ذبح أضحية العيد: عندما تكون الفرحة حاضرة في عيون الجميع
"محمد": مشهد بنستناه من السنة للسنة وبتبقى أحلى حاجة في العيد
ذبح الأضحية بمشاركة كل أفراد الأسرة من أبزر مظاهر العيد
فرحة بدت واضحة في عيون جميع الواقفين أمام المنزل، صاحَبها حركة في المكان تزداد شيئَا فشيئَا، ومن الداخل، كان خوار العجل يتردد صداه في الأرجاء كالنحيب دون توقف، وكأنه يعلم أنها لحظاته الأخيرة، من الخارج دخل إليه العشريني "محمد رأفت"، وأخذ يربت على ظهره مرة بعد أخرى في محاولة لتهدئته، الأمر الذي أجدى نفعًا بعض الشيء.
خرج "محمد" مرة أخرى إلى الشارع، وقد اكتمل العدد المنتظر لبدء عملية الذبح، شركاؤه الثلاثة في الأضحية، وأسرهم من السيدات والأطفال، جاءوا جميعهم لرؤية هذا المشهد السنوي المبهج بالنسبة لهم: "مشهد بنستناه من السنة للسنة، وبتبقى أحلى حاجة في العيد وبعدها العيد يعتبر خلص"، يقولها "محمد" الذي قرر هذا العام أن يذبح أضحيته بنفسه لما له من خبرة في هذا المجال.
ازدادت الحركة والتف "محمد" وإخوته وبعض أصدقائه حول الأضحية، وفي يديه حبلا غليظا يجهزه لربط أقدام العجل في بعضها البعض استعدادًا لطرحه أرضًا، حيث المرحلة الأهم والأخطر في عملية الذبح: "لو اللي واقفين مش واخدين بالهم أو مش مركزين العجل ممكن يعوّر حد، خاصة لو وقع وقام تاني، عشان كده لازم الكل يكون صاحي"، بالفعل شد الواقفون أقدام العجل بعد أن ربطها "محمد" جيدًا، ليهوى بجسده على الأرض، وفوقه قفز جميع الحاضرين، في لحظات معدودة أخرج خلالها "محمد" سكينه قبل أن يجلس على رقبة العجل ويحركها إلى الخلف فيفصلها عن جسده محدثًا حوله بركة من الدماء.
لحظات ما بعد الذبح كانت مليئة بالمرح المتبادل بين جميع الواقفين، هذا يضع يديه في الدماء، وهذه تلتقط بعض مشاهد بهاتفها المحمول، وآخرون يستعدون بالسكاكين والسواطير لبدء عملية سلخ العجل وتقطيعه: "كلنا بنشارك، اللي بيعرف يعمل حاجة بيعملها، وأنا وأخواتي عشان لينا خبرة بنتولى موضوع السلخ والتشفية".
ساعتين أو أكثر قليلا، لم يتوقف خلالهما "محمد" ومن حوله، كل يقوم بما يستطيع القيام به، ومن حولهم الأطباق الكبيرة، التي أخذت تمتلأ واحدًا تلو الآخر، هذا مخصص للدهون والكبد، وذاك توضع فيه اللحوم بعد تشفيتها، وثالث للعظام، بينما قبعت رأس العجل المفصولة عن جسده في ركن بعيد، يحملها بعضهم من حين إلى آخر لالتقاط صور تذكارية معها لهذا اليوم.
انتهت عملية الذبح، ونحّى "محمد" سكاكينه جانبًا، ورغم الإنهاك الذي كان واضحًا عليه وعلى جميع الواقفين، إلا أن ذلك لم يخرجهم من حالة البهجة تلك، التي كانوا يعيشونها منذ البداية، قبل أن يتفرق كل في اتجاه مختلف على أمل لقاء آخر بعد بضع ساعات، للبدء في عملية توزيع لحوم الأضحية.