مفترشاً أرض المعرض، يجلس محمد فوزى السيد من قرية الأبعادية مركز دمنهور بمحافظة البحيرة، يبلغ من العمر 57 عاماً، يصنع «حصيرة» ولكن بمفهوم حديث، حيث إنها فى السابق كانت تستخدم فى الجلوس عليها، إلى أن تحول المواطنون عنها واستخدموا المقاعد بأنواعها، وكذلك السجاد، حتى بدأت تلك الحرفة فى الاندثار، فلم تعد مجزية مادياً للعاملين بها إلى أن هجرها الكثيرون، ولكن مع وجود بعض الصانعين الذين أحبوا تلك المهنة وعملوا على إحيائها، ظلت تلك الحرفة محتفظه بأهميتها، على الرغم من قلة عدد الحرفيين العاملين بها. «فوزى» أحد هؤلاء الذين أدركوا قيمة تلك المهنة، وحاولوا الحفاظ عليها من الاندثار، حيث قرر تطوير تلك الحرفة، وذلك بعد أن سافر فى أوائل التسعينات ليعمل بإحدى الدول العربية، وحينها قرر أن يترك مهنة صناعة الحصير، ويعمل بإحدى الشركات هناك، وحاول أن يتناسى مهنته التى ورثها عن أبيه، إلى أن وجد الخمسينى أبناء الدولة التى يعمل بها يفضلون العمل اليدوى على الصناعات الأخرى: «لقيتهم بيقدسوا العمل اليدوى، فقلت لنفسى ليه أنا سيبت مهنة أجدادى، وجيت أشتغل هنا، طب ما أنا أطورها بدل ما أهجرها، وفعلاً رجعت من السفر، وقررت أطور الصنعة، ودخلت عليها خامات جديدة زى الصوف، وفيه ناس كتير عجبتهم فكرة إن الحصيرة تكون معلقة بعد ما كانت بتتفرش على الأرض والناس تقعد عليها، لدرجة إن العروسة زمان كانت بتشتريها فى جهازها».
وعن «الحصير» يقول «فوزى» إنه منتج تراثى فرعونى، استخدمته جميع فئات المجتمع، إلى أن بدأ التطور يغير من تلك الأهمية ويجعله منتجاً شحيحاً: «حدثتها وطورتها، بعد شغل ٥٠ سنة فيها، وفكرتى كانت هى تحويلها من قطع كبيرة بتتفرش على الأرض، لقطع معلقة تصلح للزينة، ومن هنا هيكون لها سوق وهتنتشر من تانى فى كل البيوت، لأن صعب حد يستخدمها نفس استخدامها زمان بسبب التطور، لكن شكلها الجديد محبب للناس، وده اللى أجبرنى إنى أغير شكلها واستخدامها».
عن مراحل صناعة الحصير يقول «فوزى» إنه فى الغالب يرتجل الشكل، بعد ذلك يقوم بعمل الخيط، ثم الحبسة، ثم يقوم بتدكيك الخيط جيداً، حتى يكتمل الشكل الذى يرغب فيه: «يمكن سبب بعد الناس عن المهنة دى، هى إنها مؤذية للضهر، لأن القعدة بتكون على الأرض طول الوقت فى وضع مش مستقيم بيأثر على العمود الفقرى، لكن هى مش صعبة وممتعه جداً»
وعن إقامة المعرض هذا العام يقول الخمسينى إنه تحد جديد يثبت قدرة الدولة المصرية على مواجهه التحديات: «فكرة المعرض رائعة، ونفسى يكون فيه أجيال جديدة تتعلم الحرفة دى، ويكون فيه اهتمام بتعليم الأطفال صناعة الحصير، ويتم تدريسها فى المدارس الصناعية لأنها مهنة حرام إنها تنقرض، لازم يكون فيه أجيال غيرى تشتغل فيها، ونفسى آجى بعد كده ألاقى المعرض فيه ناس تانية شغالة فى الحصير غيرى، طبعاً اهتمام الدولة فرحنا وشجعنا نطور ونعمل شغل كويس لنا، وعوضنى عن سنين تعبت فيها علشان ألاقى فرصة لعرض شغلى وفكرتى الجديدة على الناس، ونفسى شغلى يوصل للعالمية».
"المشاركة في المعرض السنة دي مختلفة بسبب فيروس كورونا لكن الدولة أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات"
وعن مشاركته فى المعرض وتجهيزات الافتتاح يقول فوزى، إنه جاء من بلدته بمحافظة البحيرة منذ يومين، حاملاً معه بعض المنتجات التى تمكن من صناعتها فى الفترة الماضية بعدما استغل توقف أنماط الحياة بفعل فيروس كورونا، فى إنتاج عدد كبير من المنتجات والتى جاء على رأسها، المصحف المكتوب على الحصير: «بدأت أجهز الشغل واخترت المكان هنا، لأن مفيش إمكانية إنى آخد مساحة كبيرة جوه القاعة، واستعديت بشكل تام علشان ما بقاش محتار وقت الافتتاح، وفعلاً قدرت أجهز شغلى، ويكون عندى وقت كافى إنى أبدأ أعمل شغل عملى قدام الزوار، لأن فيه ناس بتحب تشوفنا بنشتغل إزاى».
وعن فكرة كتابة القرآن على «الحصير» يقول «فوزى» إنه فكر فى هذا الأمر نظراً لاهتمام المسلمين بوجود القرآن مكتوباً فى البيت، ما يدفع البعض إلى شراء لوحات زجاجية مكتوب عليها آيات قرآنية: «كتابة المصحف كاملاً على الحصير، هيساعد فى الترويج للحرفة دى، وبدأت بالفعل مشروعى وكتبت عدداً من السور القرآنية».
تعليقات الفيسبوك