مسرح وممشى ومسار دراجات.. "بحيرة عين الصيرة" من العشوائية للتطوير
رئيس حي مصر القديمة: نسعى لاستعادة الوجه الحضاري
بحيرة عين الصيرة
شهدت بحيرة عين الصيرة التي تقع بالقرب من سور مجرى العيون بمنطقة مصر القديمة بمحافظة القاهرة، أعمال تطوير كبيرة بدأت منذ يناير الماضي، على أمل الانتهاء منها بنهاية العام الجاري، بعد أن كانت العشوائية هي السمة الأساسية للمنطقة، الأمر الذي دفع محافظة القاهرة إلى استحداث مخطط لتطوير منطقة الفسطاط وملحقاتها، لاستعادة الوجه الحضاري للمنطقة وتنمية مقاصدها السياحية، والارتقاء بمستواها المعماري والخدمي، مع تحسين البيئة المعيشية وتوفير بدائل جيدة وعصرية للمواطنين، بهدف إعادتها مرّة أخرى كمنطقة جذب سياحي، حيث من المقرر أن يجرى إنشاء مطاعم وكافتيريات تطل على البحيرة والجاري تدبيشها وتطهيرها من المخلفات، بالإضافة إلى مسرح مكشوف لتقام على خشبته الحفلات والعروض المسرحية.
فعلى مساحة 260 فدانا بدأت هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، أعمال التطوير بالبحيرة والتي تتميز بالمياه الكبريتية وكان يقصدها عدد من سكان المنطقة للاستشفاء، وتحت أشعة الشمس الحارقة خلال شهر رمضان كان العمَال منهمكون في عملية التطوير، حيث لجأ البعض إلى تخفيف حرارة جسده بوضع قطع قماش قطنية صغيرة مبللة بالمياه فوق رأسه وارتداء الخوذة فوقها لتقيه من حرارة الجو المرتفعة، بينما نثر آخرون المياه الباردة التي تتميز بها البحيرة فوق أجسادهم.
ويقول أحدهم الذي يبدو على ملامحه أنه في العقد الثالث من العمر: "أصعب أيام للشغل بتكون في شهر رمضان بشكل عام وخصوصاَ في الفترة دي عشان أزمة فيروس كورونا، وبنضطر نلبس الكمامات ودي حاجة بتزود من إجهادنا، بس بنقول أرحم من العدوى اللي لو جاتلنا حالنا هيقف وصحتنا هتروح".
ويوضح محمد عبدالمنعم، مهندس السلامة والصحة المهنية بالموقع، خلال حديثة لـ"الوطن"، إن تلك المنطقة كانت تعاني من الإهمال والعشوائية وانتشار البلطجية، وهو الأمر الذي لفت أنظار هيئة التطوير للاهتمام بالمنطقة والعمل على تطويرها، خاصة وأنها ملاصقة لمتحف الحضارة الذي يضم عددا من المنحوتات والآثار التاريخية على مر العصور.
ويتابع عبدالمنعم أن أعمال التطوير، شملت ردم جزء من البحيرة فأصبحت مساحتها 63 فدانا: "تعاقدنا مع معامل بجامعة عين شمس لتعقيم المياه بعد الانتهاء من التطوير عشان يكون التسليم نضيف"، كما تعمل هيئة التطوير على إنشاء فندق يبعد خطوات قليلة عن البحيرة ويتميز بإطلالة ساحرة عليها على حد قوله، ويشير إلى أن هناك مشروع لإقامة جزيرة تحمل اسم "جزيرة الشاي" وتمثل تقريبا نصف مساحة المشروع ليقصدها المواطنين أثناء العطلات والإجازات.
ويقول مهندس السلامة والصحة المهنية، إن المنطقة المحيطة بالبحيرة تشمل مسار للدراجات وآخر للمشاة: "المسار هيكون بيلف حوالين البحيرة كلها وهيكون ممشى سياحي زي بتاع المصايف بحيث يكون منظر خلاب لجذب الجمهور"، بالاضافة إلى عدد من الكباري والطرق لخدمة المنطقة وربطه بالطرق الرئيسية.
