روشتة من "البنك الدولي" لإنهاء معاناة الفقراء من تداعيات كورونا
مسؤولان بـ"البنك": مساندة الشرائح المستضعفة والأولى بالرعاية أمر ضروري
أرشيفية
قال مسئولان بـالبنك الدولي، إن جائحة فيروس كورونا أثرت تأثيرًا حادًا على الأوضاع الاقتصادية في المجتمعات المحلية وعلى مستوى الأنشطة الاقتصادية المحلية، وأنه يمكن لهذه الأزمة أن تدفع ملايين الناس إلى الوقوع في براثن الفقر المدقع والمعاناة من انعدام الأمن الغذائي، في وقت نجد ملايين الفقراء يعانون من الحرمان أيما معاناة.
واستندت كل من لويز كورد، المدير العالمي للتنمية الاجتماعية بالبنك الدولي، ومارتن فان نيوكوب مدير الممارسة العالمية للزراعة بالبنك، إلى التوقعات الأولية التي وضعها البنك الدولي، وقالا: "يمكن أن يزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في عام 2020 بنحو 73 مليون شخص عما كان متوقعاً قبل الأزمة، ومن المرجح أن تستمر معدلات الفقر المدقع في الزيادة في2021 ومن المحتمل أن تزيد في السنوات التي تليها".
مسئولا "البنك الدولي" أشارا في مدونة "البنك" إلى أن الجائحة أدت إلى تعطيل سلاسل الإمداد، ورجوع المهاجرين إلى أوطانهم (الهجرة العكسية)، وركود الأنشطة الاقتصادية غير الزراعية في المناطق الريفية، كما أدت إلى عواقب مدمرة على الفئات المجتمعية والشباب والعمالة غير الرسمية، وأوجدت هذه الجائحة مخاطر كبيرة على الفئات الأشد ضعفا والأولى بالرعاية، وهم على سبيل المثال النساء والشباب والعمالة غير الرسمية، فالنساء يعملن عادة في أشكال من الوظائف أكثر هشاشة، كما يواجهن مخاطر فقدان الدخل والوظائف.
وتابعا قائلين: "في ظل الظروف العادية، تتحمل المرأة عبئا أكبر بكثير من عبء رعاية الأسرة. والآن، على النساء أيضاً رعاية الأطفال المتوقفين عن الذهاب إلى المدرسة، كما يواجهن خطراً متزايداً يتمثل في ممارسة العنف ضدهن (العنف بسبب نوع الجنس) بسبب حتمية البقاء في المنزل. كما أدت هذه الأزمة إلى الإضرار بفرص العمل المتاحة للشباب والعمالة من الشرائح المستضعفة والأولى بالرعاية في القطاع غير الرسمي. ومن بين الشرائح التي تضررت بشدة تلك التي فقدت مصدر دخلها الرئيسي؛ وهم غالبًا أصحاب أكشاك صغيرة على جانبي الطريق أو يعملون في أسواق صغيرة. ونظرًا لما أحدثته جائحة كورونا من هشاشة اقتصادية، فالأمر يدعو إلى اقتصاد أكثر قدرة على مجابهة الأخطار وتأتي التنمية الاقتصادية المحلية بمثابة حجر الأساس الرئيسي لتحقيق ذلك".
ونصحا مسئولا "البنك الدولي" الحكومات بمساندة الشرائح المستضعفة والأولى بالرعاية، بتفعيل العديد من مشروعات "البنك" الإنمائية المجتمعية ومشروعات تعزيز سبل كسب العيش، مشيرين إلى أن الهند تقوم بالاستفادة من مجموعات المساعدة الذاتية النسائية من خلال البعثة الوطنية المعنية بمشروع موارد الرزق الريفية التي يساندها البنك الدولي لإنتاج الأقنعة (الكمامات) ومطهرات اليدين، ونشر المعلومات المهمة عن الصحة العامة، وإعداد الأغذية لتوزيعها في المطابخ العمومية الخاصة بالمجتمعات المحلية.
