"القبس" في الذكرى 30 للغزو العراقي: الكويتيون أشد عزيمة لتخطي المحن
صدام حسين
حلت اليوم، ذكرى مرور 30 عاماً على الغزو العراقي لدولة الكويت التي يستذكرها الكويتيون هذا العام، وهم أشد عزيمة على تخطي المحن وآخرها حاليا مشاركتهم العالم التصدي لجائحة كورونا المستجد "كوفيد-19".
وقالت صحيفة "القبس" الكويتية في تقرير على موقعها الإلكتروني، اليوم، تستعيد الكويت في ذكرى الغزو الغاشم صفحات مؤلمة من تاريخها لا يمكن نسيانها لكنها في الوقت نفسه تضرب أروع الامثلة في التعالي على الجروح والتسامح ومد يد التعاون مع العراق الشقيق.
وتعتبر زيارة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى العراق في 19 يونيو عام 2019 دليلا دامغا على النوايا الكويتية النبيلة وخطوة صادقة نحو تعزيز الاتفاقيات السابقة بين البلدين وحل ما تبقى من أمور عالقة وتذليل العقبات أمام التعاون الثنائي في العديد من المجالات.
وأوضحت "القبس": "اليوم وبعد مرور 30 عاماً على الغزو تعود ذكريات تلك الفترة السوداء من تاريخ المنطقة إلى الأذهان عندما قام النظام العراقي السابق فجر الثاني من أغسطس عام 1990 بإعطاء الأوامر لقواته العسكرية بدخول الأراضي الكويتية واحتلالها في محاولة منه لإسقاط الشرعية عن قيادتها وطمس سيادتها وهويتها المستقلة".
ومنذ اللحظات الأولى لاجتياح القوات العراقية الغازية أرض الكويت المسالمة، أعلن المواطنون رفضهم للعدوان السافر بل وقف أبناء الكويت في الداخل والخارج إلى جانب قيادتهم الشرعية صفا واحدا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته معلنين عصيانهم ورفضهم لجميع الأوامر الصادرة عن سلطات الاحتلال متحملين بذلك الرفض كل صنوف التعذيب والاضطهاد.
وأشارت الصحيفة الكويتية، إلى أنه مع هذا الصمود الكبير من الكويتيين عمد النظام العراقي حينها إلى استخدام جميع وسائل التخويف والتعذيب والسجن والاعتقال كما لجأ إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة إذ أحرق 752 بئراً نفطية وقام بحفر الخنادق التي ملأها بالنفط والألغام لتكون في وقت لاحق من فترة الغزو حدا فاصلا بين قواته وقوات التحالف.
وفي المقابل لم يقف المجتمع الدولي صامتا أمام هذا الحدث الجلل بل أدان جريمة النظام العراقي السابق في حق الكويت وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارات حاسمة بدءاً بالقرار رقم 660 الذي طالب النظام العراقي حينها بالانسحاب فورا من الكويت إضافة إلى حزمة قرارات أصدرها المجلس تحت بند الفصل السابع من الميثاق والقاضية باستخدام القوة لضمان تطبيق تلك القرارات.
وصدرت الكثير من المواقف العربية والدولية التي تدين النظام العراقي السابق وتطالبه بالانسحاب الفوري من الأراضي الكويتية وتحمله المسؤولية عما لحق بالكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه.
واستذكر الكويتيون، خلال تلك الفترة، الإدارة الحكيمة للأمير الراحل جابر الأحمد الجابر الصباح، والأمير الراحل سعد العبدالله السالم الصباح، وأمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية فضلا عن التأييد الشعبي لا سيما من أبناء الكويت الصامدين في الداخل والذي كان له الدور البارز والكبير في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير البلاد من براثن الغزو العراقي.
وأدى أمير البلاد صباح الأحمد، في ذلك الوقت دوراً كبيراً في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية مستندا في ذلك إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة وأثمرت تلك الجهود كسب الكويت مساندة عالمية وأممية لم يسبق لها مثيل من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي وإصرارها على دحر المعتدي وتحرير الكويت.