وأضاف أنه خلال ثلاثة أشهر فقط تمكنت الهيئة من الانتهاء من المشايات والنوافير العائمة داخل البحيرة بالإضافة إلى المسرح والذي يبعد مسافة قليلة عن متحف الحضارة الذي يقع على أطراف البحيرة، ويقول: "كان كل تركيزنا إنه يكون المتحف الحضاري أمامه بازار سياحي وحوالين البحيرة الطبيعية، ولحد دلوقت يعتبر الشغل والتطوير بشكل رسمي لسه ما بدأش ومنتظرين ننتهي من التجهيزات خلال شهرين او تلاتة بالكتير"، مشيرا إلى أن المنتزه في شكله النهائي سيكون مرفق عام ومفتوح أمام الجمهور بالمجان.
وتابع: "رغم أزمة كورونا الشغل ما وقفش بالعكس عدد العمال بقى أكتر عشان نقدر نخلص الشغل بدري وما نضطرش نأجل، ولو في حد بياخد إجازة فبتبقى الإجازات العادية والأسبوعية ومانعين الإجازات الطويلة، وضمانا لسلامة المهندسين والعمال في الموقع وفرنا جهاز للكشف عن درجة الحرارة لجميع العاملين بالمشروع باختلاف مسماهم الوظيفي، بالإضافة إلى كابينتين للتعقيم وممنوع أي حد يدخل الموقع من غير كمامة أو جوانتي".
ويقول المهندس عبدالله أحمد المهندس التنفيذي للمشروع أن عمليات المسح والتنظيف تمت بالشراكة بين شركة تريكوول المسؤولة عن التطوير بالإضافة إلى شركة الكاراكات المصرية، لتنفرد بعدها "تريكول" بفرد المساحات الرملية: "عشان نجهز الزرع والمشايات الفرعية".
ويقول المهندس التنفيذي للمشروع: "المكان كمان استمد أهميته كونه قريب من قسم شرطة مصر القديمة، واللي كان خلفه يعتبر مقلب للقمامة، وتم إزالة كل هذه المشاهد العشوائية، وتم تحديد شكل وحجم البحيرة بعد ما كانت مساحات كبيرة متفرعة في كل مكان وكان من المستحيل تطويرها وهي على هذه الهيئة".
ويضيف محمود عبدالرؤوف، المهندس التنفيذي للمشروع، إنه خلال الثلاثة أشهر الماضية عملت الشركة على فرش 90 ألف متر مكعب من الرمال لإحلال الأرضيات: "عشان نبدأ في التطوير، بنبدأ نغمر الأرض بالرمل ودي اسمها مرحلة أو طبقة الإحلال وبعد كده طبقة السن، وبعدين المشايات، يليها أخيرا مرحلة اللاند سكيب أو النجيلة اللي بتدي شكل جمالي للمكان وهي التقنية اللي بتستخدم في الحدائق والمنتزهات"، مشيرا إلى أن شركة التطوير بدأت خلال الأيام الأخيرة الماضية في زراعة الأشجار والنخيل بطول مساحة البحيرة والأماكن المحيطة بها.
ويوضح "عبدالرؤوف" أن مرحلة "اللاند سكيب" أو زراعة النجيلة ستبدأ الشركة بالعمل بها بعد انتهاء عيد الفطر، مشيراَ إلى أنَ هناك 300 عامل يتواجدون بشكل يومي داخل الموقع، بخلاف أعداد المهندسين والخبراء الذين يتابعون جميع جوانب عملية التطوير أولاَ بأول.
ويتابع: "ده بالنسبة للقوة البشرية، أما بالنسبة للآلات فالمشروع بيضم 10 لودارات و3 حفارات، موزعين حسب احتياج المكان، يعني في كل موقع جوه المشروع في مجموعة عمّال ومعاهم مدير تنفيذي ومهندس تنفيذي للمشروع وتحته اصطف مهندسين وتحتهم ستاف مشرفيين وآخر حاجة ستاف مساحين عشان ما يكونش في أي نسبة خطأ أو تقصير في الشغل، ويجرى إنجازه على أكمل وجه".
