م الآخر| وصلات الردح.. صناعة مصرية بامتياز
لا توجد دولة محترمة في العالم ليس بها نظام سماوي أو نظام وضعي يحكم العلاقة بين المواطنين، وأظن أننا من الدول التي يوجد بها النظامين (السماوي والوضعي)، ولكن للأسف السماوي معطل، والوضعي.. حسب المزاج.
في الآونة الأخيرة، أصبح ما يهم القائمون على الإعلام المرئي في مصر، هو استخدام حقهم في التعبير عن آرائهم وأفكارهم، دون الالتفات إلى حقنا الذي يهدروه بتجاوزاتهم اللفظية وأحيانًا الحركية.
أظن أن بعض هؤلاء الإعلاميين لا يدركون مساحة حريتهم التي يجب أن يتحركوا بداخلها، دون المساس بالمساحة التي يتحرك بداخلها الآخرون، وبالتالي لن يدركوا حجم الضرر الذي تسببه لنا تجاوزاتهم المستمرة.
لقد تحولت القنوات الفضائية إلى نوافذ تشبه الشبابيك بتاعة زمان في حواري مصر الجوانية، اللي كنا بنشوف من خلالها الست أم قرني وهي طالة علينا من شباكها، متعمدة كشف الجزء العلوي من جسدها لحشد الجماهير من الرجال الجوعى، وكلما يزيد حماسها تكشف عن جزء جديد من جسدها؛ لتزيد أعداد الرجال وهي تردح لأم نجيب.
والسؤال.. أن المنهج القديم لوصلات الردح كان له قاعدة وهدف، فعندما قررت الست أم قرني مثلًا أن تبدأ وصلة ردحها للست أم نجيب، كان هدفها هو فرض سطوتها على نساء الحارة، إذن هناك رسالة واضحة للست أم قرني تبعث بها للحارة كلها، وليست لأم نجيب فقط، والسؤال ما هي الرسالة التي يريد الإعلاميين أن يوصلوها لنا؟.
ماذا يريد باسم افندي يوسف، الذي قرر في إحدى حلقاته أن يلقي بماء استحمامه على غسيل المستشار مرتضى منصور، بتعمد واضح ودون مواربة، فقام المستشار بالرد عليه بطريقة مشابهة، حيث قرر أن يبصق لأعلى في اتجاه بلكون باسم افندي، ولكن للأسف سيادة المستشار لم يدرك أن البصقة ستعود إلى بلكونته مرة أخرى.
لماذا وصلنا إلى هذا الحد من التدني الأخلاقي المقلق على مستبقل الأجيال المقبلة، ما الذي حدث لـ "باسم افندي يوسف"، الذي كان يبشر بموهبة إعلامية من نوع فريد، لماذا تحول بمرور الوقت إلى مشخصاتي ماسخ، وناقل لموهبة نظيره الأمريكي الذي يعيش في مجتمع ليس به محاذير تقريبًا، ولماذا لم يدرك باسم افندي حتى الآن أنه يعيش في مجتمع مازال على أول درجات سلم الحرية، ولم يتعلم شروطها بعد.
أما سيادة المستشار الذي اعتلى منصة القضاء، وللأسف بعدها أصبح سجين سابق، ثم وجدناه يتسلل إلى الإعلام المرئي سواء ضيفًا، أو من خلال مداخلة تليفونية، وفي الحالتين، لا تخلو جملة في حديثه إلا واحتوت على ألفاظ نابية، وكأنه يرغب في توصيل رسالة رعب إلى الست أم نجيب، فماذا يريد هذا الرجل بعد ما وصل إلى هذا المجد؟، وأصبح الآن محاميًا لامعًا، حقيقي ماذا يريد هذا الرجل بعد وصوله إلى هذه المكانة القانونية، وبعد ذلك تشعر وكأنه يتعمد إهدار هذه القيمة بكل سهولة واستهتار.
واستمرارًا لهذا المسلسل الكريه، فقد انشغل بعض المثقفون بتدخل رئيس الوزراء، لمنع الرذيلة التي جاءت على يد طفل في فيلم (حلاوة روح) بحجة أن ذلك ليس من اختصاصه، فماذا لو قررت هيفاء وهبي مثلًا، سحب الفيلم إرضاءًا للشعب المصري اللي معظمه قرفان من هذا الفيلم، في هذه الحالة ماهو موقف اللي بيقولوا عليهم مثقفين وخايفين على الفن.. برضه قرار هيفا هيبوظ الفن، ولّا هيفا هتتحول لبطل شعبي أكتر من رئيس الوزراء.