعمال أعتبره «ممثل مرفَّه»، وأنا من مدرسة الجمع بين أكثر من عمل فى الوقت نفسه، ووقتى منظم بين البروفات والعروض فى المسرح، وتقديم برنامجى «مصر البيت الكبير» على قناة «الحياة»، وأيضاً تصوير مسلسلى «أنا وبابا وماما» المقرر عرضه فى رمضان المقبل.