كيفين كارتر.. مصور صحفي قادته جائزة بوليتزر للانتحار بسبب صورة عن الجوع
كارتر قرر الانتحار لأن "ألم الحياة يفوق متعتها بكثير"
كيفين كارتر
على الرغم من حصوله على واحدة من أرفع الجوائز الصحفية في العالم وهي جائزة بوليتزر، إلا أنها كانت سببا في انتحاره في مثل هذا اليوم قبل 26 عاما، لاسيما وأن "كيفين كارتر" حصل عليها بسبب صورته عن مجاعة 1993 في السودان لطفل لم يستطع التحرك من الجوع بينما يترقبه نسر لالتهامه.
وكيفين كارتر مولود في 13 سبتمبر عام 1960، بمدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، وتوفي في مثل هذا اليوم 27 يوليو 1994، وكان مصورا صحفيا، وبحسب ما نشر عنه أيضا فقد نشأ في حي لعائلات الطبقة المتوسطة، والبيض فقط.
عندما كان طفلاً كان يرى في بعض الأحيان غارات الشرطة لاعتقال السكان السود الذين كانوا يعيشون في تلك المنطقة، نسب لكارتر قوله بأنه كان يتسائل كيف لوالديه، وهما من عائلة كاثوليكية، "ليبرالية" أن يكونا كما وصفهم "متقاعسين" عن القتال ضد الأبارتايد.
بعد المدرسة الثانوية، ترك كارتر دراسة الصيدلة في الجامعة وتم ضمه إلى الجيش بقسم القوات الجوية، وفي 1980 شهد نادلا "أسود" يتعرض للإهانة في قاعة الطعام، فدافع عن الرجل مما أدى إلى تعرضه للضرب بشدة من قبل المجندين الأخرين. بعد ذلك ترك الجيش بدون إذن محاولاً البدء بحياة جديدة كدي جي في إحدى محطات الراديو تحت اسم "ديفيد"، غير أن هذا الأمر اتضح بأنه أصعب مما كان متوقعا، وبعد فترة وجيزة، عاد كارتر من أجل إنهاء فترة الخدمة العسكرية المطلوبة.
بعد أن شهد تفجير شارع الكنيسة في بريتوريا عام 1983، قرر كارتر أن يصبح مصورا صحفيا للأسبوعيات الرياضية 1983، وفي 1984 انتقل للعمل في صحيفة "جوهانزبرغ ستار Johannesburg Star" مصرا على فضح وحشية سياسة الاضطهاد والفصل العنصري الأبارتايد، كما كان كارتر أول من قام بتصوير أسلوب الإعدام علنا بالحرق في جنوب أفريقيا بأواسط الثمانينيات، وكان الضحية الذي التقط له الصور يسمى "ماكي سكوزانا" والذي اتهم باقامة علاقة مع زوجة ضابط شرطة.
قام كارتر برحلة إلى السودان مع زميله جواو سيلفا، حين كان بقرية "أيود" سمع صوتا ضعيفا لأنين طفلة صغيرة هزيلة، كانت الطفلة قد توقفت عن الزحف لبرهة وهي في طريقها إلى مركز لتوزيع الطعام، فيما كان يتحضر لالتقاط الصور حط نسر بقربها، ذكر كارتر لاحقاً أنه انتظر نحو 20 دقيقة آملاً أن يفرد النسر جناحيه من أجل أن يلتقط أفضل صورة ممكنة، لكنه لم يفعل.
بعد أن التقط الصورة قام بطرد النسر بعيداً، وشاهد الطفلة تستكمل زحفها نحو المركز. وقال كارتر بأنه التقط الصورة، لأن عمله هو "التقاط الصور" فقط ومن ثم المغادرة. تم إخبار كارتر مسبقاً بعدم لمس الأطفال وذلك بسبب الأمراض المعدية.
بيعت الصورة لصحيفة نيويورك تايمز حيث عرضت للمرة الأولى في 26 مارس، 1993 ونشرت في عدد كبير من الصحف الأخرى حول العالم. قام المئات من القراء بالاتصال بالجريدة لمعرفة ماذا حل بالطفلة الصغيرة، أفادت الصحيفة لاحقاً أنه من غير المعروف إذا ما وصلت الطفلة إلى مركز لتوزيع الطعام.
في 12 أبريل، 1994 قامت نانسي بورسكي محررة الصور الأجنبية في نيويورك تايمز بمهاتفة كارتر لاعلامه بنيله أرفع جائزة في التصوير الصحفي وهي جائزة بولتزر للصورة إحدى جوائز بولتزر. قام كيفين بالانتحار بعد 3 أشهر من تسلمه الجائزة.
وفي 27 يوليو 1994 قاد كيفين كارتر شاحنته إلى قرب نهر برامفونتاينسبروي، وهو نهر صغير يقطع الضواحي الشمالية لمدينة جوهانسبرغ وهي منطقة اعتاد أن يلعب فيها حين كان طفلا صغيرا، هناك قرر الانتحار عبر توصيله العادم إلى داخل الشاحنة مشغلا المحرك، حيث توفي متسمما بأول أكسيد الكربون عن عمر ناهز 33 عاما.
وفيما يلي أجزاء من رسالة انتحار منسوبة لكارتر نصت على الآتي:
"أنا آسف جدا جدا لكن ألم الحياة يفوق متعتها بكثير لدرجة أن المتعة أصبحت غير موجودة، أنا مكتئب، بدون هاتف، مال للإيجار، مال لإعالة الطفل، مال للديون، مال !!!، تطاردني ذكريات حية من عمليات القتل والجثث والغضب والألم، لأطفال يتضورون جوعاً أو جرحى، من المجانين المولعين بإطلاق النار، أغلبهم من الشرطة، من الجلادين القتلة، ذهبتُ للانضمام إلى كين إن كنت محظوظاً لتلك الدرجة".