غضب بين العاملين في المجال البحري بسبب تعطل استخراج جوازات سفرهم
محمد حمدى
لم تكن أزمة فيروس كورونا هي العائق الوحيد أمام عدد كبير من البحارة والعاملين في المجال البحري الخاص بنقل البضائع عن طريق البحر على ظهر المراكب والسفن، أو تلك التي تقوم بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في أعماق البحر الأبيض المتوسط، ولكن خيّمت عليهم أزمة أخرى تمثلت في تأخير استخراج جوازات السفر الخاصة بهم "الباسبور البحري"، وهو الوثيقة الرسمية الحكومية الوحيدة التي تمكن العاملين في تلك المهنة من السفر والتنقل بين الموانئ سواء داخل مصر أو خارجها.
"الباسبور بتاعي هينتهي كمان أسبوع ومش هعرف أجدده عشان في عطل في الماكينة اللي بتعمله وبالتالي هفضل عاطل عن الشغل لحد ما المشكلة تتحل"، بهذه الكلمات وبنبرة اختلط فبها اليأس بالغضب وقلة الحيلة بدأ محمد حمدي، 33 عاما، حديثه، حيث يقول الشاب الذي يعمل منذ 8 سنوات فوق أحد السفن التي تقوم بالتنقيب عن النفط والغاز بالبحر المتوسط، أنّ تلك المشكلة بدأت شرارتها منذ شهرين تقريباً وتحديداً مع بداية شهر يوليو الماضي، عندما توجه عدد من الأفراد إلى الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية من أجل تجديد جوازات سفرهم ليفاجأوا بأن هناك عطل في الجهاز الخاص بإصدار الجوازات الالكترونية ولن يتم إصلاحه قبل شهر أبريل من العام القادم ويقول: "في الأول الجوازات دي كانت بتتعمل مانيوال بالإيد وكانت شبه جوازات السفر العادية القديمة، ومع بداية 2018 قرروا إنها تبقى إلكترونية وبدأوا بالناس اللي رايحين يجددوا بعد ما انتهت مدتها اللي هي 5 سنين، والسبب الرئيسي اللي خلاهم يحولوها لإلكترونية هو مشكلة التزوير اللي كانت سهل تتعمل لكن لما يكون الباسبور مميكن بيكون عملية تزويره أو التلاعب فيه صعب جداً".
يشير "حمدي" إلى أنّ أقصى مدة كان يستغرقها استخراج الجواز البحري هي شهر كحد أقصى موضحاً: "كنا بنستلمه في خلال أسبوعين أو شهر بالكتير اوي، فالمنطقي لما يكون الكتروني إنه يكون أسرع، وحالياً أي حد جوازه انتهى هيفضل قاعد في البيت بدون شغل لحد شهر أبريل الجاي، يعني عشان نجدد جوازتنا هنقعد 7 شهور منتظرين وثيقة بتخلص في أي مكان خلال 15 يوم بالكتير".
الأزمة ذاتها يعاني منها نادر رحيم، أحد العاملين على ظهر سفينة تقوم بنقل البضائع من مصر إلى ميناء قبرص، حيث يقول "نادر" صاحب الـ38 عاما، ويعول أسرة مكونة من زوجته وثلاثة أطفال أنّه جاء من محافظة قنا قاصداً مدينة الإسكندرية من أجل تجديد جواز سفره الذي انتهى منتصف أغسطس الماضي، ما اضطره للتوجة إلى الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية إلاّ أنّه كان مصيره التأجيل كباقي الأشخاص الذين سبقوه إلى الهيئة ويقول: "المفروض في مكاتب للهيئة على مستوى الجمهورية عشان نتوجه ليها لو في أي مشكلة بتواجهنا بالنسبة لجوازتنا أو ورقنا عشان مايكونش في مشقة وتعب علينا إننا نسافر اسكندرية مخصوص لمشوار ممكن يخلص في ساعة وهو إنك تقدم ورقك على الشباك، ولكن الواقع إن المكاتب دي بتقدم خدمات للمراكب والسفن فقط ولكن الأشخاص عليهم الذهاب إلى المكتب المركزي والرئيسي في اسكندرية أياً كانت المحافظة اللي احنا جايين منها".
