«الوطن» تقضى الليلة الرابعة مع المعلمين المعتصمين
دخل اعتصام المعلمين أمام مجلس الوزراء يومه الخامس، وسط تهديدات بخطوات تصعيدية ضد الدكتور إبراهيم غنيم، وزير التربية والتعليم، وحكومة الدكتور هشام قنديل. إذ افترش المعلمون رصيف المجلس الذى يقضون عليه ليلهم ونهارهم منددين بتجاهل «مطالبهم المشروعة»، على حد قولهم.
وبدا الحزن والقلق ظاهراً فى أعين المعتصمين، وأكد بعضهم أنهم «صعبت عليهم أنفسهم» من عدم وجود أى خطوات جادة من قبل الحكومة، للنظر بعين الاعتبار إلى مطالبهم فى زيادة الرواتب، إلا أن البعض منهم ما زال لديه الأمل فى الوصول إلى «أقل شىء يرضى كرامة المعلم ويحقق له العيش الكريم».
«الوطن» عاشت تفاصيل اللية الرابعة للمعلمين أمام مجلس الوزراء، حيث تجمعوا فى حلقات نقاشية على مدار ساعات الليل، للحديث حول إمكانية التصعيد والخطوات المتبعة للوصول إلى حل مع الحكومة.
وظهرت اقتراحات عديدة من المعلمين الوافدين للاعتصام من كل المحافظات، فأبناء البحيرة طلبوا البدء فوراً فى خطوات جادة للانتهاء من الأزمة التى تتزامن مع بدء العام الدراسى الجديد، والمهدد بالتعطيل بسبب اعتزامهم الإضراب عن التدريس، وهم من وصفتهم الوزارة ونقيب المعلمين الدكتور أحمد الحلوانى بأنهم «قلة لن تؤثر على بدء العام الدراسى».
وتتساءل إحدى المعلمات، وقد بدا عليها الإرهاق الشديد بعد يوم شاق من المهاترات والهتافات ومعها ابناها «من يحقق لنا مطالبنا بعد تجاهل الحكومة لنا؟ لا بد من مقابلة الرئيس مرسى حتى نحصل على مطالبنا فلسنا أقل من الفلاحين الذين قابلهم الرئيس».
ويقول أحمد جمال، معلم بإحدى مدارس الجيزة، «إن الكادر الذى أقرته الحكومة غير مجدٍ ولن يرضى طموحات المعلم، لذلك فإن مسلسل الدروس الخصوصية سيظل مستمراً وستظل العملية التعليمية فاسدة ولن يتغير الحال».
وبعد مناقشات مستفيضة حول ما ينبغى عمله، جمع الدكتور محمد زهران، نقيب المعلمين بالمطرية، المعتصمين للحديث معهم حول وجهات نظرهم فى الموقف القائم، فى حضور أيمن البيلى، نقيب المهن التعليمية.
واستعرض زهران، المضرب عن الطعام منذ الاثنين الماضى، مع العشرات من المعتصمين إمكانية تنطيم مؤتمر صحفى، يُدعى إليه الصحفيون من كل الصحف المصرية والقنوات الفضائية، للتصعيد ضد الحكومة وتعريف الناس بحقوق المعلمين المشروعة.
واختلف المعلمون حول اليوم المقرر لعقد المؤتمر، إذ اقترح البعض إقامته اليوم، بحيث يضم أكبر عدد من المتظاهرين، ولكن البعض الآخر فضل إقامته غداً.
ودعا الدكتور زهران المعلمين إلى مظاهرة حاشدة، عقب صلاة الجمعة، بحضور آلاف المعلمين من مختلف المحافظات، مثلما حدث الاثنين الماضى، وهو ما وافقه عليه الجميع.
ومن جانبه، طالب محمد إبراهيم، أحد المعلمين المعتصمين، بإقرار عقوبة الحبس 3 سنوات والغرامة لأى معلم يثبت تورطه فى إعطاء دروس خصوصية للطلاب، وذلك بعد إقرار الكادر المالى الذى يطالب به المعلمون، وهو 1200 للمعلم الذى مر على تعيينه 5 أعوام، و1500 جنيه للمعلم الذى مر على تعيينه 10 أعوام، و2000 جنيه للمعلم الذى مر على تعيينه 15 عاماً، بزيادة 500 جنيه كل 5 سنوات، بحيث يكون المعلم الذى مضى على تعيينه 25 عاماً راتبه 3000 آلاف جنيه.
الأمن، من جهته، بدا متعاوناً بشكل كبير مع المعلمين، حيث تحدث اللواء المسئول عن تأمين محيط مجلس الوزراء إليهم، فأكدوا له أنهم «مثقفون»، وعلى درجة من الوعى، ولن يقوموا بأى أعمال شغب أو تخريب، وهو ما حياهم عليه اللواء، مؤكداً لهم بدوره أن مطالبهم مشروعة، وحقهم فى التظاهر السلمى مكفول.
وقسم المعتصمون أنفسهم إلى مجموعات، بعضهم يسهر للتأمين والبعض الآخر ينام، بالتبادل، على الرغم من وجود تأمين جيد من قبل قوات الأمن المركزى الموجودة فى محيط مجلس الوزراء.
