أهالي مرضى ألزهايمر: "صبرنا نفد".. والمرضى: "نشتاق لسؤالهم"
قوائم انتظار في جمعيات رعاية مرضى ألزهايمر.. والمرضى لا يعترفون بمرضهم
كبار السن والإصابة بمرض ألزهايمر
يمثل يوم 21 سبتمبر من كل عام، اليوم العالمي لمرضى ألزهايمر، ذلك المرض اللعين الذي يقتل كل شيء في جسد الإنسان، فيجعله يجهل كل شئ حتى ذاته، لكن ورغم الألم الجسدي والنفسي الذي يعاني المرضى منه إلا أن هناك آلاما ومعاناة أخرى مع الراعين لهم والتي لخصها أحدهم قائلًا: "تخيل أن والدك أو ووالدتك لا تعرفك ولا تعرف أبناءك؟، تخيل أن تراها تصرخ وتتألم دون أن تدري أين هي وماذا تفعل؟".
"الوطن" خاضت رحلة التواصل مع بعض الراعين لمرضى ألزهايمر عبر المجموعات الخاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يرون فيها مأساتهم بأسماء مستعارة خشية الفضيحة، وآخرون يتذكرون قصصهم مع ذويهم ويتحسرون عليهم لكن الوجه الأكثر انتشارًا هو رحلة الأبناء للبحث عن مستشفى أو دار أو جمعية لوضع ذويهم بها معتبرين أنهم منفيون عن الحياة سواء في المنزل أو غيره.
بدأت الرحلة بكتابة بوست عبر جروب خاص على "فيس بوك" يدعى "أصدقاء ألزهايمر" وآخر حمل عنوان "رحلة أمي مع ألزهايمر"، عن إجراء معايشة صحفية عن معاناة الراعين لذويهم المصابين بهذا المرض اللعين، لتتوالى التعليقات "نحن ليس لدينا وقت لنعيش 24 ساعة متاحين لمتابعة مرضنا"، وقال آخرون "معاناتنا لا ينهيها الإعلام ولا المال.. لكن ينهيها علاج لهذا المرض أو يحل قضاء الله ويريح المريض والراعي معًا".
كانت أول مكالمة هاتفية مع السيدة "وفاء" والدة الحاجة "فايزة" التي تبلغ من العمر 79 عامًا والمصابة بألزهايمر منذ 5 سنوات تقول "لا أستطيع التحمل أكثر من ذلك، أنا أرملة لديّ 3 أبناء شباب يذهبون للعمل صباحًا وأضطر للجلوس مع أمي طيلة اليوم.. لا نوم.. لا راحة.. لا حياة".
تتابع "وفاء" في حديثها لـ"الوطن": هذا ناهيك عن ارتفاع أسعار الأدوية وتكلفة العلاج باهظة الثمن، لكن الأصعب هو صراخها من الألم، عدم معرفتها من أنا ولا أبنائي، الأصعب هو أن تتبول في أي مكان دون أن تدري ماذا تفعل.. تخيل أن يرى ابن أمه في هذه الحالة ولا يستطيع أن يقدم لها شيئا".
وطلبت السيدة مساعدتها في إنهاء إجراءات استقبال والدتها في إحدى الجمعيات التي ترعى مرضى ألزهايمر على أن تتحمل جزءا من تكلفة علاجها قائلة "ما يؤلمني هو عدم قدرتي على استكمال الطريق معها فاضطررت للتقدم بأوراقها لنقلها لإحدى الجمعيات التي ترعى مرضى ألزهايمر باكية "أمي ستغادر المنزل لأول مرة.. ستغادر روحي معها لكن الأمر ليس بيدي وأشقائي تركوها لي وحدي".
ليس هذا رأي "وفاء" فقط، لكن فور التواصل مع الجمعية لمساعدتها في إنهاء إجراءات والدتها، فوجئنا بعدد كبير من قوائم الانتظار لدى الكثير من الجمعيات لأبناء يبحثون عن مأوى لذويهم حتى يحل أجل الله وعلى الجانب الآخر تتحمل "راندا" التي رفضت الكشف عن تفاصيل زوجها نهائيًا – معاناة زوجها الذي بلغ الثمانين، تخفي اسمه عن الجميع ولا تحب أن يعرف أحد أنه مصاب بألزهايمر تسعى دائمًا لخدمته لكنها تقول إنها تعاني وتصرخ وتخشى أن تفقد صبرها وتتركه في يوم من الأيام في إحدى الجمعيات قائلة "العشرة مبتهونشي".
وما زال هناك جانب آخر من القصة، وهو المرضى أنفسهم الذين يبدأون مراحلهم الأولى من المرض والذين لا يعترفون به حتى هذه اللحظة، معتقدين أنهم ما زالوا بقواهم العقلية كاملة، منهم "ف"، 72 عامًا، والتي تقيم بإحدى جمعيات ألزهايمر تقول "أنا لست مريضة كما يقول الأطباء أو كما زعم أبنائي، هم أرادوا أن يتركوني هنا بعدما كبرت في العمر أنا حزينة لأني وحدي ولا أحد يسأل عني لا أبنائي ولا أقاربي".
الأمر ذاته قاله "ج" 60 عامًا: "أنا مش مريض ومحتاج أولادي يسألوا عني أكتر من كده".