انتخابات الرئاسة فى إسرائيل: انسحابات بسبب الفضائح المالية والتحرش.. و«ريفيلين» المتشدد الأقرب لخلافة «بيريز»
وسط حالة من الجدل فى أروقة المشهد السياسى الإسرائيلى حول انتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفاً لشيمون بيريز المنتهية ولايته، يُجرى الكنيست الإسرائيلى، اليوم الثلاثاء، تصويتاً سرياً لاختيار الرئيس العاشر، فيما عمّق اختيار الرئيس، الذى يُعد منصباً شرفياً، الخلافات بين الفرقاء، خصوصاً بعد انسحاب المرشح الأبرز وزير الدفاع الأسبق بنيامين بن إليعازر، على خلفية فضائح مالية، ما دفع حزبه «كاديما» للمطالبة بتأجيل التصويت حتى اختيار مرشح بديل، إلا أن رئيس الكنيست «يولى إدلشطاين» رفض التأجيل، ليصبح مرشح الليكود راؤبين ريفيلين الأقرب للمنصب.
وتحفل قائمة المرشحين بسياسيين مخضرمين عاشوا مرحلة بناء الدولة، يظل أبرزهم ريفيلين، الذى حظى مؤخراً بتأييد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، رغم العداء الشخصى بينهما، لكن يبدو أن صانعى القرار فى تل أبيب يرغبون، أكثر من أى وقت مضى، برئيس يعكس المواقف المتشددة للدولة العبرية إزاء قضية الاحتلال، والوقوف ضد طموحات الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة، فتوالت قائمة الانسحابات من مرشحين تبدو مواقفهم أقل حدة تجاه التسوية مع الفلسطينيين، فى مقابل ارتفاع أسهم «ريفيلين» صاحب المواقف المتشددة.[SecondImage]
ويُعد «ديفيد ليفى»، اليسارى المغربى، أبرز المنسحبين من التصويت. وهو من أصل مغربى وُلد ونشأ وتلقى تعليمه فى مدينة الرباط. هاجر إلى إسرائيل مع عائلته فى عام 1957. وكان يعمل فى البناء ثم أصبح عضواً بالكنيست عن حزب الليكود عام 1969، وفى عام 1981 وزيراً للإسكان فى كل حكومات اليمين الإسرائيلية ما بين 1979 - 1990. وظل ليفى رمزاً للسفارديم -اليهود الشرقيين- الناجحين فى المجتمع الإسرائيلى، وكانت قضيته الأساسية هى الحرب من أجل إلغاء التمييز بين اليهود الشرقيين والغربيين. وفى حكومة إسحاق شامير، عُين ليفى وزيراً للخارجية، وأقام علاقات جيدة مع دول الاتحاد الأفريقى، وفى خلال تلك الفترة كتب «ليفى» كتاباً وصف فيه عنصرية المجتمع الإسرائيلى ومعاناته كيهودى شرقى يريد الحصول على حقوقه. واستقال ليفى من حزب الليكود فى 1995 وأسس حركة «الجسر»، التى لم تستمر طويلاً، والتحق بعدها بحزب «العمل»، وفى حكومة «إيهود باراك» كان ليفى وزيراً للخارجية، واستقال بسبب خلافه مع «باراك» على التسوية بعيدة المدى التى منحها للفلسطينيين، ودعم ليفى أرييل شارون. ولكن بعد وصول شارون لرئاسة الوزراء لم يستعن به فى حكومته، فبدأ ليفى فى معارضته، ومن أشهر مواقفه رفضه الحرب على لبنان. [ThirdImage]
أما ثانى المنسحبين فهو «سيلفان شالوم»، التونسى الأصل الذى هاجر إلى إسرائيل عام 1959، لكن والدته ما زالت تعيش فى تونس بمدينة قابس، وكان يعمل صحفياً متخصصاً فى الاقتصاد وإدارة الأعمال. كما كان مستشاراً لوزراء فى شئون المالية والاقتصاد والتخطيط والعدل، وهو أحد قادة حزب الليكود، ومعروف بمواقفه العدائية ضد العرب، وكان يحظى بدعم نتينياهو إلا أن ثمة خلافاً وقع بينهما دفع الأخير للتراجع عن دعمه مما جعله يعدل عن الترشح، فضلاً عن اتهامات وُجهت له بالتحرش بموظفة كانت تعمل معه قبل 15 عاماً كانت هى الأخرى سبباً لانسحابه من سباق الترشح.
