رجال الأعمال يعاقبون الحكومة على «ضريبة الأرباح» والبورصة تواصل نزيف الخسائر وتفقد 16 ملياراً
شهدت جلسة تداولات البورصة، أمس، تعاملات عقابية ضد الحكومة لإصرار وزير المالية على فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية للبورصة، وتعرضت مؤشرات السوق لانهيار حاد متأثرة بموجات بيع جماعية من جانب المستثمرين العرب والأجانب والمصريين، وفقد رأس المال السوقى لأسهم الشركات المقيدة أكثر من 16 مليار جنيه، ووفقاً للقانون المنظم للتداولات فى بورصة مصر قررت إدارة البورصة وقف التداول لمدة نصف ساعة أمس، عقب تفاقم الخسائر عند مستهل التعاملات لتتجاوز نسبة الـ5% التى ينص عليها القانون، ووصلت الخسائر إلى 19 مليار جنيه، ثم تقلصت بعد استئناف التداول إلى 16 مليار جنيه. ووصف أحمد يونس، رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، ما يحدث فى البورصة المصرية عقب وقف التداول بـ«مسلسل الغباء أو الإفساد»، محملاً وزير المالية مسئولية خسائر البورصة، لافتاً إلى أن قرار الوزارة بفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة تهدف الحكومة من ورائه لتمويل عجز الموازنة، مشيراً إلى أن هدف فرض الضرائب يجب أن يكون لتوجيه الاقتصاد وليس للتمويل.
وأضاف «يونس»، لـ«الوطن»، أن البورصة أداة تمويل للشركات، وقودها المستثمرون، فى ظل إحجام البنوك عن التمويل والإبقاء على سندات الحكومة، لذلك عندما نتخذ قراراً لحرق هذا الوقود، فنحن إذن لا نبحث عن تنمية، وأصبحنا كلما تقدمنا خطوة إلى الأمام نرجع عشر خطوات إلى الخلف. وأشار إلى أن ما حدث بجلسة تداولات البورصة أمس، يعد إجراءً عقابياً من جانب المستثمرين المصريين والعرب والأجانب رداً على إصرار الحكومة على تمرير قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية، لافتاً إلى أن ذلك تراجع تاريخى يشعل الصراع بين رجال البيزنس والحكومة بسبب تلك الضريبة.
من جهة أخرى، أحال مجلس الوزراء النسخة النهائية من مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل رقم «91 لسنة 2005»، وقانون ضريبة الدمغة رقم «111 لسنة 1980» إلى رئيس الجمهورية، أمس، بعد أخذ رأى الهيئة العامة للرقابة المالية ومراجعته من قبل مجلس الدولة. وقال بيان للبورصة المصرية، أمس، إن أهم ما تتضمنه التعديلات المقترحة إلغاء رسم الدمغة المفروض حالياً على تعاملات بيع وشراء الأوراق المالية، وأن تفرض ضريبة على ناتج التعامل المقيمين وغير المقيمين على الأوراق المالية المقيدة فى البورصة بواقع 10% من صافى ربح المحفظة أياً كانت نسبة الملكية وذلك على الأرباح المحققة فقط، وتتم المحاسبة فى آخر كل سنة، وترحل الخسائر المحققة للمقيمين حتى 3 سنوات».
وأضاف البيان أن التعديلات تضمنت أيضاً تحديد الأرباح الرأسمالية على الأوراق المقيدة بالبورصة، على أساس: «إذا كانت الورقة تم شراؤها قبل تاريخ العمل بالقانون يتم تحديد الأرباح الرأسمالية على أساس تكلفة الاقتناء أو سعر الإغلاق، أيهما أعلى، مما يعنى أن الأرباح الرأسمالية التى تتحقق قبل تاريخ العمل بالتعديلات لن تخضع للضريبة. وإذا كانت الورقة تم شراؤها بعد تاريخ العمل بالقانون فيتم تحديد الأرباح الرأسمالية على أساس الفرق بين سعر البيع وتكلفة الاقتناء. أما الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل على أسهم الشركات غير المقيدة فتستمر معاملتها الحالية بدخول الربح فى الوعاء الضريبى للمكلف، وتفرض ضريبة على التوزيعات النقدية بواقع 10%، وتنخفض إلى 5% للمساهم الحائز على 25% فأكثر من رأسمال الشركة، ويحتفظ بالسهم لعامين على الأقل، وذلك تشجيعاً للاستثمار المباشر. ويخصم للأشخاص الطبيعيين المقيمين 10 آلاف جنيه من إجمالى التوزيعات التى يحصلون عليها، وذلك قبل حساب الضريبة، ولا تخضع الأسهم المجانية للضريبة بشرط عدم التصرف فيها لمدة عامين كاملين من تاريخ الحصول عليها. أما صناديق الاستثمار المؤسسة وفقاً لأحكام قانون سوق رأس المال، فتخضع الأرباح الرأسمالية التى تحققها والتوزيعات التى تتلقاها للمعاملة نفسها المشار إليها أعلاه، على ألا تخضع الأرباح الناتجة عن التعامل فى الوثيقة أو التوزيعات لحملة الوثائق لأى ضرائب أخرى، وذلك تشجيعاً للاستثمار فى الصناديق».
من جهته، قال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، تعليقاً على ما شهدته جلسة البورصة من انهيار كبير فى مستهل التعاملات الصباحية، أمس، إنه لا يمكن أن يتوقع أى شخص رد فعل سوق أو نشاط يتم فرض رسوم ضريبية جديدة عليه، مشيراً فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» إلى أن كل متعامل فى البورصة، مصرى أو أجنبى، هو الذى يستطيع أن يقدر تأثير الضريبة الجديدة عليه.
وقال محسن عادل، عضو مجلس إدارة «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار»، إن الجمعية عقدت اجتماعاً موسعاً، أمس، لمناقشة قرار وزارة المالية بخصوص التعديلات الضريبية الجديدة، خاصة ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات بالبورصة المصرية، والضريبة على توزيعات أرباح الشركات، لافتاً إلى أنه جرى الاتفاق على إصدار توصيات تضمنت أن «الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية يعتمد أساساً على قدرة الاقتصاد المصرى على جذب استثمارات خارجية أو محلية، وبالتالى فإن أى إجراءات تتخذها الدولة حالياً يجب أن تكون موجهة لذلك الغرض وأن فرض أى أعباء جديدة على المستثمرين سيكون عائقاً لجذب الاستثمارات المطلوبة».
وطالب بوضع حد للإعفاء الضريبى بالنسبة للضريبة على توزيعات الأرباح يعادل سعر الإقراض والخصم المعلن من البنك المركزى المصرى، للحفاظ على تكلفة الفرصة البديلة بالنسبة لمستثمرى البورصة، حيث يمكن أن تؤدى الضريبة على التوزيعات بصفة عامة إلى تغيير هيكل الاستثمارات، وذلك بسبب ما تؤدى إليه من توسع فى الاستثمارات الأقل خطورة والأكثر أماناً.