"الزهور" بأبوحماد يتحول لمستنقع صرف صحي والمنازل مهددة بالانهيار
"قبل أكثر من 35 عاما أنشأت محافظة الشرقية عمارات للإسكان الشعبي لتوزيعها على المستحقين بمنطقة حي الزهور بمدينة أبو حماد وذلك على فترات متتالية وتدريجيا تحولت أحلام الأهالي من الحصول على مسكن بأسعار مخفضة إلى كابوس يطاردهم منذ عدة سنوات بعدما تخللت الشروخ والتصدعات جدران وأساس منازلهم بسبب تسرب مياه الصرف الصحي إلى حد أنهم أصبحوا مهددين بالتشرد"، حسب الأهالي.
"مياه متراكمة بالشوارع تبعث منها روائح كريهية، أناس يحاولون التخلص منها بجمعها في جراكن أو بواسطة جرارات الكسح"، مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي بالحي الذي يبعد نحو كيلو ونصف عن رئاسة مركز ومدينة أبو حماد، بتلك الكلمات بدأ " عصام رشاد" 40 عاما أحد الأهالي حديثه لـ"الوطن".
وأوضح: أن "الحي يضم 11 عمارة سكنية بها 220 شقة يقيم فيهم نحو 220 أسرة وتم البدء في تشييد أول 3 عمارات عام 1984 وفي وقت لاحق تم تشييد باقي العمارات وتسليمهم للأهالي عام 1990"، مشيرا إلى مساحات الشقق تختلف من شقة لأخرى وأن بعضها يضم 3 غرف وصالة وأخرى تضم 4 غرف وصالة وتم استلامها بعد دفع مبلغ كمقدم والباقي أقساط على مدى 27 عاما وانتهت المدة بتملك الأهالي الشقق، مشيرا إلى أنهم منذ استلام الشقق يعانون من عدم وجود مشروع صرف صحي مطابق للمواصفات مما أدى لطفح الصرف بالشوارع ورشح المنازل بشكل دائم.
وأضاف أنهم تقدموا بكثير من الشكاوى للجهات المختصة مثملة في شركة مياه الشرب والصرف والصحي ومحافظة الشرقية ورئاسة مركز ومدينة أبو حماد، لافتا إلى أنه في حال طفح الصرف كان الأهالي يستغيثون برئاسة المدينة لإرسال جرارات كسح دون جدوى ما اضطرهم إلى الاتصال بالمحافظة والخط الساخن لشركة الصرف الصحي لضمان الاستجابة لاستغاثاتهم. ومضى قائلا: "كان من المفترضض أن يجري مركز مدينة أبو حماد عمليات تطوير أو صيانة للمنازل أو الخدمات بالمنطقة طوال السنوات السابقة طبقا لبنود العقود إلا أن ذلك لم يحدث وبعد تملك الأهالي للمنازل أخلى مجلس المدينة مسؤوليته تماما".
وأرجع مشكلة الصرف إلى وجود خطوط غير مطابقة للمواصفات بالإضافة إلى انخفاض منسوب أرض المنطقة مقارنة بالشوارع والمناطق المحيطة بها بخلاف ارتفاع نسبة المياة الجوفية وارتداد مياه البحر المار أمام المنطقة حال زيادتها في منطقة المساكن، مشيرا إلى أن ذلك كله أدى إلى وجود رشح ما تسبب في حدوث شروخ في الجدران والأساسات وأسقف الشقق . ومضى قائلا:"الشقق باتت مهددة بالانهيار فوق روسنا.. ولا استجابة لشكوانا.. وحتى الأشجار التي كانت توجد بالمنطقة بهدف التجميل تم اقتلاعها بواسطة مجلس المدينة".