وفى مفاجأة من العيار الثقيل، أعلن السياسى المخضرم بنيامين بن إليعازر انسحابه من الانتخابات، وهو يسارى رافض لكثير من توجهات الإدارة الإسرائيلية وُلد فى البصرة بالعراق عام 1936، شغل منصب وزير الصناعة والتجارة والأيدى العاملة، نزح مع أهله إلى إسرائيل، خدم فى قوات الجيش الإسرائيلى، شغل منصب وزير الصناعة والتجارة والأيدى العاملة، كما شغل مناصب وزير الدفاع ووزير الاتصالات وكذلك وزير البنى الأساسية. برز اسم بنيامين (فؤاد) بن إليعازر بقوة على مسرح الأحداث بعد فوز رئيس الوزراء الإسرائيلى أرييل شارون فى فبراير 2001 حيث تولى وزارة الدفاع. وقبل الانتخابات بأيام تداولت أخبار صحفية أن بن إليعازر شريك فى 5 كازينوهات قمار فارهة فى لندن، وأنه شوهد أكثر من مرة فى هذه الأماكن، التى تُعد محرمة طبقاً للشريعة اليهودية. إلا أنه أعلن أنه كان يتناول الطعام هناك فحسب، لكن الأحزاب الدينية المتشددة رفضت ادعاءاته، فيما طالب البعض باستجوابه فى الكنيست ووضعه تحت طائلة الإنذار فى مكاتب وحدة مكافحة الإجرام الخطير فى الشرطة للاشتباه فى تلقيه أموالاً بشكل مخالف للقانون، مما جعله يعلن انسحابه ويتفرغ لتطهير سمعته على حد قوله، فيما تتداول تقارير ما سمته «الأسباب الحقيقية لانسحابه» تتلخص فى توجهاته اليسارية الرافضة لكثير من السياسات الإسرائيلية.
أما المرشحون الذين لم يتراجعوا وقرروا خوض الانتخابات لمنافسة ريفيلين فأبرزهم داليا إيتسك مرشحة المتدينين، والقاضية المتقاعدة «داليا دورنير»، ومائير شطريت، وعالم الكيمياء الحائز على جائزة نوبل «دان شختيمان»، غير أن حظوظ مرشح الليكود تُعد الأقوى.
ريفيلين، الذى كان عضواً فى الكنيست عن حزب الليكود. تتميز مواقفه بالحدة تجاه مصر، ولا يخفى مطامعه فى سيناء معتبراً إياها «أرضاً يهودية». وكان المرشح الرئاسى أبرز المعترضين على إدخال كتيبتين من الجيش المصرى قوامهما 800 جندى لمواجهة الإرهاب الذى تصاعد بعد عزل محمد مرسى. واعتبر ذلك خرقاً لاتفاقات معاهدة السلام. وعلق وقتها ريفيلين قائلاً: «إن ذلك يهدد أمن إسرائيل. كيف يوافق الكنيست على هذا؟»، وأكد أن الحكومة لا يمكنها اتخاذ قرار مثل هذا وحدها، مطالباً باشتراط موافقة الكنيست. ووقتها طلب كل الأوراق الخاصة بالأمر من المستشار القانونى «إيال ينون» ليدرسها، وتدخل نتينياهو وقتها وأعلن أن مصر حافظت على معاهدة السلام لما يزيد على 30 عاماً ولم تخرقها يوماً، الأمر الذى يدفع إسرائيل للموافقة على الطلب المصرى للقضاء على الإرهاب فى سيناء.