ويتابع "نادر" أنّ أزمة فيروس كورونا تسببت له في ضائقة مادية كبيرة حيث اضطر إلى التوقف عن العمل بسبب الظروف والقيود التي فرضتها أزمة الفيروس على جميع بلدان وقارات العالم: "قعدت في البيت من بداية الأزمة وانتشار الفيروس في مصر شهر مارس الماضي لحد شهر يوليو لما الدنيا بدأت ترجع شويه في الشغل كان باقي على انتهاء باسبوري شهر ونص وبالتالي الشركة اللي بشتغل تبعها رفضت إني أرجع السفينة عشان بنقعد بالشهور في البحر وعلى الأقل لازم يكون باسبوري فيه مدّة سنة على الأقل".
يحمل "نادر" جواز سفر قديم غير مميكن حيث كان من المفترض أن يتم استبداله بالجواز الجديد عند تجديده الشهر الماضي ويوضح: "الموظفين اللي في الهيئة قالولي ممكن نعملك تمديد فترة 6 شهور على الباسبور عشان تقدر تسافر لأن جوازي مانيوال لحد ما الجهاز يتصلح وأغيره، بس ده برضو مش حل لأن الـ6 شهور دول ولا حاجة بالنسبة للناس اللي بتشتغل في البحر، أقل حاجة سنة لأن كل الشركات بتشترط ده عشان ممكن رحلة العمل تبقى أكتر من 6 شهور ولو حصل تفتيش للمركب ولقوا إن في حد جوازه انتهى هيكون في غرامة على الشركة ولازم الشخص مايكونش متواجد على السفينة".
عز الدين عبدالرحمن، 36 عاما، يعمل مهندس كهرباء على سفينة خدمات بترولية، حيث كان "عز" أحد الذين تسبب تفشي فيروس كورونا في احتجازهم على ظهر السفينة التي يعمل بها لأكثر من 105 يوم، ويقول إنّ هناك عددا كبيرا من الأشخاص المتضررين من تعطيل استخراج وتجديد جوازات سفرهم قاموا بتقديم شكاوى للنقابة العامة للظباط البحريين ونقابة العاملين في النقل البحري إلاّ أنّهم لم يحصلوا على استجابة أو حلول لأزمتهم التي قد تمتد حتى العام المقبل ويقول: "مشكلة هيئة السلامة البحرية إنهم منفصلين عن الواقع، مش قادرين يستوعبوا غضب الناس اللي بقالها شهور بيوتها مخروبة بسبب توقف الشغل عشان كورونا، ولما جاتلهم الفرصة إن يكون في شغل على خفيف لقوا مشكلة الباسبورات اللي هما مالهومش يد فيها و مستحيل حد يقعد سنة من غير شغل عشان في جهاز متعطل، ده سبب مش منطقي حتى لو كان المفروض يتصلح بره مصر، لازم حل للناس دي، هياكلوا هما وعيالهم منين".
من ناحيته يقول مصطفى عسران، أمين عام النقابة المهنية لبحارة السفن المصرية والأجنبية، إنّ هناك جهازين لإصدار الجوازات داخل الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، إلاّ أن أحد الجهازين تعرّض لعطل مفاجئ والآخر نفدت منه خزانة الحبر، ويوضح: "المكن ده ألماني وبالتالي أي صيانة ليه لازم تكون من ألمانيا، يعني عشان يتصلح لازم فني ألماني هو اللي يعمله ونفس الكلام بالنسبة للحبر عشان الطباعة، وبسبب إن في موجة تانية حالياً من فيروس كورونا في أوروبا فكل حاجة متعطلة والشغل واقف".
ويشير "عسران" إلى أنّ هناك ماكينة ثالثة بتكلفة 8 ملايين جنيه من المفترض أن تدخل الخدمة بمجرد وصولها إلى مصر ويضيف: "احنا خدنا وعود من رئيس الهيئة إن هايحاولوا يوصلوه تمديد الباسبور المانيوال القديم لمدة سنة بدل 6 شهور لأنها مدّة مش كافيه، وقدمنا مقترح للدولة إن يتم التعامل بالقديم لحد الأزمة ما تتحل عشان التمديد لا يصلح للباسبور الجديد المميكن ولكن تم رفض المقترح".