وفيما يخص النافورات التي أنشأتها الشركة داخل البحيرات، فيقول شهاب صبري، مهندس أول تنفيذ وإدارة المرافق: "البحيرة بتحتوي على 4 مجاميع كبار حوالين تمانية مجاميع من النوافير الصغيرة، ارتفاع كل نافورة 2 متر ونصف"، مشيرا إلى أنَه خلف المسرح الذي لا يزال قيد الإنشاء هناك 13 مجامعا للنافورات بالارتفاع ذاته: "قسمناها ووعناها بالشكل ده عشان أي حد حوالين البحيرة يقدر يشوف النافورة"، بالإضافة إلى الإضاءات التي تتميز بها تلك النوافير والأشكال المختلفة للمياه عند تشغيلها: "الميه اللي بتخرج بيكن ليها 3 و 4 أشكال في محاكاة للنوافير العالمية والإضاءات بتكون شغالة بليل عشان تجذب الزوار وتضيف بهجة على المكان".
من جانبه قال اللواء علاء خليل رئيس حي مصر القديمة، أن الدولة تسعى بقوة لاستعادة الوجه الحضاري للقاهرة التاريخية، حيث تشهد المناطق التابعة لمصر القديمة أعمال تطوير حاليا لم تجرى منذ 30 عاما سواء في محيط سور مجرى العيون أو المنطقة المحيطة بمتحف الحضارة وبحيرة عين الصيرة بالفسطاط.
وأضاف خليل لـ"الوطن" أنه جار إعادة سور مجرى العيون لأصله بواسطة وزارة الآثار وإزالة أي إشغالات أو مخلفات في محيطه، وإنشاء ممشى على جانبي السور ومساحات خضراء وكافيهات ومطاعم تتناسب مع طبيعة الموقع وفندق لتنشيط السياحة، مؤكدا أن أعمال التطوير التي تجرى تبرز جمال القاهرة التاريخية، بحيث يتمكن السائح أو أي مواطن أن يرى القلعة من كورنيش النيل بالملك الصالح.
وأشار إلى أن منطقة بحيرة عين الصيرة تشهد أعمال تطوير لا مثيل لها، حيث تجرى تحويل الموقع من عشوائي إلى منطقة جذب سياحي يضاهي افضل المواقع السياحية العالمية، لافتا إلى أنه داخل متحف الحضارة سيكون هناك جانب تسويقي تقدمه وزارة السياحة وحول البحيرة بعد انتهاء أعمال تطهيرها جار عمل ممشى سياحي.
وأكد أنه جرى إزالة نحو 8 مناطق عشوائية حتى الآن في نطاق حي مصر القديمة، من أجل تطويرها واستعادة القاهرة التاريخية بكل عبق التاريخ، حيث جرى إزالة مناطق المدابغ والورش وعين الحياة ومنطقة سور مجرى العيون وأكشاك أبو السعود، وجار حاليا إزالة منطقتين وهما السحيلة وكوم غراب وتم الانتهاء من 70٪ منهما، وجرى نقل ما يترواح من 5 لـ6 آلاف أسرة من المناطق العشوائية التي جرى إزالتها إلى مشروعات الإسكان الجديدة تمهيدا لاستكمال أعمال التطوير.
من جانبه، قال إيهاب حنفي منسق مشروع تطوير العشوائيات، إن مشروع تطوير منطقة بحيرة عين الصيرة وسور مجرى العيون، جزء من مخطط ضخم لتطوير منطقة الفسطاط بمصر القديمة، لإعادتها مرة أخرى كمنطقة جذب سياحي وإعادة الواجهة الحضارية للمنطقة.
وأضاف "حنفي"، لـ"الوطن"، أنه جار إنشاء مطاعم وكافتيريات تطل على بحيرة عين الصيرة، وإنشاء ممشى سياحي بطول البحيرة ومسرح مكشوف يطل عليها، وفندق بالقرب منها وبمحيط متحف الحضارات، مشيرا إلى أنه في إطار خطة التطوير الشاملة بـ"عين الصيرة"، وخاصة أن محافظة القاهرة بدأت بالتنسيق مع الإدارة الهندسية للقوات المسلحة، أعمال إنشاء 6 كباري في منطقة الفسطاط، بالتزامن مع تطوير المتحف القومي للحضارة المصرية، وصولا بالمنطقة إلى صورة جمالية وحضارية تليق بتاريخها، وتحولها إلى منطقة جذب لامثيل لها.