القبضة الأمنية قبل وبعد خالد سعيد: "أسوأ مما كانت عليه"
كانت الحرية من أبرز مطالب ثورة 25 يناير، لأجلها مات خالد سعيد، مدافعًا عن الكرامة الإنسانية، حيث أودت القبضة الأمنية المستبدة بحياته قبل أربعة أعوام، لتقوم على "حسه" ثورة تنادي بحقه وتدافع عن حريته ضد الدولة القمعية، وتبقى أسئلة عقب نجاح تلك الثورة عن مدى استمرارية تحكم الأمن في مقاليد الأمور، وحول غزو التعذيب للسجون والأقسام، وعن مطلب الحفاظ على النفس البشرية ماديًا من الموت، ومعنويًا من الإهانة.[FirstQuote]
"الحالة الأمنية في تدهور"، فقديمًا عندما مات خالد سعيد، كان التعذيب في السجون والأقسام فقط، وفقًا، لمالك عدلي، الناشط الحقوقي والمحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أما الآن التعذيب أصبح في الشارع أمام الجميع، مؤكدًا على أن حالات التعذيب على أشدها، وتناول تلك القضايا من قبل الداخلية لا يزال يتم بالطريقة نفسها، "معتمدًا على الانتقائية، فالشرطي المخطئ لا يحاسب كالمواطن المخطئ".[SecondQuote]
يوضح مالك عدلي، مستندًا على تقارير حقوقية تصدر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز النديم، أن كل شيء يدار حاليًا بواسطة الداخلية، والأمن الوطني: "كل أجهزة الدولة خلاص جالها سعار للدفاع المستميت عن الداخلية، وذلك على الرغم من الانتهاكات التي تصدر يوميًا عن جهاز الداخلية"، مشيرًا إلى أن آخرها فرض قبضة حديدية على مواقع التواصل الاجتماعي، لغلق أي منفذ يمكن أن يتنفس منه المعارضون.
وأكمل الناشط الحقوقي: "الداخلية لا تزال عصاية نظام.. ورجعت جهاز أمن سياسي مرة أخرى"، موضحًا أن مهمة جهاز الداخلية في المقام الأول يجب أن تكون أمن جنائي، يعمل على تطبيق القانون في الشارع، لتأتي بعدها مهمة الأمن السياسي، الذي يطبقه أيضًا بصورة انتقائية، وبشكل أكبر من الجنائي، ومثل عدلي على كلامه قائلا: "مرسي يحاكم بتهمة قتل المتظاهرين، في حين أن محمد إبراهيم مدان معه في نفس القضية".
"قبضة وزارة الداخلية في طريقها لتكون أسوأ مما كانت عليه"، يؤكد العميد محمود قطري، الخبير الأمني، كلام مالك عدلي، ويوضح أسباب ذلك قائلا: "الشرطة لم يلتفت لها أحد منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، ولم يتم تطهيرها، فأصبحت هيكلاً مخوخ من الداخل"، موضحًا أنها ليست جهاز قوي وإنما "مستبد ومنحرف"، وما أدى إلى تدهور أحوالها إلى هذا الحد، هو افتقراها لإمكانيات الكشف عن الجرائم من خلال الخبراء في المجالات المختلفة، لذا تلجأ إلى تعذيب المتهمين والقبض العشوائي على المشتبه بهم، لتتمكن من التعرف على الجناة.
ويضيف الخبير الأمني: "الداخلية تشدقت كثيرًا بحقوق الإنسان، وهو جهاز لا يراعي هذا الحق، سواء في السجن أو في الشارع، لذا يجب إصلاح الشرطة، وإلا تستبد وسيصبح في مصر أكثر من 100 خالد سعيد"، موضحًا أن القبضة الأمنية في الفترة المقبلة ستكون أسوأ خاصة "أن الداخلية مكان عفن وقادتها فسدة يحمون النظام"، مشيرًا إلى آخر "تجليات" الداخلية، متمثلة في الرقابة على الإنترنت لحماية الأمن القومي، وهو ما انفردت "الوطن"، بعرضه للقارئ لكشف نية الداخلية بمراقبة المحتوى الذي يكتبه مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
"الشرطة لاتزال تعاني من الرشوة والوساطة والغرور والتعالي على الشعب.. الشرطة كما هي"، يؤكد قطري أن الداخلية لن تتغير إلا بتغيير الفكر الأمني والتشريع، وإعادة هيكلة التكتيك الخاص بها، مضيفا أنها، "مهترئة ومنهارة"، وما يمكنها حاليًا من القبض على العناصر الإرهابية، هو تاريخها، بالإضافة إلى مساعدة رجال الجيش لها في المهام المختلفة.
ينفي اللواء، مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، ما يتردد عن أن جهاز الشرطة لا يزال يصدر عنه انتهاكات ضد المواطنين: "يا ريت بتوع حقوق الإنسان يبطلوا الكلام ده"، مشيرًا إلى أن السجون والأقسام مفتوحة أمام أي لجنة لحقوق الإنسان لتتابع ما يحدث بالسجن عن كثب.
وأضاف أنه على من يرى أي انتهاك بقبض عشوائي أو تعذيب، التقدم بشكوى فورًا إلى النيابة العامة ورفع قضية على المتسبب في هذا التعذيب، مؤكدًا على ضرورة دعم جهاز الشرطة معنويًا، من خلال الإعلام المستنير، ليقوم بعمله على أكمل وجه.