«جيل الإغلاق».. جائحة كورونا تفقد العالم 305 ملايين وظيفة فى 3 أشهر
الأمم المتحدة: استمرار فقدان الوظائف يدفع 130 مليون شخص للفقر المدقع
الأزمة تجبر الدول على تغيير استراتيجية التعامل مع سوق العمل
سلبياتٌ عدة خلَّفتها جائحة كورونا نتيجة الإجراءات التى أُجبرت الدول على اتخاذها خلال الشهور القليلة الماضية، ولعل تزايد معدلات البطالة واحداً من أكثر هذه التداعيات صعوبة، وذلك لكونها القناة الرسمية التى يتدفق من خلالها الفقر فى مختلف البلدان، وخاصة الدول النامية.
منظمة العمل الدولية: تداعيات كورونا خلقت فجوات فنية وتعليمية ضخمة فى سوق العمل.. واستمرارها يهدد الجيل الجديد بالكامل
ويأتى ذلك فى الوقت الذى تُحذر فيه منظمة العمل الدولية من تأثير الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا على العامل البشرى وخلق ما يسمى بـ«جيل الإغلاق»، حيث أوضحت المنظمة فى المرصد الأخير أن الأزمة لم تؤدّ فقط إلى فقدان الوظائف، وإنما قامت بصدمة ثلاثية الأبعاد قضت خلالها على فرص التعليم والتدريب، بجانب عرقلة مسيرة الساعين للدخول إلى سوق العمل أو تغيير وظائفهم.
وحسب تقييمات الأمم المتحدة، قد يشهد الاقتصاد العالمى، فى حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة، خلال العامين المقبلين، فقدان ملايين الأشخاص وظائفهم، مما قد يدفع 34.3 مليون شخص إلى الفقر المدقع حتى نهاية العام الجارى، وقد يرتفع هذا العدد بمقدار 130 مليوناً خلال السنوات العشر القادمة.
ورجح غاى رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، أنه فى حالة تقييد طاقات ومواهب الشباب نتيجة نقص الفرص والمهارات، سيؤدى ذلك إلى صعوبة تعافى اقتصاديات الدول بعد انتهاء الأزمة، بل وقد تستمر تداعيات الأزمة على سوق العمل لعقود سيضطر الشباب خلالها لملاحقة متطلبات سوق العمل. ووجَّه المدير العام لمنظمة العمل الدولية بضرورة اتخاذ الدول التدابير اللازمة على وجه السرعة، فى شكل سياسات عاجلة وواسعة النطاق، تركز بشكل أساسى على دعم العامل البشرى لسد الفجوة بين التأخير الذى خلَّفته تداعيات الأزمة واحتياجات سوق العمل الذى تطور بشكل كبير أيضاً بفعل الأزمة ومتطلبات التعايش معها.
وأوضح أن استراتيجية التعامل مع سوق العمل بعد إعادة تشغيل الاقتصاد يختلف من دولة إلى أخرى، حيث تأتى التدريبات واسعة النطاق بفاعلية كبيرة فى البلدان المتقدمة، بينما يختلف الوضع فى الدول متوسطة ومنخفضة الدخل، حيث أشار إلى أن البرامج كثيفة العمالة والضمانات ستكون خير وسيلة للتعامل مع سوق العمل المتضررة بشدة من أزمة كورونا.
أما عن التأثير الفعلى لأزمة كورونا على سوق العمل، فقد أعلنت منظمة العمل الدولية فى مرصدها الأخير عن خسارة العالم نحو 4.8% من ساعات العمل فى الربع الأول من 2020، أى ما يُقدَّر بـ135 مليون وظيفة بدوام كامل، بافتراض 48 ساعة عمل فى الأسبوع وفقاً للمنظمة، ووصل تعداد الوظائف المفقودة خلال الربع الثانى من العام إلى 305 ملايين وظيفة.
أفريقيا تستحوذ على 11% من إجمالى الوظائف المفقودة
وشهدت قارة أفريقيا تفاقماً كبيراً خلال الربع الثانى مقارنة بالربع الأول من العام، وهى الفترة ذاتها التى بدأ الفيروس ينتشر خلالها فى الدول الأفريقية وخاصة شمال القارة، حيث فقدت القارة نحو 35 مليون وظيفة خلال الربع الثانى من 2020، مقارنة بـ6 ملايين وظيفة خلال الربع الأول، وفقاً لبيانات الإصدار الرابع لمرصد منظمة العمل الدولية.
وتُشكل هذه التغييرات تحدياً كبيراً أمام الدولة المصرية التى بدأت بالفعل خطة التعايش وتشغيل الاقتصاد مرة أخرى بعد فترة من الإغلاق الجزئى، والتى أسفرت عن ارتفاع معدل البطالة بـ1.5% خلال شهر أبريل فقط، حيث وصل إلى 9.2% بنهاية الشهر مقارنة بـ7.7% بنهاية مارس، وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
حيث تضع الأزمة صناع القرار وأصحاب الأعمال أمام مفترق الطرق، هل يبدأون من حيث انتهى بهم الطريق خلال محاولات التعايش مع الأزمة، والاعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير فى تشغيل الاقتصاد؟ أم أن الوضع الذى خلَّفته الأزمة من فجوة بين مهارات وتعليم العنصر البشرى ومتطلبات سوق العمل تقتضى الاعتماد على التشغيل كثيف العمالة مع دعم جزئى من الأساليب التكنولوجية؟