نور الهدى.. فنانة عاشت المجد وحاصرتها الضرائب
أثنى عليها موسيقار الأجيال واكتشفها يوسف وهبي
نور الهدى
"فضلت أستنى قربه وأخلص إليه في الغياب، ولما أشوف نفسي جنبه أنسى ليالي العذاب"، كلمات تغنت بها الفنانة اللبنانية نور الهدى، وتعد ملخصًا لمشوارها الفني القصير بمصر، والذي بدأ بفيلم جوهرة عام 1943، وانتهى بفيلم حكم قراقوش عام 1953، وحتى رحيلها في مثل هذا اليوم 9 يوليو من عام 1998.
في 24 ديسمبر من عام 1924، ولدت بتركيا الطفلة ذات الأصول اللبنانية الكسندر نقولا بدران، بدأت موهبتها منذ نعومة أظافرها، حيث أهلتها طبقات صوتها القوية من المشاركة في التراتيل بالكنيسة.
وأثناء زيارة الأسرة إلى لبنان، وتصادف وجود الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي أثنى على الصغيرة التي استمع إليها وهى تنشد قصيدة "يا جارة الوادي" لأمير الشعراء أحمد شوقي، دون أن يدري كلاهما، أن الطفلة ستقف أمام موسيقار الأجيال يومًا ما، وذلك عام 1946، من خلال فيلم لست ملاكًا، بل ويتشاركان سويًا في دويتو غنائي من كلمات الشاعر حسين السيد "شبكوني ونسيوني قوام، وفاتوني ولا حتى سلام، يا خسارة عِشرة الأيام".
وكانت الانطلاقة الأولى لـ "ألكسندر" من خلال يوسف بك وهبي، الذي آمن بموهبتها، واختار لها اسمًا فنيًا يلازمها طيلة مشوارها وهو "نور الهدى"، لتقدم معه في بدايتها فيلمي جوهرة عام 1943، وبرلنتي عام 1944، وقدمت عددا من الأغنيات حملت توقيع أحمد رامي، وبيرم التونسي، وبديع خيري، وألحان رياض السنباطي، محمد القصبجي، فريد غصن، وجميعها أمور أشارت إلى مولد نجمة جديدة في عالم الفن والغناء، وسط عمالقة الفن في هذا التوقيت أمثال أم كلثوم، وليلى مراد.
ونجحت نور الهدى، في تكوين ثنائي ناجح مع الموسيقار محمد فوزي، من خلال تقديم نحو 4 أفلام، بدأتها بفيلم مجد ودموع عام 1946، و قبلني يا أبي عام 1947، و نرجس عام 1948، وغرام راقصة عام 1950، وقدما سويًا عددًا من الأغنيات، منها "هغني، أنا مش حلوة، عايز أقولك، أوبريت ألف ليلة وليلة".
وعام 1951، قدمت نور الهدى، فيلم شباك حبيبي، مع أنور وجدي، والمطرب عبدالعزيز محمود، وقدمت من خلاله عددا من الأغنيات، منها ما يحمل اسم الفيلم نفسه "شباك حبيبي".
"إن جيت للحق أنا زعلانة، واخدة على خاطري وغضبانة، ده أنا قلب وروح، أنا إنسانة"، كلمات غنتها نور الهدى أمام الموسيقار فريد الأطرش، الذي قدمت معه عام 1952، فيلمي عايزة اتجوز، وماتقولش لحد، وقدمت معه ومن خلاله أشهر أغنياتها مثل "يا ساعة بالوقت اجري، ماتقولش لحد، مالكش حق، وأوبريت قمر الزمن".
ومن أشهر القصائد والموشحات التي نجحت نور الهدى في تأديتها، "ياجارة الوادي، تباركت يارب من خالق، يارب سبح بحمدك كل شئ، لما بدا يتثنى، هل هلال العيد"، ومن أفلامها "الأنسة بوسة، أميرة الأحلام، حياة حائرة، الشرف غالي، المستقبل المجهول".
وبالرغم من تألق نورالهدى فنيًا، إلا أن مشوارها كان قصيرًا لم يسفر إلا عن مايقرب من 25 فيلمًا فقط، بعد أن قررت العودة إلى لبنان بعد أخر أفلامها حكم قراقوش عام 1953 أمام زكي رستم، بعد أن حاصرتها الضرائب، ولم تساندها نقابة الموسيقيين وقتها بل قررت منعها من الغناء في الحفلات، وأن يقتصر غناءها في السينما فقط، الأمر الذي شكّل عبئًا عليها، ورغم شهرتها وقتها، إلا أنها لم تحقق ذات النجاح على أرض لبنان، وقدمت أعمالًا لم تحقق أية أرباح من ورائها، لتنزوي بعيدًا، حتى رحيلها في مثل هذا اليوم 9 يوليو من عام 1998.