والتقط "محمد إبرهيم" طرف الحديث قائلا: "إن الحي يضم عدد من المنشآت الحكومية الخدمية منها السجل المدني ومحطة أبو حماد الزراعية ومبنى الضرائب ومدارس ثانوية عامة بنين وبنات ولم يشفع ذلك لدى المسؤولين للاهتمام بحل مشكلة الصرف الصحي خاصة أنه يتم التخلص منها بـ "رشاح" مجاور للعمارات السكنية. مضيفا أنه منذ نحو 7 سنوات ارتفع منسوب مياه البحر بشكل كبير وفطحت خطوط الصرف في المنطقة إلى حد تراكم المياه أمام الباب الرئيسي للمسجد واقتلاعه ما دفع الأهالي لجمع مبالغ مالية بالجهود الذاتية وإنشاء طابق ثان بالمسجد وتخصيصه للصلاة بدلا من الطابق الأول الذي عادة ما تتسرب له مياه الصرف.وأضاف:أن "الجهات المعنية بتوصيل خدمة الصرف وضعت خط صرف رئيسي في المنطقة على أن يتم توصيل الخطوط إلى المنازل وذلك منذ نحو 20 عام دون أن يحدث شيء حتى الآن".
وقالت "أم أمل" إحدى الأهالي: " إحنا حياتنا كابوس بسبب مشكلة الصرف الصحي التي تفاقمت إلى حد اختلاطها بمياه الشرب والتسبب في إصابة الأهالي بكثير من الأمراض مثل الفشل الكلوي والسرطان والحساسية خاصة مع انتشار الحشرات والروائح الكريهية".وأشارت إلى أنها تقيم بالحي منذ نحو 30 عاما بعدما تزوجت وانتقلت مع زوجها للعيش في إحدى الشقق . لافتة إلى أن العمارة السكنية التي تقيم بها بها الكثير من التصدعات في الأساسات والجدران ما أضطرها إلى دهان الشقة أكثر من مرة لإخفاء الشقوق. مضيفة أن جارها بالطابق الأخير اضطر لعمل ترميم لسقف المنزل مرتين. بخلاف شرائم عبوات مبيدات للتخلص من الحشرات والذباب وتصل ثمن العبوة لـ 13 أو 15 جنيه في اليوم الواحد.وتابعت: "الناس هنا كلهم غلابة.. مثلا أنا مطلقة ولدي 4 فتيات تتراوح أعمارهن ما بين " 19 , 25 , 17 , 22 عاما". جميعهم في مراحل التعليم وندفع قيمة وصل الكهرباء 850 جنيه والمياه من 80 لـ 100 جنيه. وأردفت:" عاوزين الحكومة تنر لنا نظرة عطف ويحلوا مشكلة الصرف البيوت لو وقعت علينا هنبقى في الشارع".
وأشار "إبراهيم محمد إسماعيل" 65 عاما أحد الأهالي إلى معاناتهم من مشكلة أخرى وهي عدم توصيل الغاز الطبيعي للحي منذ عام نحو 19 عام وحتى الآن واضطرراهم إلى رفع دعوى قضائية ضد الشركة. وقال: "في عام 2001 جاء بعض العمال وعرفوا أنفسهم أنهم يعملون بإحدى شركات الغاز المتعاقدة مع المحافظة وأن المنطقة من خطة الحكومة لإدخال الغاز الطبيعي وأخبرونا بضرورة دفع اشتراك شهري 30 جنيه في الشهر وبعد مرور عامين لم يحدث شيء . وفي عام 2010 تعاقدت المحافظة مع إحدى الشركات ووقعت الشركة معنا عقد الثلاثي أطرافه "الشركة والمواطن والبنك " لافتا إلى أن البنك كان بمثابة الضامن لهم أمام الشركة لضمان الحصول قيمة الاشتراكات ومستحقاتها أول بأول " مشيرا إلى أن قيمة العقد بلغت 6 آالاف جنيه وبدأت الشركة بالفعل في توصيل خطوط الغاز وبعد أحداث ثورة 25 يناير توقفت الشركة عن العمل وفي مارس 2011 جمعت كافة المعدات وتركت الحي. لافتا إلى أنه عند مطالبة صاحب الشركة لتوصيل الغاز طالبهم بدفع المبالغ كاملة حتى يستكمل العمل إلا أنهم رفضوا وطالبوا بتنفيذ بنود العقد المبرم بينهم واضطروا ففي النهاية لرفع دعوى قضائية ضد الشركة بمحكمة القضاء الإداري بالزقازيق.
ومن جانبه قال مصدر بديوان عام محافظة الشرقية أنه سيتم فحص شكوي الأهالي والعمل على حلها.