نجل حارس "مان سيتي" الأسطوري يروي لـ"الوطن" حكايات والده مع النازية
مارك تراوتمان: والدي تحول من أسير في سجون الحلفاء لأفضل حارس مرمى
بيرت تراوتمان
لم يعلم الشاب الألماني بيرت تراوتمان، ذلك المظلي بالقوات الجوية النازية، الذي وصل إلى بريطانيا، كأسير حرب خلال أحداث الحرب العالمية الثانية، أنه سيصبح يوما ما في بلد "الأعداء" حينها، لحارس المرمى الأسطوري لواحد من أعرق الأندية الإنجليزية، مانشستر سيتي، ويظل حارس المرمى الأكثر بطولة في تاريخ اللعبة.
"الوطن" حاورت مارك تراوتمان، نجل بيرت، الذي ولد في أكتوبر 1923 وبدأ مسيرته التدريبية عام 1965 وكان أول فريق يدربه هو ستوكبورت كونتي، واختتم مسيرته كمدرب عام 1983 مع منتخب باكستان لكرة القدم، بدأ مسيرته كلاعب عام 1948 مع سانت هيلينز تاون وعندما كان لاعبا خاض 553 مباراة.
"أعرف القليل عن مسيرة والدي الكروية وهو لاعب لكن أعلم جيدا كم هو لاعب عظيم وأحفظ تاريخه، حيث انفصل والداي عندما كان عمري 10 سنوات فقط ، لذا لا يمكنني تذكر الكثير نظرا لصغر سني حينها"، حسب حديث مارك تراوتمان، نجل أسطورة حراسة مرمى مانشستر سيتي الإنجليزي، بيرت تراوتمان لـ"الوطن".
يقول مارك إن والده، أحب جميع الرياضات ولعب العديد من الرياضات المختلفة عندما كان صغيرا، وخاصة كرة اليد، وهي رياضة شعبية في ألمانيا.
يوضح تراوتمان الابن أن بدايات والده مع كرة القدم كانت في مركز خط الوسط، لكنه لعب بعد ذلك بطريقة ما في مركز حراسة المرمى، وتألق خلال فترة أسره في الحرب العالمية الثانية، ولسوء الحظ لا يعرف عن هذه الفترة كثيرا، لاسيما خلال وجوده في معسكر الاعتقال.
التقى مارك وشقيقه ببعض المشجعين في أول مباراة على ملعب مانشستر سيتي بعد وفاة والده في عام 2013، ووجدا روايات عن ذكرياته الرائعة مع مشجعي السيتي عن الوقت الذي قضاها في اللعب لقطب مدينة مانشستر.
يؤكد نجل أسطورة حراسة المرمى، أن جميع المشجعين الذين التقى بهم في حياته، يتحدثون عن والده وكيفية كسره للحاجز النفسي بين ألمانيا وإنجلترا بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية.
وانضم تراوتمان الى الجيش الألماني في وقت مبكر من الحرب العالمية الثانية، وعمل كمظلي. حارب على الجبهة الشرقية لمدة ثلاث سنوات ، وحصل على خمس ميداليات ، بما في ذلك الصليب الحديدي، بعدها تم نقله إلى الجبهة الغربية ، حيث تم أسره من قبل البريطانيين مع اقتراب الحرب من نهايتها.
كان بيرت واحد من الناجين التسعين من الفوج الأصلي الذي كان عددهم ألف رجل، ثم نقل إلى معسكر أسرى الحرب في أشتون في ميكروفيلد لانكشاير رفض تروتمان عرضا للعوده لوطنه، وبعد إطلاق سراحه في عام 1948، استقر في لانكشاير حيث جمع بين العمل الزراعي ولعب حارس مرمى لفريق سانت هيلينز تاون لكرة القدم.
"تعلمت من والدي بناء العلاقات مع بلدي الثاني، وأعجبت بذلك بسبب تأثيره الكبير والعظيم، لقد غرس داخلنا دائما أن نكون مهذبين ومتواضعين، وأن نتعامل مع الجميع باحترام ومراعاة مشاعرهم"، بهذه العبارة وصف مارك أسلوب والده في التربية.
اكتسب تراوتمان شهرة واسعة في فريق هيلينز تاون كحارس مرمى متميز، مما أدى إلى اهتمام أندية دوري كرة القدم الإنجليزية به، وفي أكتوبر 1949 وقع مع نادي مانشستر سيتي الذي ينشط في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، أثار قرار النادي بالتوقيع مع مظلي سابق في المحور احتجاجات وحضر 20 ألف شخص مظاهرة ضد هذا القرار.
لعب تراوتمان مع مانشستر سيتي 245 مباراة
مع مرور الوقت، حصل على قبول من خلال أدائه في هدف المدينة، ولعب في جميع مباريات النادي الـ 250 باستثناء خمس منها، وحصل على لقب أفضل لاعب في إنجلترا عام 1956، وكان سببا رئيسيا في حصول السيتي على كأس الاتحاد الانجليزي عام 1956.
في آخر 17 دقيقة من نهائي كأس الاتحاد عام 1956، تعرض تراوتمان لإصابة خطيرة أثناء محاولة التصدي لكرة بيتر مورفي لاعب برمنغهام سيتي. على الرغم من إصابته استمر في اللعب، ما أدى للحفاظ على تقدم فريقه 1-3 ولكن بعد نقله للمستشفى وبعد ثلاثة أيام كشفت الأشعة السينية أن رقبته مكسورة.
يكشف مارك حياة والده بعد التقاعد، الذي سافر إلى إسبانيا حيث امتلك منزلا رائعا بالقرب من الساحل كان يتقاسمه مع زوجته، وكان يزوره برفقة شقيقه والآن يقوم الأبناء بزيارة زوجة والدهم كل عام.
وخلاف ذلك كان تراوتمان يعود إلى مدينة مانشستر كل فترة لزيارة الأصدقاء واللاعبين القدامي والقيام بأعمال خيرية، ولفترة قصيرة كان لديه مؤسسة للمساعدة في تعزيز العلاقات الإنجليزية الألمانية في كرة القدم للشباب، والتي لم تعد موجودة الآن.
في عام 2004، تم تعيينه ضابطا فخريا وحصل على وسام الإمبراطورية البريطانية لتعزيز التفاهم الأنجلو-ألماني من خلال كرة القدم.
توفي تراوتمان في منزله بالقرب من فالنسيا، إسبانيا، في 19 يوليو 2013 ، عن عمر ناهز 89 عاما.
واختتم مارك تراوتمان حديثه لـ"الوطن": "فيلم (the keeper) جعل سيرته تخلد بشكل راقي، نعم هناك بعض الأجزاء التي لم تحدث بالطريقة التي صورها في الفيلم، لكنه فيلم جيد الصنع ويجب أن يحصل على قدر أكبر من التقدير من النقاد والجمهور ككل".