وانضم للإضراب عن الطعام 3 معلمين آخرين، ليصل عدد المضربين عن الطعام إلى 10 أشخاص، نُقل منهم معلم يدعى رفعت السنوسى إلى مستشفى قصر العينى، بعد إصابته بإغماء وهبوط حادة فى الدورة الدموية، وهو ما أثار غضب المعلمين.
ويقول جمال شعبان، معلم بإدارة شرق مدينة نصر التعليمية، إن العملية ليست عناداً، حسب تعبيره، «وإنما نحن نريد تعليماً جيداً لأبنائنا وبناتنا، على أساس ثابت وقوى، حتى يصبحوا ذوى شأن عظيم ويتقدموا بمجتمعنا»، لافتاً إلى أن «المعلمين لا يريدون أن ينشغل ذهنهم بأى شىء سوى العملية التعليمية، وأنه لا بد أن نحقق للمعلم كرامته حتى يكون شغله الشاغل هو الارتقاء بالمستوى التعليمى لطلابه، والكادر الذى أقرته الحكومة معناه زيادة رواتبنا 180 جنيهاً فقط بعد الضرائب والاستقطاعات، لذلك فإن تظاهرنا لم يكن من فراغ، ولكن بعد أن فاض بنا الكيل».
ويضيف «حتى بعد أن تتحقق الزيادة بنسبة 100% فلن نحصل إلا على 360 جنيهاً زيادة، فهى لا قيمة لها، فماذا يفعل هذا المبلغ فى ظل الغلاء الفاحش الذى نعيشه الآن؟ فمندوب الشرطة يحصل على أكثر من ضعف راتب المعلم، وأيضاً الساعى فى وزارة البترول يحصل على 10 أمثال راتب المعلم، فهل الساعى أهم من المعلم الذى يربى أجيالاً؟ إذا أردت أن تنمى دولة فاجعل لمعلمها كرامة».
ومن جهته، قال خالد العمدة، المتحدث الإعلامى لحركة «المعلم المصرى»، «إن المعلمين لن يصمتوا كثيراً، وسيكشرون عن أنيابهم قريباً إذا ظلت الحكومة تتجاهل مطالبهم»، واصفاً الحكومة بأنها «تعمل بتوجيهات من جماعة الإخوان وأنها لن تحقق طموحات الشعب المصرى»، حسب قوله.
وظهرت بعض الأحزاب على الساحة، إذ أوفد حزب «الوفد» مندوباً عنه لمتابعة الموقف والوقوف على مطالب المعلمين، وأحضر لهم وجبات عشاء وأكثر من 400 سندوتش، بالإضافة إلى بعض البطاطين والخيام، مؤكداً تضامن الدكتور السيد البدوى رئيس الحزب معهم ومع مطالبهم المشروعة.
وفى هذا الشأن، قال حسن أحمد، رئيس «نقابة المعلمين المستقلة»، «إن أصحاب المدارس الخاصة، ومن بينهم الدكتور أحمد الحلوانى نقيب المعلمين، يرفضون فكرة الكادر الذى طرحناه لأنهم يمتلكون العديد من المدارس الخاصة، وهذا سيكلفهم الكثير فى حالة إقرار الكادر الذى نطالب به»، مشيراً إلى أن «كل الخطوات التصعيدية مطروحة خلال الأيام المقبلة، حتى نحصل على مطالبنا فى زيادة الرواتب، وإقرار الكادر الذى يتناسب مع المعلم».
وعلى الرغم من أن خطوات قليلة تفصلهم عن مكتب رئيس مجلس الوزراء، إلا أن المعتصمين يفضلون التفاوض بشكل سلمى دون حدوث احتجاجات أو مشاحنات، لافتين إلى أنه «يكفى أن يرى أى ضيف يأتى لزيارة مصر اعتصامهم أمام مجلس الوزراء، فهو فضيحة للحكومة أمام الجميع».
أخبار متعلقة:
مصر فى «حالة إضراب»
العاملون فى محطة غاز طلخا يواصلون الإضراب والخسائر 300 ألف أنبوبة
الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم يتحدث لـ«الوطن» عن «ثورة المعلم»: لدينا خطط بديلة لمواجهة الإضراب.. وخصم رواتب المعلمين المحتجين
عمال «النقل العام» يبدأون إضراباً جزئياً السبت.. وكلياً الأحد لنقل تبعيتهم لوزارة النقل
«الجامعات» تدخل على خط الإضرابات.. وتهديدات بعدم استقبال الطلاب الجدد مع بداية العام الدراسى
عمال «جابكو» يهددون بالاعتصام أمام «البترول» اعتراضا على تعيين عمال «إبسكو»
الأطباء يستعدون لإضراب أكتوبر لإقرار «الكادر» وتأمين المستشفيات ورفع ميزانية الصحة لـ15%
«الوطن» ترصد تفاصيل 15 ساعة حصار لـ«كهرباء النوبارية» بالبحيرة