وأشارا إلى أنه في منطقة القرن الأفريقي، تستفيد أوغندا وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا من المجموعات الموجودة في المجتمعات المحلية المعنية بتعزيز سبل كسب العيش، والتي تتألف معظمها من النساء من خلال مشروعات البنك الدولي الإنمائية التي تستهدف التصدي لآثار النزوح والتشرد، وتقوم هذه الحكومات بزيادة التمويل لدعم تجارة الماشية، والمزارع السمكية، وإقامة مطاحن حبوب للنساء والشباب، وعلى الرغم من أن الجهود الأولية قد ركزت بصورة فعلية على التخفيف من الآثار المفاجئة، فمن الضروري الآن التركيز على المساندة الشاملة لتحويل الاقتصادات المحلية في أثناء جائحة كورونا وبعدها لتحقيق تعافٍ اقتصادي وقدرة على مجابهة الأخطار أطول أمدًا.
وواصل المسئولان، نصائحهما بكشف السبيل نحو التعافي المستدام والشامل للجميع، وقالا: "يتطلب تحويل الاقتصادات المحلية في عالم كورونا وما بعد كورونا اتخاذ العديد من السبل لتشجيع التنمية الاقتصادية المحلية وتعزيزها، ومن الممكن أن يكون لنهج التنمية الاقتصادية المحلية في السياق الريفي ثلاثة مجالات تركيز: التركيز الإقليمي على الاستفادة من نقاط القوة في منطقة معينة، وربط الفقراء بسلاسل القيمة ذات الإمكانات الكامنة، والاستثمارات التي تعزز بيئة أنشطة الأعمال المحلية مع تحسين خدمة توفير الإنترنت والكهرباء والبنية التحتية الأساسية".
بحسب مسئولي "البنك الدولي"، يتطلب دعم التنمية الاقتصادية المحلية الشاملة للجميع، لا سيما، الشرائح المستضعفة والأولى بالرعاية والمهمشة، نهجاً قوياً إزاء التنمية المجتمعية مع إشراك المجتمعات المحلية في هذه العملية، ونهجاً للتنمية الاقتصادية المحلية مع إشراك أصحاب المصلحة الأساسيين، وهم على سبيل المثال، الحكومات والقطاع العام وقطاع الأعمال والشركات والمؤسسات المالية والقطاع غير الحكومي، الذين يعملون في إطار من التعاون وتضافر الجهود لخلق ظروف أفضل وتهيئة بيئة داعمة لتحقيق الدخل وخلق فرص العمل.
وواصلا قائلين: "من شأن تحسين سبل الوصول إلى التكنولوجيات الرقمية أن يعزز بيئة ممارسة أنشطة الأعمال وسبل كسب العيش تعزيزًا كبيرًا، فضلاً عن تحسين فرص الحصول على التعليم وخدمات الرعاية الصحية والتدريب على القيادة، فعلى سبيل المثال، يمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تعمل على تسريع وتيرة النمو الاقتصادي من خلال ربط المشترين بمستثمري القطاع الخاص من خلال الأسواق الإلكترونية على شبكة الإنترنت أو تحسين فرص الحصول على الخدمات المالية، وهناك مبادرة بحثية مشتركة بين البنك الدولي ومجموعة علي بابا، وهي واحدة من أكبر شركات البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية في العالم، وخلصت هذه المبادرة إلى أن التجارة الإلكترونية ترتبط بزيادة معدلات النمو والدخل والتوظيف في المجتمعات الريفية في الصين".
تختتم كل من لويز كورد، المدير العالمي للتنمية الاجتماعية بالبنك الدولي، ومارتن فان نيوكوب مدير الممارسة العالمية للزراعة بالبنك، نصائحهما بالإشارة إلى أن التنمية الاقتصادية المحلية بعد كورونا تتطلب أفكارا جديدة وجريئة لمساندة النساء والشباب والعمالة في القطاع غير الرسمي والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على نحو يحقق المزيد من الاستدامة، مشيرين إلى أهمية حشد الموارد والمصادر وتسخير المعرفة الهائلة والخبرات والتجارب الكبيرة من خلال هذه السلسلة والسعي للتعلم معًا منها.