باحث أمريكي في مكافحة الإرهاب يكشف عن خلية استخباراتية تابعة لـ"حزب الله" داخل مصر
كشف ماثيو ليفيت، الباحث بمعهد واشنطن، لسياسات الشرق الأدنى، ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب بالمعهد، في مقال مطول، نشره المعهد، أنشطة "حزب الله" خارج لبنان، وهي عبارة عن شبكات استخباراتية كانت تعمل تحت لواء مقاومة إسرائيل، منبثقة عن "الوحدة 1800"، وهي مسؤولة عن تسهيل تسلل عناصر الحزب إلى إسرائيل وجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات، وخطف إسرائيليين، وتجنيد عرب إسرائيليين، وذلك عن طريق "دول الطوق"، وهي مصر والأردن وسوريا، أي الدول التي تحاوط إسرائيل، بعد أن فشلت عدة مساعٍ للدخول إلى إسرائيل وتنفيذ عمليات خارج حدود تلك الدول، وكشف المقال النقاب عن أهم الشخصيات التي كونت الشبكات، ونشاطاتها داخل مصر تحديدًا.
تحت عنوان "رجل حزب الله في مصر"، سرد ماثيو في مقاله، أهم المعلومات عن محمد يوسف منصور، الذي قاد الشبكة المصرية التابعة لحزب الله، وتم تجنيد بالفعل أكثر من مصري بها، لكن المسؤول عنها، وهو منصور، دخل مصر عام 2005 على أنه سامي هاني شهاب، فلسطيني الجنسية يعيش في لبنان، سني المذهب، وليس لبنانيًا شيعيًا، وكان مسؤولًا مع محمد قبلان، عن دعم الحزب داخل مصر، وقيادة الشبكة؛ ومع اغتيال عماد مغنية في فبراير 2008، تعهد نصر الله بالانتقام من إسرائيل، فازدادت نشاطات "1800" في مصر، وكانت تسعى لتنفيذ مجموعة من الهجمات على إسرائيل بالفعل، لكن نشاطاتها اختلفت وبدأت تستهدف أماكن مصرية، بما في ذلك مراقبة المجرى الملاحي لقناة السويس، واستأجر منصور شقة تطل على القناة خصيصًا لهذا الغرض، وفقًا لـ"ماثيو".
وذكر المقال، استنادًا على تقارير رسمية، أن السلطات المصرية لم تكن على علم بوجود هذه العناصر داخل أراضيها، إلا عن طريق "الموساد" الإسرائيلي و"وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، CIA"، حيث أرسلت الجهتان السالف ذكرهما عددًا من التقارير للفت انتباه المخابرات المصرية إلى تلك العناصر، وبالفعل تم القبض علي 26 عنصرًا من 49 من عناصر الشبكة في نوفمبر عام 2008، وتم تحديد هوية محمد منصور، إلا أن عددًا من عناصر الشبكة، مثل محمد قبلان، هرب من البلاد، والآخرين فروا إلى سيناء.
واعترف نصر الله بأن منصور كان رجل الشبكة في مصر، وأن قبلان كان قائدًا عامًا لضمان قوة العنصر المصري في المشهد، ومن خلال التحقيقات المصرية مع تلك العناصر، أوضح المقال، أن الشبكة بالفعل نجحت في العديد من العمليات داخل مصر، منها تسهيل عملية نقل الأسلحة من السودان إلى غزة، كما أنشأ منصور متجرًا في العريش، واشترى شققًا إضافية لاستعمالها كمخابئ آمنة في رفح، كما تم تهريب مقاتلين فلسطينيين من غزة للسفر إلى السودان لتلقي التدريبات والتعليمات على تنفيذ العمليات التفجيرية، واشترى منصور شققًا بالقرب من الحدود المصرية الفلسطينية لتسهيل عملية تهريبهم، وقاموا بالفعل، بتهريب مقاتلين فلسطينيين من مصر إلى عمق إسرائيل.
وكان استهداف السياح الإسرائيليين في مصر، ضمن خطط الشبكة، وخاصة مع اغتيال مغنية، وكانوا يتلقون المساعدة أحيانًا مقدمي برامج قناة "المنار" الفضائية التابعة لحزب الله، فقد تواصل بالفعل أحد المذيعين ناطق باللغة العبرية مع العناصر الإسرائيلية داخل إسرائيل عن طريق الإنترنت، لجمع معلومات عن الأفواج السياحية التي ستزور مصر وسيناء، كما أوضح ماثيو في المقال.
في أبريل 2010، قضت محكمة أمن الدولة طوارئ بالقاهرة، بحبس محمد منصور 15 عاملًا حضوريًا، والسجن غيابيًا مدى الحياة، على ثلاثة عناصر أعضاء في حزب الله، بمن فيهم قبلان، وأحكامًا أخرى تتراوح بين ستة أشهر و15 عامًا، بحق 23 آخرين، ولاذت جميع العناصر التي حكم عليها حضوريًا بالفرار من سجن وادي النطرون في أعقاب الفوضى العارمة التي حدثت للسجون المصرية في ثورة 25 من يناير 2011، كما ذكر المقال، الذي أضاف فيه ماثيو، أن مجموعات بدوية مدفوعة من حزب الله هي من نفّذت عمليات الهروب الممنهجة لأعضاء الحزب من السجن، وعبر منصور حينها من مصر إلى السودان مباشرة.
وختم ماثيو مقاله، مؤكدًا أن حزب الله تتراجع صورته الآن أمام الساحة الدولية بتغيير منهجه، وذلك لأنه يدعم نظام بشار الأسد، ويحارب الشعب السوري إلى جواره، مشيرًا إلى ضرورة ارتكاز الحزب في الفترة المقبلة على أنشطة "الوحدة 1800" للتأكيد على أنه لا يزال يعمل على مقاومة كيان إسرائيل فقط، وليس ميليشيا مستقلة خارج سيطرة الحكومة اللبنانية، تعمل إلى جانب الأسد، أو قوة قتالية طائفية تعمل على تقويض الدولة اللبنانية حسب وصفه.