"مغيث": فرنسا لها دور في تشجيع التطرف والتمويل القطري يغذيه
أستاذ الفلسفة: الموقف السليم من الرسومات الكاريكاتورية هو "التجاهل"
الرئيس الفرنسي ماكرون خلال تشييع المدرس الفرنسي صامويل باتي
فجر الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة، والرئيس السابق للمركز القومي للترجمة، مفاجأة، بتأكيده أن "الدولة الفرنسية كان لها دور في التغاضي عن ظهور التطرف في فرنسا بل وتشجيعه"، مشيرا إلى أن ذلك بدأ منذ أيام الرئيس الفرنسي ميتران، وتطور خلال عهد الرئيس أولاند، حيث تم تشجع الشباب الفرنسي المسلم على السفر لـ "الجهاد في سوريا".
وقال "مغيث" لـ "الوطن" إنه "بسبب انتشار الجنح والسرقة بين المسلمين في الأحياء الفقيرة شجعت الحكومة وقتها قدوم وعاظ مسلمين من خارج فرنسا، لإقناع الشباب بالابتعاد عن السرقة، وبالفعل نجح ذلك في الحد من الجريمة، لكن لوحظ أن الذين أقعلوا عن الجريمة أصبحوا متطرفين يهددون البنات المسلمات غير المرتديات للحجاب بأنهم سيعتدون عليهن، ويمنعونهن من الذهاب للأندية الرياضية والساحات العامة، ونشروا التطرف في الضواحي، وكان ذلك في أواخر الثمانينات".
مغيث: فرنسا شجعت الشباب على التطوع لـ"الجهاد في سوريا"
وتوسع أستاذ الفلسفة في الحديث عن مسئولية الدولة الفرنسية عن انتشار التطرف، قائلا:"لاحقا خلال فترة حكم الرئيس فرانسوا أولاند، وضعت فرنسا هدفا بأن تزيح بشار الأسد عن السلطة، واعتبرته عدوها الأساسي، وهو ما جعلهم يشجعون رجال الدين في مساجد فرنسا على تحفيز الشباب للتطوع "للجهاد" في سوريا، ووزير الخارجية الفرنسي حينها قال إن المجاهدين الفرنسيين المسلمين يذهبون لسوريا لكي ينشروا الديمقراطية، وطبعا المسألة لم تكن على هذا النحو".
وتفجرت هذه المشكلة لاحقا، حسبما يضيف:"بعدما تم هزيمة داعش في سوريا والعراق، وبدأت مشكلة عودة الفرنسيين الذين كانوا في داعش، تماما مثلما مثلت عودة ما يعرف بالمجاهدين الأفغان (المصريين الذين سافروا لقتال الروس في أفغانستان) مشكلة لمصر، وهنا نعيب على ماكرون أنه لم ينتبه لدور الدولة الفرنسية في تعميق هذه الأزمة".
وبالإضافة لما سبق، فقد "ساهم الإعلام الفرنسي في ترك أثر في التصور الذي قاله ماكرون عن الإسلام في البيان الذي أصدره مؤخرا في هذا الشأن والذي تحدث فيه عن أن الإسلام في أزمة، حيث كان الإعلام الفرنسي يتجاهل الغالبية المعتدلة من المسلمين الفرنسيين الذين يمثلون 85%، ويقبلون بقوانين العلمانية ويعيشون ببساطة في المجتمع ولهم مراكز مهمة فيه، ويبحث عن أصحاب الخطابات المقلقة والمثيرة والمزعجة، بحيث يبدو لغير المسلم أن كل المسلمين مثل هؤلاء، في حين أن المتطرفين فئة قليلة لا تتعدى 10% لكن يتم تضخيمها، وهي لعبة إعلامية تٌستخدم لأغراض سياسية مثل تبرير هجوم فرنسا على أي بلد اسلامي".
وكان ماكرون قد أصدر بيانا بشأن الاسلام، قبل ذبح المعلم الفرنسي بأيام، أثار جدلا وردود فعل كبيرة أيضا، وقال فيه إن الاسلام يعيش أزمة في كل أنحاء العالم، وأن على فرنسا التصدي لما وصفه بالإنعزالية الاسلامية الهادفة إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية، قائلا: "ما يجب علينا محاربته اليوم هو الانفصالية الإسلاموية، لأنها مشروع ونظرية تخلط السياسية والدين، وتبرز من خلالها تجاوزات متكررة لقيم الجمهورية".
ولفت "مغيث"، إلى أن مثل هذه الصورة التي يصدرها الإعلام "تُستخدم أيضا في أغراض انتخابية، وذلك من خلال إبراز الخطر وجذب أصوات اليمين المتطرف، وهو ما يٌفسر جزءا من موقف وخطاب ماكرون حاليا، خاصة وأنه مقبل على انتخابات وفرصه في النجاح قليلة، وهو ما فعله من قبل ساركوزي قبل أن يترك السلطة في إطار حملته الانتخابية، ولعل هذا ما يؤكد بحسب أستاذ الفلسفة أن ما يهدف إليه ماكرون ليس محاولة الإساءة للنبي، وإنما محاولة إثارة بعض المخاوف أو القلق الذي يتصور أنه سيصب في صالحه انتخابيا".
المسيح تم الإساءة له في فرنسا آلاف المرات ورسمه في كاريكاتيرات لكنهم يعتبرون ذلك حرية رأي
وأضاف: "إذا بحثنا عن الإساءة فإن المسيح تم الإساءة له آلاف المرات في فرنسا، وتم رسمه في كاريكاتير آلاف المرات، وكذلك الحال مع اليهودية التي كانت خاضعة للسخرية منذ أيام فولتير، لكنهم، وفقا لثقافتهم وفهمهم لا يصنفون ذلك على أنه إساءة، وإنما حرية رأي أو نقد".
أما عن الحل بالنسبة للمسلمين أو لمن يعتبرون ذلك إساءة، فأضاف أستاذ الفلسفة: "الحل بسيط وموجود في الإسلام نفسه في الآية الكريمة التي تقول (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، فالمفروض أن نتعامل بهذه الروح، ولابد أن يفهم الناس أن ماحدث تم مثله كثيرا بالنسبة لموسى وعيسى، والناس لا تعتبر مثل هذه الكاريكاتيرات حاملة للحقيقة"، مؤكدا أن "رد الفعل السليم عليها هو التجاهل".
لكن المشكلة هنا، حسبما يؤكد أستاذ الفلسفة الذي عاش طويلا في فرنسا: "هو أن المسلمين يتعرضون لتلاعب، أو بكلمات أخرى (في ناس بتلعب في دماغهم)، وهناك شبهات قوية حول وجود تمويل خارجي يأتي من الخليج، ولاسيما قطر، لرعاية المنظمات الإسلامية التي تعمل في الضواحي، والتي تحمل في داخلها خطاب متطرف، وتدعو المسلمين لعدم الخضوع لقوانين الدولة التي يعيشون فيها".