في ذكري رحيله.. الشعراوي في عيون رجال الدين: إمام الدعوة والتفسير
الشيخ محمد متولي الشعراوي
22 عاما مرت على رحيل العلامة محمد متولى الشعراوى، إمام الدعاة والمفسرين، ومازالت أفكاره وخواطره تحيا بين العوام والمفسرين والمسلمين في بقاع المعمورة.
واحتفلت مجلة "صوت اﻻزهر"، الصادرة عن المشيخة، بالشيخ الشعراوي حيث نشرت عبر بوابة اأزهر، تقريرا حول الشعراوي أكدت أن الشعراوي نقل التفسير من حديث الخواص إلى حديث العوام، وجمع فى خواطره حول القرآن الكريم بين عدة مناهج تفسيرية، بين الموضوعى، والبيانى، والعقلى، والإشارى، انتظره العامة بأسلوبه الشيِّق وربطه فى معالجته لقضايا الواقع بالدقائق العلمية واللطائف التى تذوب لها القلوب والمسامع معا.
كبار العلماء: الشعراوى كان عالما مجددا للدين فى القرن الذى نعيش فيه
وقال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن الإمام الشعراوى كان عالماً مجدداً للدين فى القرن الذى نعيش فيه، وقد وصل إلى آراء لم يسبق إليها أحد من السلف؛ لما يتميَّز به من حفظٍ لكتاب الله، عز وجل، وفهمٍ لمراميه، كما كان مفسرا بالمأثور والرأى العاقل، ما دعا إلى الحرب أو العنف يوما، بل كانت دعوته إلى الفضائل والسلم والسلام، وكان يُنادى بفعل الخيرات وصُنع الجميل مع المسلم وغير المسلم، فكان له أصدقاء كثَّر من غير المسلمين.
وكان على رأس أصدقائه البابا شنودة؛ الذى كان يزوره فى بيته ويمزحان معاً، وكان المسيحيون يستمعون إليه، حيث من كلامه المشهور: "إن لكل دين ثوابته، فلا يجوز لنا أن نعيب ثوابت الآخرين، ولا يجوز لنا كما فعل عمر، أن نكسر صلبانهم ولا كنائسهم، ولا أن نُبدد فى ثوابتهم"، مشدداً على أن الغرب كان يحترم هذا الرجل ويُقدِّره، حيث لم يدع يوماً إلى الإرهاب أو سفك الدماء بل بيَّن أن الذين يستحلون الدماء خالدون فى النار، ففى كتبه وتفسيراته ما وجدناه يوماً لا قارئاً ولا متكلماً ولا كاتباً أى شىءٍ يدعو إلى العنف، فعندما ذهب إلى أسيوط وقف ضده الإخوان، خاصةً عاصم عبدالماجد؛ الذى كان يُريد منه الإرهاب ومحاربة نظام الحاكم، فأقسم الشيخ الشعراوى أنه لم يدخل هذا البلد طالما أن هذه الجماعات فيها.
العواري: صاحب منهج فريد في الدعوة إلى الله
وأوضح الدكتور عبد الفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين، جامعة الأزهر بالقاهرة، أن الشيخ الشعراوى شخصيةٌ علميةٌ أزهريةٌ صُبغت شخصيته بالفكر الوسطى المعتدل، وهو صاحب منهج متفرد فى الدعوة إلى الله، تبارك وتعالى، حيث يصل كلامه إلى جميع قلوب من يستمع إليه من العامة والخاصة، والمتخصصين، وأنصاف المثقفين وغير هؤلاء، ومن يستمع إليه، رحمه الله، أو يقرأ ما كُتب عنه يجد سماحة ويُسر ووسطية الإسلام واعتدال التعاليم والمبادئ والقيم متمثلةً فى كلماته التى خرجت من لسانه، فما رأيناه يوماً ما يُحرِّض على كراهة الآخرين أو يُسفِّه أحلام الآخرين، بل رأيناه ينطلق فى دعوته من خلال المواطنة الحقة؛ التى وضعت الصورة عن الإسلام، وأعطى لجميع من يسكن وطناً واحداً، مساواةً وعدالة فى الحقوق والواجبات، مضيفاً أنه من خلال خواطره الإيمانية حول آيات القرآن الكريم، انطلق يُعلم الناس حقيقة هذا الدين وسماحة هذه الشريعة، مشدداً على أن الذين يُريدون تشويه صورة الشيخ الشعراوى، لا يعرفون جوهره ولا حقيقة دعوته.
فكان يدعو إلى الأخوَّة الإنسانية من خلال قواسم مشتركة، وحارب التطرُّف والإرهاب والأفكار المتطرفة، وكانت له جولات مع العلماء فى تصحيح المفاهيم داخل السجون مع الجماعات الإسلامية.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد الشرقاوى، رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بالزقازيق، أن الشيخ الفاضل عاصر الثورات وما أنتجته من شعارات وفلسفات، ولم يكن يعيش هَمَّ وطنه فحسب، بل كان يعيش هموم الأمة فى كل مكان، وكل هذا انعكس على دروس التفسير، فقاوم من خلالها كثيرا من الفلسفات والأفكار الهدامة كالشيوعية والعلمانية والدعوة إلى القومية، وناقش أصحاب الملل والنِّحل، من اليهود وغيرهم، وانتقل آخر عهده بدروسه التى كان معظمها بالقاهرة إلى المساجد الكبرى فى المحافظات، فلقيت إقبالاً كبيراً من الجماهير على اختلاف مشاربهم، فجلس أمامه سائر فئات المجتمع.