وعقب تحرير البلاد من براثن الاحتلال وعودة الشرعية ارتكزت السياسة الخارجية لدولة الكويت تجاه العراق وتحديدا خلال الفترة بين عامي 1990 و2001 إلى ثوابت قائمة على أساس القرارات الدولية الشرعية الصادرة عن مجلس الأمن التي صدرت أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقي بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991.
وتابعت "القبس" الكويتية قائلة: "ارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق طوال تلك الفترة حتى عام 2003 الى نقطتين مهمتين هما أن النظام العراقي السابق لا يمكن الوثوق به والتعامل معه وأن الشعب العراقي مغلوب على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم وقتها".
ووقفت الكويت إلى جانب الشعب العراقي باعتباره شعباً عربياً مسلماً ترتبط معه بروابط الجوار والدين والدم وقال أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح في تلك الفترة: "نحن نفرق جيداً بين النظام والشعب ولا يسعنا إطلاقاً أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر"، مؤكدا أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خصوصا للنازحين من الشمال والجنوب العراقي.
واستنادا إلى تلك المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعبا فقد انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993، كما بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتي وبتوجيهات من أمر البلاد بإرسال مساعداتها إلى لاجئي العراق في إيران منذ أبريل عام 1995 حرصا من الصباح، على الوقوف في صف الشعب العراقي في كل الأوقات بإنسانية ومحبة واحترام.
وقدمت الكويت عقب حرب تحرير العراق عام 2003 العون والإغاثة إلى اللاجئين في هذا البلد حتى أصبحت الكويت اليوم من أكبر المانحين له كما تبرعت في أبريل 2008 بمبلغ مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم عملياتها في مساعدة اللاجئين العراقيين بهدف تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم من غذاء ومأوى وصحة وتعليم.
أما في نوفمبر عام 2010، أعلنت الكويت تقديم مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمساعدة النازحين داخل العراق ومن اضطرتهم الظروف والأوضاع الأمنية إلى النزوح إلى أماكن أخرى.
ومع تزايد أعداد النازحين داخل المدن العراقية وتدهور أوضاعهم نتيجة للصراع الدائر في العراق، قدمت الكويت في 11 يوليو 2014، تبرعاً سخياً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة يقدر بـ3 ملايين دولار لعملياتها الإنسانية بالعراق كما قدمت في عام 2015 مبلغاً وقدره 200 مليون دولار لإغاثة النازحين هناك أيضا.
وقامت الكويت ممثلة في جمعياتها الخيرية قبيل حلول شهر رمضان 2016 بتقديم أكثر من 12 ألف سلة غذائية على الأسر النازحة في إقليم كردستان العراق في حين وزع الهلال الأحمر الكويتي عام 2018 نحو 40 ألف سلة غذائية على العائلات النازحة في مدن الإقليم.
وتعهدت الكويت في يوليو 2016 بتقديم مساعدات إنسانية للعراق بقيمة 176 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي عقد برعاية دولة الكويت ودول أخرى في واشنطن ما لقي إشادة من مجلس الأمن بما تقدمه الكويت من دعم مستمر لتحقيق الاستقرار في العراق.
وتماشيا مع مبادئها في دعم الأشقاء وترجمة حقيقية لتسميتها من منظمة الأمم المتحدة "مركزا للعمل الإنساني"، فقد استضافت دولة الكويت في فبراير 2019 مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار العراق وذلك بعد إعلان الحكومة العراقية تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي في يوليو 2017.
وحصل المؤتمر على تعهدات من الدول والجهات المشاركة بإسهامات قدرها 30 مليار دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية وتبرعات لمساعدة الشعب العراقي في تجاوز محنته لاسيما بعد معاناته الكثير من الحروب التي وقعت على أرضه.
ويأتي هذا العطاء من دولة الكويت انطلاقاً من القيم الانسانية التي جبلت عليها قيادة وشعبا منذ مئات السنين فأياديها البيضاء وصلت الى أصقاع العالم وهي لن تتوانى عن مدها الى أقرب الشعوب إليها وهو الشعب العراقي الشقيق.