م الآخر| هل يكون السيسى طبيب جراح؟
فاز المشير السيسى بأغلب أصوات الناخبين الذين تعددت أسبابهم لاختياره، فأغلب الناخبين يرون أنه الرئيس المنقذ، والزعيم القوى القادر على استعادة الأمن، واسترداد الاسم القديم لمصر "بلد الأمن والأمان" بعدما أصبحت بلا أمن ولا أمان.
من ناحيه أخرى، قد يرى البعض أن السيسى يجمع بين القوه والخلق الرفيع، فهو دائما يتكلم عن الأخلاق، ويستشهد بالأحاديث النبوية فى كلامه، وعلامة الصلاه تزين وجهه، وكان هذا دافع اّخر لانتخابه من قبل شريحه كبيره من المصريين.
هذا من ناحية رأى الناخبين الذين أعطوا أصواتهم للمشير السيسى، فماذا عن مؤسسات الدوله؟
بالفعل استطاع المشير فى الفتره الماضية أن يجمع بين مؤسسات الدولة، وساهم بدور كبير فى استعادة الثقة بين الشعب والشرطة والجيش.
وعلى صعيد اّخر، فهو رجل يحترم القضاء والكنيسة والأزهر، ويحظى بدعم كامل من أغلب الفنانين والمثقفين، فهو رئيس غير تصادمى، علاقاته جيدة بكل مؤسسات الدولة، بل وتمتد علاقاته الطيبة لخارج حدود الوطن، فتجده فى حالة توافق وتعاون مع أغلب الدول العربية، فهو شخصية دبلوماسية بكل المقاييس.
ولكن حالة الوفاق بين مؤسسات الدوله، هى سلاح ذو حدين، بمعنى أن الرئيس الأسبق مبارك كان أيضا متوافق مع كل مؤسسات الدولة، بل ومع أغلب القوى السياسية، لكن هذا التوافق كان فى المقام الأول من أجل الحفاظ على كرسى الرئاسة، على طريقة "ادعمونى وسأطلق لكم الحبل على الغارب"، وكان نتيجة ذلك أن الرئيس الأسبق كان يغض الطرف عن الكوسة والواسطة والمحسوبية والفساد، فكان توطيد علاقاته بمؤسسات الدولة على حساب الشعب، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن ثار عليه المصريون، ولم تستطيع هذه المؤسسات أن تسانده أمام ثورة الشعب.
ولكن إذا كان المشير السيسى قادر على أن يكون متوافق مع مؤسسات الدولة، وفى نفس الوقت يكون لديه خطة واضحه للقضاء على المحسوبية، ولتطهير المؤسسات من الداخل بالتدريج، فبذلك (سيصب هذا التوافق فى مصلحة الشعب)، فهل المشير السيسى قادر على تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟
هل المشير السيسى قادر على أن يجمع بين العلاقة الطيبة مع مؤسسات الدولة وفى نفس الوقت يقضى على الفساد المتغلغل فى جذورها لصالح المواطن البسيط؟
باختصار هل يكون السيسى طبيب جراح، فيستأصل الفساد من جسد الدولة، دون الإضرار بباقى الجسد، أو دون إحداث اّثار جانبية؟